جعفر الونان
مضي رئيس الوزراء حيدر العبادي ويمضي فريقه الحكومي معه بنشاط وحيوية باتجاه الايفاء في تحقيق بنود البرنامج الحكومي الطموح و الشاق في آن معاً، بعض الامور المهمة رأت النور وآخرى أكثر أهمية لم تر النور، الواقع الحقيقي يحكي غير الواقع المكتوب، فالمنطق يقول أن المعوقات الكبيرة التي تواجه العبادي في المستقبل لاتقف عند توافقات الكتل السياسية ولاتنحصر في غرفها ، بل تعود إلى عيوب تأسيس العملية السياسية في النظام الجديد ، بمعنى أكثر وضوحاً أن بعض المعوقات التأسيسة في العملية السياسية ستقف حائلاً أمام تنفيذ بنود البرنامج الحكومي.
يستطيع رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يكسب قلوب المواطنين أكثر من خلال بعض الاجراءات البسيطة والقرارات التي تسهم في توفير الخدمة للمواطنين .أبرز تلك الاجراءات أن يحفز العالم والمجتمع الدولي على الاهتمام بالجرائم التي ترتكبها عصابات داعش الارهابية في استهداف المواطنين العزل الذين يتجولون في الاسواق الشعبية كما تمكن الاردن من تحفيز العالم على رفض جرائم داعش في حرق الطيار معاذ الكساسبة.لاشك أن تكرار التفجيرات التي تستهدف المواطنين العزل والفقراء يوجب العمل على انهاء منابع التمويل الداعشي في بغداد وتجفيفه عبر تطوير الأجهزة الأمنية بما يتلائم مع طبيعة الحرب داخل المدن .
إن الدعم الدولي للعراق في هذه المرحلة لابد أن يسير بشكل صحيح في الاهتمام الدولي بالدم العراقي ورفض اراقته بهذا الصورة العبثية ، وأن لايكتفي بذلك ، بل من المهم أن يتجاوز جدران المنطقة الخضراء وأن يقترب إلى الواقع ويلتقي وجها ً لوجه مع المواطنين في المقاهي والأسواق والمراقد المقدسة وساحات كرة القدم وغيرها من تجمعات هذه اللقاءات ، وهي التي تنقل إليه الصورة من دون ضباب أو تزويق.
الحكومة عليها كسر الحلقة المفرغة بين المواطن والمسؤول وأن لايكون موسم اللقاءات فقط في موسم الانتخابات ، كل هذا مرهون بطرائق استخدام الإدارة الحديثة الذي يؤكد عليه البرنامج الوزراي للحكومة، يرافق ذلك أهمية قصوى في أن يطلع العبادي على مايُكتب من قبل الصحافة ،وأن لايهتم إلى المقالات المادحة أو تلك السابة والشاتمة، بل يتفاعل مع صحافة العينين التي تشخص الحالة من دون حجب أو حذف أو اضافة .من ضمن الاجراءات التي تقرب المواطن إلى الحكومة العمل على تقليص الروتين المُتبع في المؤسسات الحكومية وفتح الخدمة الوظيفية المسائية ، وأن لايختصر عمل المؤسسات على الدوام الصباحي ولا على كاتب العدل !كما أنه من الضروري أن يبتعد الفريق الحكومي عن أسلوب تشكيل اللجان المخدرة مع الأزمات ، فهذا الأسلوب بات مكشوفاً ،ومن المهم العمل على قانون ” الصراحة ” مع المواطن ، فهو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يمتص فورة الشارع.
ويمكن لكل وزير ومسؤول في الدولة أن يقضي يوماً من شهره الوزاري في باب وزارته ليطلع على حجم المشاكل والمعوقات ومستوى الأداء الوظيفي ، ليس هذا فحسب ، بل إن الاتصال الالكتروني بين المسؤول والمواطن امر ضروري وسيحقق تحولاً في نمطية الإدارة المتبعة ، وبهذه المناسبة اذكر أن جوهان فان دورزن وزير الرعاية والصحة في مملكة بلجيكا وضع في غرف المستشفيات هاتفه الشخصي و”ترجى” مرافقي المرضى أن يتصلوا به عندما يلاقون مشكلة في الخدمة الطبية.
ليس أمرا صعباً أن يصل مستوى التواصل بين المسؤولين في الحكومة والمواطنين إلى هذا المستوى من التفاعل في حال اراد القائمون على الشأن الحكومي أن يخدموا المواطن بالقول والفعل.الاصرار على ترك المكاتب الفاخرة والكراسي التي لاتغني من جوع ، والعمل على تحقيق لغة المواطنة بدلاً من لغة المكونات والجماعات والاحزاب والدفاع عن حقوق المواطن من التحديات البارزة التي تواجه الفريق الحكومي في المرحلة المقبلة .مطلوب من وزراء الحكومة أن يفصلوا بين الانتماء إلى الكتل السياسية وبين العمل ضمن الفريق الحكومي فقد لايدوم شهر العسل بين الكتل السياسية ولايصمد أمام اول أزمة من الازمات ذات الرؤوس الكبار ، لكن أعضاء الفريق الحكومي عليهم أن لا يهادنوا ولا يساوموا ولا يستكينوا ، ويجعلوا حلم الدولة والمواطنة ممكناً بلا منة من أحد.