رجال في الذاكرة

رجال في الذاكرة
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

كثيرون هم رجالات العراق الذين دافعوا عن سيادته ووحدته واستقلاله كان لهم دَوْر مشهود في ميادين الوغى والتحدِّي والمواجهات، كما في ميادين العمل والعِلم والمعرفة. وهؤلاء الرجال الذين نتوقف عند محطَّات مضيئة في مَسيرتهم قدَّموا للعراق أغلى التضحيات ليبقى مُهابًا وعنوانًا للصمود في مواجهة الحصار الظالم والحروب التي استهدفت حاضره ومستقبله.ورجال في الذاكرة، هم نخبة متميِّزة خدمت العراق على مدى تاريخه الحافل بمِثل هؤلاء الأبطال ينبغي إبراز دَوْرها الوطني لتبقى في ذاكرة الأجيال عنوانًا للتضحية والبذل والعطاء والإيثار.وعندما نتوقف عن مَسيرة رجالات العراق فهم يعدُّون بالآلاف وأكثر، كانوا رأس النفيضة في معارك البناء والدفاع عن العراق يستحقُّون إبراز دَوْرهم في الصفحات المُشرقة التي حفلت بأسمائهم وعناوينها ومنجزاتها، الأمْرُ الذي يتطلب ذكرها والتوقُّف عند منجزاتها باستمرار.
وخلال عملي الصحفي منذ خطوتي الأولى في عالم الصحافة 1976م، ثمَّ مجلة ألف باء ووكالة الأنباء العراقيَّة وصحيفة القادسية وصولًا إلى اعتمادي مراسلًا لراديو مونتي كارلو في العراق في فترة حسَّاسة كان العراق فيها يواجه الحصار والتهديدات بالعمل العسكري، كان فيها الأستاذ محمد سعيد الصحَّاف وزيرًا للإعلام، كان نجمًا سياسيًّا وإعلاميًّا مُفوَّهًا يجيد استخدام اللغة في مواجهة التهديدات الخارجيَّة. وتحول الصحَّاف بفعل دَوْره الشُّجاع والمتميِّز في مواجهة الآلة الإعلاميَّة الأميركيَّة إلى مرجع لوسائل الإعلام الذين يتابعون تصريحاته وحقيقة مسار المواجهة مع العدوِّ في مؤتمراته الصحفيَّة اليوميَّة، وكان آخرها في التاسع من أبريل ـ نيسان 2003م، حيث تمَّ استدعاء الصحفيين وأنا واحد مِنهم إلى سطح فندق الشيراتون الذي أكَّد فيه الصحَّاف على ثبات الموقف العراقي، بعدها استقلَّ سيارته مع عددٍ من مسؤولي وزارته إلى منطقة الأعظميَّة المقرِّ البديل لوزارة الإعلام.. وبحسب رواية مقربَيْنَ من الصحَّاف فإنَّه قام بنفْسِه بطبع رسالة من صدام حسين للعراقيين، ووجَّه بتوزيعها إلى وسائل الإعلام دعا فيها إلى مقاومة الاحتلال.
ويُسجَّل للصحَّاف أنَّه بقيَ يمارس عمله في وزارة الإعلام رغم قصفها أكثر من مرَّة، الأمْرُ الذي تطلب الانتقال إلى منطقة الفنادق ببغداد التي كانت ساحة الفردوس تتوسطه، وشهدت إسقاط تمثال صدام في ظهر يوم التاسع من أبريل ـ نيسان 2003. وكان الصحَّاف يرفض طلبات وسائل الإعلام الأميركيَّة والغربيَّة بنقل المركز الصحفي من مكانه في وزارة الإعلام بالصالحيَّة إلى منطقة الفنادق المطلَّة على ساحة الفردوس لغاية اشتداد القصف، بعدها انتقل المركز الصحفي إلى منطقة الفنادق. وما أثار انتباه الصحفيين وحتى القائمين على المركز الصحفي أنَّ وسائل الإعلام الأميركيَّة قامت بنصب كاميراتها على سطحَي فندقَي الشيراتون والمريديان وكأنَّ حدثًا كبيرًا سيقع في السَّاحة، وهو ما حدث فعلًا بنقل وقائع إسقاط التمثال.
وعندما نتحدث عن الأستاذ محمد سعيد الصحَّاف فإنَّنا نتوقَّف عند هذا الكوكب المضيء في سماء العراق وشخصيَّة نجم سياسي وإعلامي قاد فيلق الإعلام بهمَّة الوطني الغيور في مواجهة فيلق معادٍ سخَّر كُلَّ إمكاناته للنَّيْل من صمود العراقيين، غير أنَّ الصحَّاف كان لهم بالمرصاد صوتًا عراقيًّا عروبيًّا لتفنيد أكاذيبهم ومحاولاتهم للنَّيْل من العراق وتبرير احتلالهم لبلاد الرافدين.وهذا الكوكب في سماء العراق لا يُنسينا الآلاف، بل الملايين الذين دافعوا عن العراق في ميادين الوغى وخنادق القتال وصروح العِلم والمعرفة يستحقُّون منَّا كُلَّ التقدير والاحترام والامتنان لِدَوْرهم الوطني الذي سيبقى عنوانًا لمَسيرة وطن مطرَّز بأسماء وعناوين نفخر بإنجازاتهم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *