رايتس ووتش:حكومة الكاظمي ترتكب جريمة اخرى بحق النازحين بغلق مخيماتهم إلى التشرد والفقر ومخالفة المادة 30 الدستورية

رايتس ووتش:حكومة الكاظمي ترتكب جريمة اخرى بحق النازحين بغلق مخيماتهم إلى التشرد والفقر ومخالفة المادة 30 الدستورية
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الأربعاء (2 كانون الأول 2020)، تقريراً بشأن العمليات التي تقوم بها وزارة الهجرة العراقية بإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم، فيما حذرت من انتشار “التشرد والفقر”، بين سكان المخيمات.وقالت المنظمة العالمية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، في تقريرها ، إن “العمليات الجارية لإغلاق مخيمات النازحين في العراق دون إعطاء مهل كافية، يؤدي ببعض سكان هذه المخيّمات إلى التشرد والفقر”.وأضافت، أنه “على السلطات إعطاء حرية التنقل لسكان المخيمات التي كانت أحيانا بمثابة سجون في الهواء الطلق. اتخاذ الحكومة مجددا لإجراءات من أجل تسهيل توثيق العائلات، هو خطوة إيجابية، لكن ينبغي ألا تُجبِر السلطات سكان المخيمات على الخروج دون أن تكفل أوّلا سبل بديلة للحصول على المأوى والغذاء والماء والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية في بيئة تتسم بالأمن والسلامة”.وقالت بلقيس والي، باحثة أولى في شؤون الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش إن “إعادة إدماج العائلات التي قضت سنوات في المخيمات في المجتمع العراقي لتتمكن من بدء حياة طبيعية هي خطوة إيجابية، لكن النهج الحالي المتمثل في إجبار الأشخاص على الخروج من المخيمات التي وفرت لهم الطعام والمأوى والأمن لسنوات، بمهلة أقل من 24 ساعة غالبا، سيزيد من ضعفهم”.وتابعت المنظمة أنه “منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، أغلقت السلطات 11 مخيما، وحوّلت مخيّمين آخرين إلى مخيّمات غير رسمية، ما أدى إلى إخراج 27,191 من سكانها على الأقل، معظمهم نساء وأطفال، بحسب عمال الإغاثة. عند نشر هذا التقرير، كانت هناك فقط خمس مخيمات لا تزال مفتوحة بينما تجري المزيد من عمليات إغلاق المخيمات”.ونقلت “رايتس ووتش”، عن اللجنة العراقية المكلفة باغلاق المخيمات، قولها، إنها “تهدف إلى إغلاق جميع المخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة بغداد بحلول ديسمبر/كانون الأول 2020، وتلك الموجودة في إقليم كردستان العراق بحلول 2021، حسبما ذكر ثلاثة عمال إغاثة لهيومن رايتس ووتش”.

وبقيت العديد من العائلات في المخيمات لأنها لم تتمكن من استصدار الوثائق المدنية اللازمة أو خشية الانتقام إن عادت إلى ديارها لأنه قد يكون لبعضها صلات بداعش. هناك آخرون غير قادرين على دفع الإيجار أو تكاليف الخدمات الأساسية أو إعادة بناء منازلهم المدمرة، أو ممن تفتقر مناطقهم الأصلية إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.ووثقت تقارير هيومن رايتس ووتش كيف أن السلطات العراقية اتخذت قرارات بشأن المكان الذي يمكن أن تعيش فيها تلك العائلات دون التشاور معها كما ينبغي، وقررت إما ترك العائلات في المنطقة التي فروا منها أو نقلها إلى مخيم آخر أو إجبارها على العودة إلى المناطق التي توجد فيها منازلها. حتى الآن، لم تنظر الحكومة في الوضع الخاص لكل أسرة ونقاط ضعفها قبل طردها من المخيمات. قال عمال الإغاثة إن الحكومة تحاول وضع خطة لعمليات العودة تراعي هذه العناصر لكنها لم تضعها بعد. كانت حملة الحكومة الأخيرة لإغلاق جميع المخيمات المتبقية من السرعة بحيث أجبرت الأشخاص على المغادرة دون مهلة كافية لكي يعرف هؤلاء ما إذا كان ذلك آمنا لهم، أو كيف سيحصلون على سكن.

من 11 إلى 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قابلت هيومن رايتس ووتش خمسة من سكان مخيم حمام العليل في نينوى وثلاثة من مخيم المدينة السياحية في الحبانية، طلب جميعهم عدم ذكر أسمائهم. أغلقت السلطات مخيم حمام العليل في 14 نوفمبر/تشرين الثاني وطردت 8,585 من سكانه على الأقل. أُغلِق مخيم المدينة السياحية في الحبانية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، رغم أن السلطات سمحت بإبقائه مفتوحا بشكل غير رسمي لأن أكثر من 200 عائلة في المخيم ليس لديها مكان آمن تقصده. أجرت قوات الأمن في حمام العليل “تدقيقا أمنيا” لسكان المخيم قبل طردهم منه، وساعدت في إطار هذه العملية في تسهيل حصول العائلات التي ليس لديها وثائق ثبوتية على وثائق مدنية.

وكانت قوات الأمن في السابق ترفض في السابق إعطاء التصاريح الأمنية اللازمة لاستصدار وثائق الهوية وغيرها من الوثائق المدنية الأساسية لآلاف العائلات العراقية التي ترى أن لها صلات بداعش، عادة بسبب اسم العائلة أو الانتماء العشائري أو المنطقة التي تنحدر منها هذه العائلات. حرم ذلك العائلات من حرية التنقل ومن حقها في التعليم والعمل والمزايا الاجتماعية وشهادات الميلاد والوفاة اللازمة للميراث أو الزواج مرة أخرى. منعت السلطات آلاف الأطفال ممن ليس لديهم وثائق مدنية من الالتحاق بالمدارس الحكومية، بما في ذلك المدارس في مخيمات النازحين. إجراءات إصدار الوثائق الموازية لعمليات الإغلاق هي تطور إيجابي.

مع ذلك، قال عمال إغاثة في مخيمَي حمام العليل والمدينة السياحية في الحبانية لهيومن رايتس ووتش إن السلطات هناك أجبرت بعض العائلات على إجراءٍ يُعرف بـ”التبرية” [التبرئة]، للحصول على تصريح أمني قبل مغادرة المخيم. تتطلب هذه العملية من العائلات فتح شكوى جنائية تتبرأ فيها من أي قريب يشتبه في انضمامه إلى داعش. بعد تقديم الشكوى، تُصدر لهم المحكمة وثيقة تمكّنهم من الحصول على التصريح الأمني.

وبعد الانتهاء من عمليات التدقيق وإصدار الوثائق، أمهلت قوات الأمن سكان المخيم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ما بين يوم واحد وسبعة أيام فقط لاختيار ما إذا كانوا سيعودون إلى ديارهم أو سيستقرون في مكان آخر في البلاد، ولم يُمنح معظمهم إلا 24 ساعة. لم تُتح لأي منهم وسيلة نقل حكومية مجانية إذا لم يكونوا عائدين إلى ديارهم، ولا أي دعم مالي، رغم أن الحكومة وعدت بمنح جميع العائدين حزمة تعويضات بقيمة 1,500 دولار أمريكي. من غير الواضح إن كانت العائلات التي لا تعود إلى ديارها وتستقر في مكان آخر ستتلقى هذه المساعدة المالية.

وقالت جميع العائلات التي قابلناها إنها لن تعود إلى ديارها بسبب مخاوف على سلامتها الشخصية. تمكن البعض من الانتقال إلى مكان آخر، ولو أنهم واجهوا مصاعب لتسديد الإيجار. قال رجل من الأنبار طُرد من مخيم المدينة السياحية في الحبانية إن قوات الأمن أعطته خيار الانتقال إلى مخيم آخر لم يُغلق بعد في المنطقة، لكنه رفض واختار بدلا من ذلك استئجار منزل في مدينة أخرى.

وقال: “نقلتني السلطات ثلاث مرات منذ 2017. لا أعرف لِمَ يستمرون في نقل الناس من مخيم إلى آخر. إذا كانت الحكومة لن تمنحنا تعويضات لنتمكن من إعادة بناء منازلنا وتسديد تكاليف الخدمات الأساسية وضمان أمننا، لماذا تُغلِق المخيمات؟”.

ووفقا لعمال الإغاثة الذين يتتبعون عمليات الطرد من المخيمات، أفادت عائلات عديدة من التي أُجبرت على الخروج من مخيم حمام العليل أنها تكابد لتسديد تكاليف الخدمات الأساسية في المناطق التي استقرت فيها. قال عمال الإغاثة الذين تابعوا مغادرة المخيمات في الفترة من أغسطس/آب إلى أكتوبر/تشرين الأول إن 50% من النازحين تدنى حصولهم على الغذاء بعد المغادرة، و60% بتدني حصولهم على الماء. قال 25% إنهم لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الصحية. هذه الأرقام مثيرة للقلق خاصة مع انخفاض درجات الحرارة وتفشي فيروس “كورونا” في العراق. قال عمال الإغاثة أيضا إن بعض العائلات تعاني منذ عودتها من “المضايقة اليومية” والابتزاز على يد المجتمعات المحلية.

وقال أربعة من السكان الذين قابلناهم إنهم أرادوا العودة إلى ديارهم لكن السكان المحليين منعوهم من ذلك وأجبروهم على مزيد من النزوح، مما زاد من ضعف بعضهم.

العراق ملزم بموجب القانون الدولي بحماية واحترام الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك ضمان حصول كل فرد على ما يكفي من الغذاء والماء وخدمات الصرف الصحي والسكن. تنص المادة 30 من دستور العراق على أن الدولة “تكفل للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرّة كريمة، تؤمّن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم”.

على السلطات أن تكفل لكل شخص في العراق حق استصدار وثائقه المدنية وأن توقف جميع المساعي الرامية إلى طرد السكان من المخيمات حتى تجدد السلطات وثائق هويتهم. ينبغي للسلطات، قبل إغلاق أي مخيم، ضمان إمهال العائلات في المخيمات 30 يوما على الأقل، وإعطاؤها معلومات كافية لتحدد المكان الذي تريد الانتقال إليه، مع توفير وسيلة نقل ميسّرة إلى المكان الذي تفضله.

على السلطات ضمان تزويد العائلات التي تضررت منازلها بالموارد المالية لاستئجار عقار وأيضا مساعدتها في إعادة بناء منازلها. عليها أن تكفل للعائلات التي لا تستطيع دفع ثمن الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى الحصول على كل هذه الخدمات دون مقابل.

قالت والي: “بينما يبدو أن الهدف من هذه الحملة الجديدة لإغلاق المخيمات هو تعزيز الاستقرار في جميع أنحاء البلاد، إلا أن حرمان الناس من الوسيلة الوحيدة المتاحة لهم للحصول على المأوى والطعام والماء، والتسبب للآلاف في مزيد من النزوح سيكون له تأثير معاكس في الواقع”.

قال ثلاثة من سكان مخيم حمام العليل لهيومن رايتس ووتش إنهم يريدون العودة إلى ديارهم في القيارة، نينوى. لكن بمجرد الإعلان عن الإغلاقات، زار رئيس بلدية القيارة المخيم وأبلغهم أنه لا يستطيع أن يضمن سلامتهم إذا عادوا، وحذّر من تعرضهم لأعمال عنف انتقامية محلية بسبب صلاتهم المتصورة بداعش. قالت سيدة (28) لديها ثلاثة أطفال:

لا أدري أين أذهب. لا أستطيع العودة إلى قريتي. بيتي مدمر ولن يقبل المجتمع المحلي بعودتي على أي حال، ولا يمكنني تحمل تكلفة الإيجار في مكان آخر لأنني أم وحيدة بلا دخل. كنت أشعر بالأمان مع أطفالي هنا في المخيم في وجود عمال الإغاثة. أنا امرأة شابة وقد أتعرض خارج المخيم للتحرش الجنسي. عليهم أن يسمحوا لي بالبقاء هنا بدل تعريضي لمزيد من المخاطر خارج المخيم.

قالت سيدة أخرى من القيارة إن قوات مسلحة كانت تحتل منزلها، لذا حتى لو خاطرت بالعودة، لن تجد مكانا تعيش فيه. لديها خمسة أطفال وتعتني بثلاثة آخرين. قالت إنها حتى لو وجدت منزلا تستأجره في الموصل، فليس لديها دخل ثابت. قالت: “إذا ساعدتني الحكومة في العودة بأمان إلى القيارة وبيع منزلي، عندئذ يمكنني شراء منزل جديد في الموصل”.

قالت سيدة كانت تعيش في مخيم المدينة السياحية في الحبانية سُجن زوجُها بتهم الإرهاب إنها شعرت بسعادة غامرة عندما أخبرتها قوات الأمن في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني أنها تستطيع العودة إلى منزلها في جزيرة الخالدية، إحدى نواحي الأنبار:

وعدُونا بضمان سلامتنا إذا قررنا العودة إلى ديارنا. في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، عدنا إلى قريتِي ضمن مجموعة من سبع عائلات بمواكلة مركبتين عسكريتين. بينما كنّا عند الحاجز لدخول قريتنا، جاء رجل عجوز وقال إنه يعرفنا جميعا شخصيا وأننا ممنوعون من العودة إلى الديار. حاول مرافقونا العسكريون التفاوض معه لكن ذلك لم يُجد نفعا، أجبروني على الانتقال إلى مخيم آخر في المنطقة قائلين إنه لن يُسمح لي بالعودة إلى مخيم المدينة السياحية في الحبانية لأنه أُغلِق. أريد أن أستقر في مكان واحد حتى أتمكن من تسجيل أطفالي في المدرسة وعيش حياة طبيعية مثل أي شخص آخر.

قال عمال الإغاثة إن ما لا يقل عن 121 عائلة من مخيم حمام العليل و503 عائلات من المدينة السياحية في الحبانية لم تتمكن من العودة إلى منازلها واضطرت للانتقال إلى مخيمات قريبة لا تزال مفتوحة إلى الآن. قال عمال الإغاثة الذين تابعوا عملية مغادرة المخيمات إن 33% من النازحين لم يتمكنوا في نهاية المطاف من العودة إلى مناطقهم الأصلية، وقالت أكثر من 60% من النساء اللاتي تحدثوا إليهن إنهن لا يستطعن العودة إلى ديارهن بسبب مخاوف على سلامتهن الشخصية.

قال أب لسبعة أطفال من ناحية الشورة في نينوى إن قوات الأمن أمهلته 24 ساعة لمغادرة مخيم المدينة السياحية في الحبانية: “أعطَونا خيار الذهاب أينما نريد، لكنهم لم يمنحونا وقتا للاستعداد أو حتى “لنقرر إلى أين نذهب. لم يكن لدى كثير منّا منازل قائمة ليعود إليها، وسيواجه بعضنا مخاطر أمنية إذا عدنا إلى ديارنا في مناطق تشهد توترات عشائرية”. قال إنه يستأجر حاليا منزلا في بلدة يرى أنه قد يكون فيها آمنا، لكن لديه موارد محدودة لتحمل مدفوعات الإيجار.

قال أب لسبعة أطفال من ناحية الشورة في نينوى إن قوات الأمن أمهلته 24 ساعة لمغادرة مدينة الحبانية السياحية: “أعطَونا خيار الذهاب أينما نريد، لكنهم لم يمنحونا وقتا للاستعداد أو حتى “لنقرر إلى أين نذهب. لم يكن لدى كثير منّا منازل قائمة ليعود إليها، وسيواجه بعضنا مخاطر أمنية إذا عدنا إلى ديارنا في مناطق تشهد توترات عشائرية”. قال إنه يستأجر حاليا منزلا في بلدة يرى أنه قد يكون فيها آمنا، لكن لديه موارد محدودة لتحمل مدفوعات الإيجار.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *