دعاية النواب .. وجرائم النواب

دعاية النواب .. وجرائم النواب
آخر تحديث:

محمد عبد المحسن الخفاجي

إنقضت سنوات عدة على تجربة العمل البرلماني بعد العام ٢٠٠٣.وبعد هذه السنوات اطمأن برلمانيون كثيرون إلى أنهم حققوا ما يشتهون من ثراء وعيش رغيد، ولو على حساب القيم والمصالح الوطنية.وفي ظل العملية السياسية ،التي تجري تحت سقفها عملية الترشيح والإنتخاب، يعتقد معظمهم أن فرص فوزهم من جديد بمقاعد مجلس النواب في الإنتخابات المقبلة ما تزال كبيرة رغم ما سجل عليهم من تهم، وما شاب أداءهم من خمول أو سوء استخدام للسلطة وانحراف عن مهام السلطة التشريعية أو الفساد، حتى بلغ عدم المبالاة ببعضهم حد الإعتراف على الملآ بارتكابهم أفعالاً تشكل جرائم فساد خطيرة!.

ومثلما أطلّوا على المواطنين في الدورات السابقة بصورهم الكبيرة، وشعاراتهم ووعودهم الخلابة في الشوارع والميادين، وأفلامهم الدعائية التلفزيونية خلال حملاتهم الإنتخابية السابقة، سنراهم يطلون من جديد.

وفي ظل واقع يبعث على الإحباط وخيبة الأمل، وتضاؤل الأمل في الإصلاح، سيتكرر ظهور وجوه تعاود إطلاق وعودها من جديد كما فعلت من قبل.

ومع ركام الفساد والعبث بمصالح الشعب والوطن، وتوالي الفضائح، فإن ثمة أسئلة مغلفة بالتعجب تُلِّح على الأذهان :

ماذا سيقول لجمهور الناخبين ذلك النائب الذي اتهمه نائب آخر على الشاشات بأنه وآخرين من كتلته قاموا بتهريب (٨٠٠ ) مليون دولار؟!.

ماذا ستقول تلك النائبة للآلاف الذين انتخبوها بعد أن اعترفت ، على الشاشات أيضاً، بالفساد محاولة استخدام وصف (مهذّب) للرشاوى التي تقاضتها بأنها (كومشنات) ضمن نعمة نيل جزء من (الكيكة) ؟!.

بماذا سيعد الناخبين هذه المرة ذلك النائب الذي وزع لجمهرة منهم قبل الإنتخابات الماضية سندات ملكية أراضٍ سكنية اتضح بعدئذٍ أنها وهمية ؟!.

وبماذا سيواجه الناخبين ذلك النائب الذي تباهى على الشاشات بأنه قد (رتّب أموره) معبراً عن عطفه على أبنائه الذين لم يرتب أحد لهم أمورهم، بالتزامن مع انتشار صور لياليه الملاح في نوادي بيروت الليلية؟!.

وكيف ستكون دعاية ذلك النائب الذي تبجح على الشاشات أيضاً بأنه تقاضى من أحدهم عدة ملايين من الدولارات، مباهياً ببطولته لأنه خدع الراشي ولم يقم بما كان مطلوباً منه لقاء الرشوة، وكأن عدم القيام بالعمل المطلوب لقاء الرشوة يمسح الجريمة؟!.

وماذا سيقول للناخبين ذلك النائب الذي كان يفترش الأرض أمام العدسات وسط ذوي ضحايا معسكر سبايكر، ويكيل لهم الوعود بالوصول إلى مصائر الضحايا، ثم تلاشت تلك الوعود وطواها نسيانه بعد أن جلس مستريحاً تحت قبة البرلمان؟!.

ماذا سيقول لجمهور الناخبين أولئك النواب الذين تعج الصور المتداولة بسندات ملكية عقاراتهم الفخمة في لندن ودبي وبيروت وعمّان ومدن أخرى في العالم؟!.

هل سيشعر هؤلاء وأمثالهم بوخز من ضمير أو مراجعة للنفس قبل أن تتعالى من جديد أصواتهم بشعارات فارغة ووعود يعرف الجاهل والحكيم أنها محض ادعاء ووسيلة إلى المغانم غير المشروعة؟!.

أظن أن الإجابة المؤكدة هي النفي.ومع هذا النفي تثور أسئلة أكبر وأهم تظل تتردد :

أليست هذه الأفعال جرائم خطيرة؟.

ألا يبادر الإدعاء العام – بحكم واجبه القانوني – للقيام بتحريك الدعاوى الجزائية ضدهم باسم المجتمع الذي يمثله، لتقود إدانتهم وعقوبتهم بعد ذلك إلى إفراغ جوف كل منهم مما ابتلع من أموال الشعب؟.

سمعنا من قبل من يدعي أن ما يرد في وسائل الإعلام لا يمكن أن يعدّ اعترافاً أو بلاغاً صالحاً لتحريك الدعاوى؟.

يا أعزائي، قانون الإدعاء العام ترك لجهاز الإدعاء العام مجالاً واسعاً للقيام بواجب تحريك الدعوى الجزائية، فلم يقيده بوسائل محددة للقيام بهذا الواجب. وفي الدعوى المدنية سمح للقاضي بالإستعانة بالوسائل العلمية الحديثة في الإثبات، فلماذا الإصرار على إهمال الإعلام في ملاحقة الفاسدين؟. خذوا المثل من استعانة المحكمة الإتحادية بفيديو للتحقق من عدد الأصوات في جلسة لمجلس النواب خلال دعوى عرضت عليها.إنها جرائم خطيرة يرتكبها نواب استسهلوا إطلاق الوعود مثلما اطمأنوا إلى غياب المساءلة فانغمسوا في أكل السحت دون رادع.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *