“داعش”… الفئة الباغية أم الفرقة الناجية؟ د. عمران الكبيسي

“داعش”… الفئة الباغية أم الفرقة الناجية؟        د. عمران الكبيسي
آخر تحديث:

شبكة أخبار العراق :كتبت آلاف المقالات عن سوريا والعراق وفلسطين وليبيا والخليج ومصر وتركيا وإيران، وكتبت في السياسة والاجتماع والأدب والحب والكراهية، فما وجدت صعوبة كالتي أجدها في الكتابة عن “داعش”، وسمعت وقرأت وشاهدت عنها الكثير فخرجت بالصداع، هذا ينفي وذاك يؤكد، داعش ملأت الدنيا وشغلت الناس. ومازلنا نجهل من يقف وراءها؟ ومن يسلحها؟ ومن يمولها؟ ولماذا تركتها الاستخبارات العالمية على رسلها تتوسع وتكبر لتشكل خطرا على السلم العالمي؟ أوراء الأكمة ما وراءها؟هل داعش فرع انشق من الدولة الإسلامية والقاعدة؟ أم شتلة مستقلة؟ من أين خرجت؟ وكيف نمت وتسلحت واستفحلت وتجاوزت نظيراتها من التنظيمات الجهادية؟ وإذا لم أكن مخطئا، سمعنا المالكي يصفهم بالقلة في صحراء الأنبار العراقية وقصفتهم قواته وفرقت شملهم كما زعم! ولو كانوا كثرة ماذا كانوا يفعلون؟ وكيف غفل عنهم أبناء الصحوات والعشائر الذين سبق أن أجلوا القاعدة وطهروا المحافظات السنية منها؟ وكيف استطاعت داعش فجأة الظهور بقوة تفتقرها الدول؟ وتحارب على أكثر من جبهة في آن واحد في سوريا ولبنان، وتعتدي على حرس حدود السعودية، وتحتل الأنبار الموصل وصلاح الدين، وتطرد مئتي ألف عسكري، جيش وشرطة دربتهم القوات الأميركية وسلحتهم بسلاحها؟ فتقتل فريقا وتأسر آخر ويفر القادة ومن أسعفه الحظ بالهرب، لتغنم داعش بسويعات ثلث مساحة العراق، ونصف أسلحة جيشه، وتقيم دولة خلافتها؟ كيف استطاعت داعش أن تقف بوجه إيران وضد التحالف الدولي العربي والغربي، فهل أصبحت داعش دولة عظمى كأميركا وروسيا وبريطانيا ونحن لا ندري؟ حيرتنا داعش، وحيرنا الإعلام العربي والعالمي بفوضويته، ولم نعد نعرف الصدق من الكذب، الغريب أننا نتصل ببعض أصدقائنا في الموصل فنجد من يقول “الحياة في ظل داعش أفضل منها في ظل حكومة المالكي، حيث اختفت الاغتيالات والتفجيرات والاختطافات ولا مفارز تفتيش ولا حواجز أزيلت العوائق وفتحت الطرق، وبدأ الشباب يتنزهون ويسهرون ليلا، وتوزع داعش الرواتب للموظفين، وتستورد الغاز وتوزعه للمواطنين”، ونسمع من آخرين ونرى في الإعلام العربي والعالمي غير ذلك، أخبارا متناقضة يغلب عليها القتل والاعتقال والتهجير والتفجير والإعدامات، والسلب والنهب، وفرض الحجاب على الحيوانات فضلا عن النساء، ومنع التدخين، وتفجير القبور والمراقد، وتهجير الشيعة والمسيحيين، وختان البنات. وهناك من يؤكد وهناك من ينفي، والمثل يقول “يفوتك من الكذاب صدق كثير” ضاع الصدق وسط الكذب، وتغلغل الكذب بين الصدق.

لا ندافع عن داعش ولا عن أسلوبها الغريب في التعامل مع الناس، ولا ننفي ما ارتكبت من أخطاء، “وسوء الظن من حسن الفطن” وهناك من يرى أن داعش صناعة أميركية صهيونية أو إيرانية سورية، فقد جعلت من تقسيم العراق أمرا واقعا، وفتحت الباب أمام الأكراد للاستيلاء على كركوك، وقد تكون جرت العرب السنة إلى محرقة وحرب مع إخوانهم الشيعة أشبه بالمحرقة السورية، وأساءت بتجاوزاتها إلى ثورة أبناء العشائر السنية والأحزاب القومية، يكون المالكي وجيشه فر عن قصد أيضا ليمهد لداعش مهمتها؟ وماذا عن الأكراد أصدقاء الأميركان؟ ماذا بعد الصمت والسكوت والانسحاب الغامض؟ أم أن داعش تعلمت من أخطائها وتعاونت مع جهات ثورية مخلصة وأقدمت على ما أقدمت عليه بدافع حرص على مستقبل العراق وبهدف تخليصه مما فيه؟ وهناك إعلام رخيص معاد للعراقيين يروج ضدها، والشاهد ليست داعش وحدها من ترتكب الأخطاء الفادحة تقتل وتهجر؟ في سوريا شبيحة وفي العراق عصائب الحق وفي اليمن الحوثيون والقاعدة، وعشرات المليشيات الحكومية التي تفعل أكثر مما فعلت داعش.

داعش هجرت الآلاف، وفي سوريا والعراق وغزة والفلوجة ملايين المهجرين، وفجرت داعش تماثيلا ونصبا، وفجرت المليشيات الحكومية وقوات الاحتلال مئات النصب والتماثيل العراقية، وفجرت داعش مقامات وقبور ومسجد هنا وكنيسة هناك، لكن المليشيات الطائفية تستخدم سيارات الجيش والشرطة وملابسهم وسلاحهم لتفجر وتقصف مئات المساجد والدولة تتفرج، وفجرت وقصفت إسرائيل المستشفيات والمدارس والعمارات والمساجد وقتلت وجرحت وهجرت مئات الآلاف بقصف طائراتها ودباباتها، في العراق أربعين مليشية إرهابية طائفية وعنصرية تعرفها أميركا ولا تتكلم عنها، داعش تحجب النساء، وجيش المهدي يعدمهن بالرصاص في زيونة ومدينة الصدر، ويعدم السجناء بلا محاكمة، فلماذا تركز الدول الكبرى ووسائل الإعلام في جرائم داعش وتسكت عن جرائم إبادة أكبر منها وأقسى.

 داعش تحتل الفلوجة والموصل وصلاح الدين بالقوة وتضطهد أهلها، فلمصلحة من يعاقب المالكي جميع سكان المحافظات السنية يحاصرهم ويجوعهم ويهجرهم بقصف مدنهم، وقطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء ويوقف صرف رواتبهم الشهرية، هل يعاقبهم ليتركهم لداعش تكسبهم لصالحها أو تتحكم فيهم بالعنف؟ ولماذا لم تساعد الدولة المهجرين المسيحيين والأزيدية؟ فمن تكون داعش؟ وما الفرق بين أمير داعش والمالكي والأسد ونصر الله والحوثي  ونتنياهو؟ الكل يقتل ويهجر ويفجر؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *