حمزة مصطفى
نميل دائما الى التذكير. فنقول رجل الدولة ورجل الاعمال ورجل المرور ورجل القضاء ورجل المرحلة “احيانا كل المراحل من بطل التحرير القومي حتى مختار العصر”. عند رثائه ام سيف الدولة عارض المتنبي الايغال في التذكير في سياق المقارنة بين الشمس والقمر قائلا “وما التانيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال”. البريطانيون حسموا الامر على طريقة المتنبي حين اطلقوا على اقوى رئيسة وزراء في القرن العشرين السيدة مارغريت تاتشر “السيدة الحديدية”. ليس مهما القول ان تاتشر امراة دولة طالما التانيث ليس عيبا لاسم الشمس. الامر يختلف عند عمرو بن كلثوم اكثر شعراء العربية نرجسية عندما جعل الشقيقات الثلاث يتبارين في تحديد ملامحه الذكورية. “قالت الكبرى اتعرفن الفتى ـ قالت الوسطى نعم هذا عمر ـ قالت الصغري وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر”. بامر ديواني اختفى القمر نعيم عبعوب من سماء بغداد امينا ووسيما. يدخل قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بتانيث منصب امين بغداد بعد اكثر من نصف قرن على ذكوريته الفجة في بعض الحقب والمراحل في اطار قرارات رجل الدولة. البعض لايريد ذلك لاسباب وعوامل مختلفة لكن ليس منها قصة التانيث التي هي ليس من معايب الشمس ولا التذكير الذي هو ليس من مفاخر القمر الا على طريقة عمرو بن كلثوم لا المتنبي.
هذا البعض يريد للقرارات ان تتخذ على طريقة “رجال الجوبي” لا رجال الدولة. يفترض ان لانقول لرجل الدولة “هلا برجال الدولة” لاننا لسنا في “فزعة” ولا “زفة” بل نحن حيال خبرات وتجارب ربما تسبقها احيانا قرارات فيها قدر من المجازفة. حين قلنا يوما “هله بيك هله وبجيتك هلة” صار الذي نعرفه جميعا. هناك من يكرر الـ “الهلة” تلك بانواع جديدة من الترحيب المجاني و”الهوسات” التي نتمنى ان يبقى العبادي صامدا امام ريحها الهوجاء. اختياره سيدة لمنصب امين بغداد قرار رجل دولة. لدينا وزيرات في الحكومة. وزيرتان على الاقل في الحكومة الحالية . وكانت لدينا في حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري التي تشكلت عام 2005 خمس وزيرات وهو امر لا وجود له في سويسرا او الولايات المتحدة الاميركية. العدد لايمثل اهمية كبيرة. لنتذكر ان اول وزيرة في الشرق الاوسط كانت عراقية وهي المرحومة نزيهة الدليمي على عهد الزعيم عبد الكريم قاسم. قرار قاسم بتعيين اول سيدة بمنصب وزير ارتقى ان يكون قرار رجل دولة لايختلف بشئ عن قراره بالتوقيع على قانون رقم 80 الخاص بحماية الثروة النفطية قبيل اعدامه بساعات. يريد العبادي ان يتصرف كرجل دولة لكن هناك من يريد له ان يتصرف على طريقة “رجال الجوبي”. بل هناك من يريد للدولة بكل رئاساتها ووزاراتها ومؤسساتها ان تتصرف على هذه الشاكلة. لانريد لاحد ان يبكي في النهاية مثل النساء ملكا مضاعا لم يحافظ عليه مثل الرجال. اخطات ام عبد الله الصغير. تاتشر حافظت على عظمة بريطانيا والفوكلاند مثال صارخ. وميركل وضعت المانيا في المقدمة وبنيظير بوتو كانت تعد مثل جارتها الهندية انديرا غاندي بالف رجل. لاننسى ان رجالا تسببوا في هزيمة دول وسقوط امبراطوريات و “هله برجال الجوبي .. هله باليلعب جوبي .. النوب .. النوب”.