رواية (الذين مسهم السحر) ..الأدب المكتوب برائحة الدم والبارود

رواية (الذين مسهم السحر) ..الأدب المكتوب برائحة الدم والبارود
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- تتنقل روزا ياسين حسن في روايتها الجديدة (الذين مسهم السحر) الصادرة عن دار الجمل 2016، بين قصص السوريين، المنسوجة في ربيعهم الذي عاشوه مطلع العام 2011، مستعرضةً قصص أبطالها المتقاطعة، يوحدهم السحر الذي جرفهم جميعاً، ونقلهم من طور السكون، إلى مرحلة التوهج الغرائبي.تبداً أحداث الرواية بالأيام الأولى لانطلاق الثورة السورية، أبطالها هم السوريون الذين تضمهم دائرة الأحداث المتسارعة. وتنقلنا الكاتبة من حدث إلى آخر، في انعكاس مطابق للأحداث الحقيقية، وبوضوح تام تطرح ما يجول في خاطرها حول أحداث شبه راهنة، في الوقت الذي يعتبر فبه البعض أن الأحداث الكبرى مثل الثورات، تحتاج لوقت طويل حتى تختمر التصورات حولها، وتتاح امكانية تناولها في أعمال روائية.حول هذه النقطة تقول روزا «بحسب رؤيتي هذه ليست قاعدة، لا قواعد في الأدب، وخصوصاً في الرواية التي تتفلّت بنزق من القوانين. قد يحتاج كتّاب إلى زمن لا يحتاجه كتّاب آخرون للكتابة عن حدث ما أو هزة ما، ولكن يبقى لكل شكل أدبي أهميته وجماله. الأدب المكتوب برائحة الدم والبارود والأنين، والأدب المكتوب بعد زمن من التخمّر والتفكّر. الأول مشحون بالتفاصيل والانفعال واللحظة، والثاني أكثر هدوءا وبعد نظر وتفكيكاً، كلاهما مهم وضروري للتاريخ وللمشهد الروائي. والتاريخ مليء بأمثلة خالدة من كلا النوعين مازلنا نقرؤها حتى اللحظة. بالنسبة لي لم أفكّر كثيراً بأن عليّ أن أنتظر حتى تتخمّر تصوراتي، فحين ستتخمّر سأكتب بالتأكيد شيئاً آخر مغايراً، فالكتابة سبب أساسي لحياتي، وإن لم أكتب الآن فسأخسر اللحظة. هناك شيء داخلي عميق في الروح يجعلك تتجه كمسرنم إلى جحيم كلماتك، ولست من تختار أن تنتظر أم لا، كلماتك ونصك وشخصياتك هي التي تجرّك إلى الكتابة. المهم ألا تكون بوقاً أو مردّداً لأفكار الآخرين، المهم أن يكون النص حراً من الارتهان».
اختارت الكاتبة لشخصياتها أسماء محلية مألوفة، وبيئات حميمة منتقاة من أكثر المناطق السورية تداخلاً مع أحداث الثورة، سياق القصص يوازي قصصاً حقيقية معروفة، ما يشعر القارئ أن القصص الواردة حقيقية بكل تفاصيلها، وأن النص هو توثيق لأحدث حقيقية.تعلق الكاتبة على هذه النقطة: «الرواية هي دوماً هذا المزيج بين الواقع والتخييل، ومن هنا ينخلق جمالها. إنها إعادة إنتاج للواقع، استخدام له، لكن برؤى مغايرة تماماً تفكيكية ومتجاوزة له. لا أعتقد بأن روايتي توثيقية بهذا المعنى، هناك الكثير من الشخصيات التخييلية، لكنها مصنوعة كفسيفساء من شخصيات الواقع، جزّأت شخصية إلى عدة محاور وكثّفت عدة شخصيات في واحدة. واستخدمت تقنيات روائية متعددة تجعل الحدث الواقعي يتشظّى. حاولت في الرواية أن أطرح الأسئلة لا أن أقدّم الإجابات، كما حاولت أن أنظر أعمق في دواخل الشخصيات ورؤوسها، وأن أفكّك السطح الخارجي للمجتمع والأحداث وأحلّله، كما جرّبت استخدام التقنيات التي تجعلنا نرى الحدث من عدة محاور وعدة وجهات نظر، هذا ما لا تقوم الوثيقة بعمله».
في سطور الرواية شحنة عاطفية وانتماء كبير للفكرة التي تنطلق منها، ما يوحي أن الكاتب متورط في الحدث، أو جزء منه، حتى مواقف بعض الشخصيات من الحدث العام، توائم جوهر الرواية، ونظرتها وتقييمها الإيجابيين لما دار ويدور في هذه المرحلة. تقول روزا عن هذا الموضوع: «كعادتي في معظم ما أكتبه، كتبت هنا أيضاً الكثير من الشخصيات المتنوعة والمختلفة والمتناقضة، محاولة رصد التنوّع الفكري والإيديولوجي والهويّاتي والعاطفي في المشهد السوري، ولا يمكن أن أكون في كل الشخصيات! بالتأكيد لم أكتب نفسي كشخص، ولكني كتبت عنّا كمشهد ثقافي واجتماعي وسياسي، كتبت عن تجربة أجيال من السوريين كنت جزءاً منهم. ولكن رغم ذلك أظن بأن الكاتب موجود بشكل ما في كل شخوصه، ففي النهاية هو خالقها حتى لو ابتعدت عنه وتمردت عليه. والشحنة العاطفية التي ذكرتها، إن وجدت حقاً، فهي تتعلّق بما قلته آنفاً، بأن الكتابة قبل مضي وقت طويل على الهزة تجعلها مشحونة بالانفعال، ذاك الذي يهبها جماله الخاص أيضاً. أما عن التورّط فأنا متورّطة طبعاً، لكن بالقيم الإنسانية، بتوق الحرية، بالعدالة وبالحب، هذا ما أنا متورطة به».

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *