آخر تحديث:
بقلم: علي الكاش
الحكومات الواعية هي التي تبذل كل الجهود الممكنة لإسعاد شعبها، وتجعل من الوطن قبلة للعالم في تطوره التقني والثقافي والإجتماعي، وتجعل من مواطنها بغض النظر عن مؤهلاته العلمية والأدبية ممثلا حقيقيا لمكانة الدولة بكل قيمها ومقدراتها. لذلك جواز السفر الذي يحمله المواطن يمثل له مصدر قوة دولته ومنزلتها أمام بقية الدول، وهذا ما نلاحظه في الدول المتقدمة والمتطورة حضاريا. اما الدول الضعيفة كالعراق والصومال وافغانستان وغيرها فإن مكانة مواطنيها هي بنفس المستوى المتدني من مكانة حكومتهم مع بقية الدول، لذلك لا قيمة لمواطني هذه الدول عند بقية الدول المتقدمة، وهذا ما نلاحظه من خلال طريقة التعامل مع مواطني الدول المتخلفة في المطارات على أدنى تقدير.
هذا الأمر يكشف لنا لماذا يحتفظ زعماء العراق بجوازاتهم الأجنبية ويرفضوا الإستغناء عنها إعتبارا من رؤساء الجمهورية ورؤساء مجلس الوزراء ومعطم الوزراء والبرلمانيين وأصحاب الدرجات الخاصة من مدراء عامين وسفراء، بالطبع هناك سبب ربما أهم، يتمثل بالحصانة التي تتحقق لهم عبر الجوازات الأجنبية سيما غالبتهم من كبار اللصوص والفاسدين على حد تعبير الرئيس الأمريكي ترامب، وهذه حقيقة يدركها القاصي والداني. فحكومات الإحتلال المتتالية تتألف من شياطين مردة، وشياطين خرساء، أما المردة فهم الفاسدون واللصوص والإرهابيون من زعماء الميليشيات الإرهابية المسعورة، أما الفئة الثانية فهم الساكتون عن الحق، والمنددون بالفساد عبر وسائل الإعلام فقط، وهم يتمتعون بنفس إمتيازات اللصوص والفاسدين من الناحية الرسمية.
وهناك نوع آخر من الحكومات، وهي الحكومات الرشيدة، وهذه لا تختلف عن سابقتها من حيث التطور السياسي والإقتصادي والإجتماعي للدولة إلا في جانب واحد، وهو أن إهتمامها لا يقتصر على الحاضر بل يتعداه الى المستقبل، فهي تؤمن للشعب الحالي كل مستلزمات الرفاه والرخاء والعيش الكريم، لكنها بنفس الوقت تنظر الى أبعد من ذلك وهو حق الأجيال القادمة بالحصول على نفس الإمتيازات المتحققة للشعب الحالي او أكثر، لذلك فإن مقدراتها الإقتصادية لا تستغل بأكملها بما فيها الثروات الطبيعية، على إعتبار إن للأجيال القادمة حقا فيها، ولا يجوز التجاوز على هذه الحقوق مهما كانت الأسباب والدوافع.
وهذا الأمر لا يتوقف على الثروات الطبيعية فحسب بل إلى الإحتياطات النقدية، فدولة مثل النرويج على سبيل المثال، لا تتعدى نفوسها (5) مليون نسمة، لا تعتمد على النفط مع وفرة إحتياطيها منه، بل هناك الثروة السمكية، علاوة على منتجات المصانع والمعامل والمزارع التي تؤمن معظم إحتياجتها على الرغم من الظروف غير الملائمة للزراعة بسبب الشتاء الطويل والثلوج التي تعم طوال الشتاء، فإعتمادها الرئيس هو تدوير العملية النقدية من خلال الضرائب التي تصل في بعض الأحيان إلى 40% من دخل الفرد علاوة على ضرائب أخرى. علما إن الإحتاطي النقدي حوالي (3000) مليار دولار، وهذا إحتياط سيادي لا يمكن السحب منه إلا في ظروف خاصة ومحدودة، ولم يسحب منه لحد الآن.
ربما يقول البعض كيف تقارن العراق بدولة عظيمة كالنرويج؟
نقول نهضة النرويج كانت في بداية السبعينيات من القرن الماضي بعد إكتشاف النفط في بحر الشمال، أي عندما كان العراق يعد من الدول الغنية في العالم، وكان يتبرع الى العديد من الدول العربية والأجنبية بالهبات النقدية والعينية بغباء ورعونة لم يقم بها أي نظام في العالم، وكان الشعب النرويجي يعاني من الفاقة المريرة، وحصلت هجرتان كبيرتان الى الولايات المتحدة بسبب الفقر. لذا فإن المقارنة منطقية ومشروعة.
ما الذي قدمته حكومات الإحتلال الشيعية للشعب العراقي على الرغم من الميزانيات الإنفجارية التي تجاوزت الألف ملياردولار من عام 2004 ولغاية عام 2015؟
أهم منجزات الحكومة: بلغ خط الفقر ما يقارب 40%، والبطالة تجاوزت 35%، العراق أفسد دولة في العالم (المرتبة 161)، وبغداد أوسخ عاصمة في العالم، علاوة على ملايين من النازحين والمهجرين في الداخل، وملايين من اللاجئيين في الخارج، وملايين الأيتام والأرامل، وحوالي 7 ملايين من الأميين والمتهربين من الدراسة، وحالة طلاق كل عشرة دقائق، تفشي الفساد الأخلاقي عبر زواج المتعة الذي تباركه المرجعية وتحث عليه، مئات الألوف من المدمنين على المخدرات، وعشرات الميليشيات المسلحة (100) ميليشيا خارج الحشد الشعبي وفق تصريحات رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تهريب النفط عبر المافيات والميليشيات الرسمية، تعزيز النزعة الطائفية والقومية والدينية، والإقليمية والعشائرية، والسماح ببناء الدولة العميقة التي صارت أقوى من الحكومة، بل تُسيرها وتفرض إرادتها على كل قراراتها، بما فيها السياسة الخارجية، فقدان السيادة الوطنية والسماح بتدخل دول الجوار بالشأن الداخلي العراقي، السيطرة على عائدات المنافذ الجوية والبحرية والبرية من قبل المليشيات الشيعية، إنتفاء الخدمات البلدية والصحية والتربوية، تدمير المحافظات السنية حصرا بحجة التحرير، وهو تدمير وليس تحريرا، فلم يدمر تنظيم الدولة الإرهابي عشر ما دمرته قوات التحالف والجيش العراقي والحشد الشعبي عبر العمليات العسكرية غير المبررة الكثير منها، بل كانت بفعل الحقد الطائفي وتنفيذ الأجندة الإيرانية.
لنلق نظرة إحصائية مبسطة عن واردات ونفقات الحكومة العراقية، ونلحقها بتركتها للأجيال القادمة.
تضمنت مسودة الميزانية التي رفعها مجلس الوزراء السابق الى البرلمان الآتي:
حجم النفقات: 108 مليار دولار.
العجز المالي: 19 مليار دولار.
معدل تصدير النفط: 3.880 برميل يوميا.
سعر البرميل التخميني: 56 دولارا للبرميل الواحد.
وحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي إن إيرادات العراق ما يقارب (174) مليار دولار، 16% منها ديون.
كارثة المديونية
-
الديون الخارجية:
توقع صندوق النقد الدولي أن يكون حجم الديون الخارجية للعراق (160) مليار دولار للعام القادم 2019، والديون الخارجية تمثل نسبة 67% منها. بالطبع من ضمنها ديون العراق المتبقية من قرض نادي باريس والتي بلغت 51 مليار دولار عام 2014 وتبقى منه 5 مليار دولار على الحكومة العراقية أن تدفعها خلال السنوات القادمة مع الفوائد المترتبة عليها.
-
الديون الداخلية: