رايتس ووتش:كردستان تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان ترقى إلى جرائم دولية
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم الاربعاء، إن حالات احتجاز جديدة ظهرت في إقليم كردستان العراق نفذتها السلطات ضدّ رجال وصبية هاربين من الموصل للاشتباه بانتمائهم لتنظيم “الدولة الإسلامية” (“داعش”).أفاد افراد الأسر أنهم، وبعد أن اعتقلت السلطات الكردية أقاربهم، لم يتمكنوا من التواصل مع المحتجزين لمدة تصل إلى 4 أشهر، وأن السلطات لم تخبرهم عن أماكن وجود أقاربهم، وأن عائلاتهم لم تمتلك وسائل للطعن في احتجاز أقاربهم.قالت بريانكا موتابارثي، باحثة أولى في حالات الطوارئ: “المخاطر الأمنية التي تواجهها حكومة إقليم كردستان من داعش كبيرة، ولكن عزل رجال وصبية الموصل عن عائلاتهم لا يفعل شيئا لتعزيز الأمن. على حكومة إقليم كردستان، على الأقل، إبلاغ الأسر عن أماكن احتجاز أقاربهم والسماح لهم بالتواصل معهم”. قابلت هيومن رايتس ووتش أقارب 3 رجال وصبيين، من 4 عائلات، تم احتجازهم في مخيمات النازحين في الخازر ونركزلية بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2017. قال أقاربهم إن كل مُحتجز مر بعدة نقاط فحص أمني بين الموصل وأراضي إقليم كردستان. بينما احتُجز اثنان أثناء دخولهما مخيمات للنازحين، اعتقل 3 بعد أن اجتازوا عملية الفحص الأمني التي تشرف عليها الأجهزة الأمنية الكردية لدخول المخيمات. كانوا في المخيمات لمدة أسبوع أو أكثر، مما أثار تساؤلات حول سبب اختيار السلطات لاحتجازهم في تلك المرحلة.أحد هؤلاء المعتقلين صبي (16 عاما) فرت أسرته من الموصل خوفا على سلامته، بعد أن احتجزه داعش مرتين لبيع السجائر.
لم تتمكن العائلات من الاتصال بأقاربهم بعد احتجازهم، بالرغم من طلباتهم المتكررة للحصول على معلومات في معظم الحالات، كما لم تقدم السلطات معلومات موثوقة عن أماكن وجودهم. قالت هيومن رايتس ووتش إن عدم تزويد الأسر بمعلومات عن وضع وأماكن وجود أقاربهم قد يجعل من هذه الاعتقالات حالات اختفاء قسرية تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ترقى إلى جرائم دولية.بين عام 2014، عندما بدأ وصول الناس الفارين من داعش، وأواخر يناير/كانون الثاني 2017، اعتقلت قوات حكومة إقليم كردستان أكثر من 900 رجل وصبي نازحين من 5 مخيمات ومن أربيل، استنادا إلى تقارير من عاملين في المخيمات، وجماعات محلية وسكان المخيمات. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من عدد الأشخاص الذين ما زالوا محتجزين، وما إذا كان سُمح لأحد منهم التواصل مع أفراد عائلته، وما إذا كان قد تم إبلاغ أي من أسرهم بأماكن وجودهم.
وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا 85 حالة أخرى قال فيها أقارب لمشتبه فيهم بالإرهاب إنهم لا يعلمون شيئا حول مصير وأماكن وجود أقاربهم الذين اعتقلوا من قبل قوات حكومة إقليم كردستان أو القوات العراقية في المخيمات والجماعات المحلية. كان المعتقلون قد احتجزوا لمدة 4 أشهر، في وقت إجراء مقابلات مع أسرهم، دون أي اتصال أو تحديث لأفراد العائلات. وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا أيضا انتهاكات سلطات إقليم كردستان للمحتجزين، من بينهم 17 طفلا قالوا إن قوات حكومة الإقليم عذبتهم واعتدت عليهم في الحجز، وحرمتهم من الاتصال بأسرهم أو بمحام. عدم اتصال المحتجزين بأقاربهم، إضافة إلى حوادث سوء المعاملة السابقة، يزيد من خطر الاعتداء والمعاملة السيئة.
احتجزت قوات الأمن العراقية، وكذلك قوات “الحشد الشعبي”، رجالا وصبية فارين من الموصل للاشتباه في انتمائهم لداعش، وأحيانا ضربوهم وعذبوهم. في 1 يونيو/حزيران، أعلن وزير الداخلية العراقي أن أي عمليات احتجاز مستقبلية ستتم طبق “قانون أصول المحاكمات الجزائية” الذي يشترط توفر مذكرة إيقاف بناء على مزاعم بوقوع جريمة معينة من قبل شخص ما، مع ذكر تفاصيل أخرى وليس الاسم فقط، موقعة ومختومة من قبل الحكمة، قبل أن تستطيع السلطات تنفيذ الإيقاف. هذا الفحص الإداري مهم، وقد يساعد على مواجهة الاعتقالات التعسفية من قبل السلطات المركزية. المحتجزون من قبل القوات العراقية مؤهلون أيضا للتمتع بالعفو بموجب قانون صدر في أغسطس/آب 2016 ويمنح عفوا لكل من يثبت أنه التحق بداعش أو جماعة متطرفة أخرى دون رغبته، وأنه لم يرتكب أي جرائم خطيرة.
في المقابل، لم تتبنى سلطات إقليم كردستان هذه الفحوص المتعلقة بالاحتجاز على ذمة التحقيق، ولم تتبنى أي قوانين مماثلة تتعلق بالعفو، على حد علم هيومن رايتس ووتش. في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى الدكتور ديندار زيباري، رئيس “اللجنة العليا للتقييم والرد على التقارير الدولية”، أثارت فيها مسألة اعتقال الرجال والصبية في المخيمات، فضلا عن عدم إعلام العائلات حول أماكن وجودهم. رد الدكتور زيباري بأن الأشخاص القادمين من الأراضي التي يسيطر عليها داعش يتعرضون لفحص أمني إضافي “يستند إلى وكالات الاستخبارات والأجهزة الأمنية الوطنية والوكالات الأمنية المحلية في المنطقة”. قال إن أولئك الذين “يثبت أنهم يشكلون خطرا أمنيا” يتم احتجازهم لمدة 24 ساعة، ثم يتم نقلهم إلى “محاكم خاصة تحدد ما إذا كانوا يشكلون خطرا على إقليم كردستان”.
لم تُبلغ أي من الأسر التي أجريت معها مقابلات بإجراءات قانونية ضد أقاربهم. في غياب هذه المعلومات وفي ظل عدم القدرة على التواصل مع أفراد عائلاتهم، لم يحظوا بأي فرصة للحصول على مساعدة قانونية أو معرفة ما إذا كان لأقاربهم فرصة للطعن في الحجز، وفقا لما يقتضيه القانون الدولي. قال زيباري إنه في حين أن سلطات إقليم كردستان ملتزمة بإبلاغ الأسر عن وضع أقاربهم، فإن “الافتقار إلى الموظفين والموارد المالية” يجعل الأمر صعبا. إلا أن تجارب الأسر لم تشر إلى مثل هذا الالتزام. قالت امرأة إنها عندما سألت عناصر من “الأسايش”، قوات أمن إقليم كردستان، عند بوابات مخيم الخازر، عن ابنها بعد 18 يوما من اعتقاله في المخيم، قال لها ضابط: “إذا لم يرتكب أي شيء، سيعود. وإذا ارتكب شيئا [مشيرا إلى أنه يمثل خطرا أمنيا]، فلن يعود”.
قالت عائلات أخرى إنهم تلقوا ردودا مماثلة، أو قيل لهم بأن أقاربهم هم قيد التحقيق ولم يحصلوا على أية معلومات عن كيفية متابعة تحقيقهم. في إحدى الحالات قالت امرأة إن عنصرا من الأسايش أخبرها بأن زوجها محتجز في مركز احتجاز الزرقاء في ضواحي دهوك، إلا أنها لم تتمكن من التحقق من المعلومات لأن الأسايش رفضوا طلب الزيارة، ولم يقدموا أي وسيلة للتواصل معه.
على سلطات حكومة إقليم كردستان أن تبذل جهودا لإبلاغ أفراد الأسر، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الشرطة المحلية أو إدارة المخيمات، عن أماكن وجود المحتجزين والإجراءات اللازمة للتواصل معهم وزيارتهم. على السلطات أن تعلن عن عدد المقاتلين والمدنيين المحتجزين، بما ذلك عند نقاط التفتيش ومواقع الفحص الأمني والمخيمات أثناء النزاع مع داعش، والسند القانوني لاحتجازهم، بما في ذلك التهم الموجهة إليهم. وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا الأساس القانوني غير الواضح، وفي بعض الأحيان غير الشرعي، للاحتجاز المتعلق بالإرهاب في إقليم كردستان.
على السلطات الإفراج عن جميع الأطفال الذين لم توجه لهم تهمة رسمية بعد، لأن القانون الدولي يسمح للسلطات باحتجاز الأطفال قبل المحاكمة فقط كملاذ أخير ولأقصر مدة ممكنة، وفقط إذا وجهت إليهم اتهامات رسمية بارتكاب جريمة. على السلطات ضمان إعادة تأهيل الأطفال المحتجزين لمجرد الانتماء إلى تنظيم داعش وإعادة إدماجهم. كما أنه على سلطات حكومة إقليم كردستان أن تكفل إجراء مراجعة قضائية فورية ومستقلة للاحتجاز، والسماح للمحتجزين بالاتصال بمحام والرعاية الطبية والتواصل مع عائلاتهم.قالت موتابارثي:”الردود السلبية التي تلقتها العائلات لا تُحقق التزام حكومة إقليم كردستان بتزويدهم بمعلومات عن أحبائهم. عندما تبقي السلطات الرجال والصبية رهن الاعتقال لشهور، فعليها على الأقل توفير التفاصيل الأساسية للأسر التي تحتاج لأية أخبار عنهم”.