عبد الجبار الجبوري
ابتداء لا توجد برأيي حرب نظيفة وحرب قذرة، كما ينظر الاخرون من دهاقنة الفلسفة والحروب ،فكل حرب هي قذرة،لان ارواحا بريئة ستزهق فيها،وما يشهده العالم ،من تصعيد عسكري محموم نحو حرب عالمية ثالثة ،تكون ارض الرافدين والشام ساحتها،امر بالغ الخطورة والقلق ،لأنه سيعرض المنطقة كلها الى خراب ودمار وتقسيم وحرب طائفية بين ابناء البلد الواحد ،وتدخل المنطقة كلها في حروب لها اول ،ولكن ليس لها اخر بكل تأكيد،اي تعم الفوضى الخلاقة وينتشر الموت في كل مكان ولعقود طويلة لا يعلم مداها إلا الله ،هذه ليست نظرة تشاؤمية ، ولكنها قراءة تحليلية لواقع ملموس ومرئي،فكيف تشكلت هذه النظرة،وماهي معطيات تنفيذها على الارض في المدى المنظور وماهي نتائجها الآنية ،وانعكاساتها على العراق(كساحة اولى للحرب )، وعلى المنطقة عموما ، هذا ما سنلقي عليه الضوء ، نحن نعرف ان العراق يعيش حربا طائفية اهلية طرفاها حكومات الاحتلال الامريكي والإيراني والشعب العراقي بكل طوائفه ،لم تسلم منها اية طائفة او مذهب او قومية ،وهذه الحرب انتجت فصائل مسلحة متطرفة، تحمل البعد الطائفي سلاحا لمواجهة الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003 ولحد الان ،كرد فعل طبيعي لما انتجته محاصصة حكومية طائفية فرضها بريمر حاكم الاحتلال الامريكي ،بعد ان حل الجيش العراقي،وأصدر قرارات جائرة ظالمة مثل اجتثاث البعث وحل الاجهزة الامنية في خطوة لترسيخ الواقع الطائفي المقيت ،هذا ما اوصل العراق الى ما نراه الان من خراب ودمار وفساد وتهجير وحرب طائفية مستعرة مع الحكومة وميليشياتها الايرانية الطائفية ،مما خلق وأوجد اخطر ظاهرة تهدد العالم ،وهي ظاهرة تنظيم الدولة الاسلامية ،المعروفة عالميا ب(داعش)، وظهرت ردا على انتهاكات وإجرام الميليشيات الطائفية الايرانية ،فأصبحت (تسيطر على ثلث العراق وثلث سوريا)، وسمت نفسها بالدولة الاسلامية في العراق وسوريا،ويعود الفضل الاول والأخير لظهور هذه (الدولة ) ،لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي وسياسته الطائفية الكريهة ،مع محافظات ثارت على طائفيته ،وحكومته الاقصائية والتهميشية ،بعد ان قمع تظاهراتها السلمية واصفا اياه بأبشع وأقذر الاوصاف الطائفية ،والتي استمرت اكثر من سنة كاملة ،دون ان تطلق منها طلقة واحدة من المتظاهرين العزل،في حين قام المالكي وعصاباته الاجرامية وجيشه وميليشياته ،بارتكاب اكبر جريمة وهي قتل متظاهري الحويجة والموصل والفلوجة والانبار وديالى ،اليوم العراق ساحة حرب حقيقية ،بوجود حكومة هزيلة ضعيفة طائفية فاسدة ،لا تقوى على انقاذ نفسها من ميليشيات تسيطر على الامن كله في العراق،ميليشياته يقودها قاسم سليماني تحت مسمى ديني شرعته حكومة العبادي وبرلمانها تحت يافطة فتوى الجهاد الكفائي لمرجعية النجف ب(الحشد الشعبي)، وهو لا حشد ولا شعبي ،هو في الحقيقة التي يعرفها كل العراقيين،مجموعة من الميليشيات الطائفية المسلحة تنتمي الى عدة مراجع دينية يبلغ تعدادها(58) ميليشيا،يمولها ويدربها ويسلحها بشكل مباشر الحرس الثوري الايراني ،ويقودها في العراق من خلف الستار كقائد لها نوري المالكي تمهيدا لإعلانها (الحرس الثوري العراقي ،وهذا الكلام على لسان المالكي نفسه،اما على الارض فيقودها هادي العامري رئيس منظمة بدر العسكرية ومعه قيس الخز علي وأبو مهدي المهندس ،في هذا الجو الملتهب طائفيا ، والعراقي بين مهجر وقتيل ومعتقل ،تشهد المنطقة صراعا عسكريا،وتسابقا دوليا ،على قطف كعكة النصر ،والاستحواذ على النفوذ والمصالح والهيمنة والاستئثار بالنفط العربي ،وطرفا هذا السباق امريكا وروسيا ،العائدة بقوة الى المنطقة بعد انحسار دورها ونفوذها لسنوات طويلة ، فمن سيقطف هذه الثمرة ،ولو على حساب دماء الملايين التي ستدوسهم الة الحرب الامريكية –الروسية في المنطقة ،فالحشود العسكرية الروسية تترى يوميا،وبشكل مرعب الى سوريا (طائرات شحن عملاقة محملة بالسلاح)، وصواريخ وطائرات قاصفة وبوارج حربية وفرقاطات وألوية وقواعد عسكرية برية وبحرية ،وكل هذا لحماية نظام بشار الاسد من السقوط والقضاء على تنظيم داعش،هكذا تعلن روسيا على لسان فلاديمير بوتين ،وتضيف ايضا اعلانها تحالفا عسكريا ومخابراتيا استراتيجيا مع ايران والعراق وسوريا،وتنشئ مركز معلوماتي استخباري في قلب بغداد،عمله تجميع واختراق المعلومات عن تنظيم داعش في المنطقة ،ومحاربته والقضاء عليه،هذا هو ظاهر المركز والتحالف ،ولكن ماذا عن الحشود الهائلة في اللاذقية وطرطوس ،وكذلك تبعتها ايران فأرسلت حشودها العسكرية والتسليحية والمتطوعين وعناصر وألوية حزب الله اللبناني التابع عسكريا لإيران،الى سوريا ،في حين اعلنت الصين انها جاهزة للانضمام الى هذا التحالف والتحشيد للقتال في سوريا للقضاء على داعش وحماية نظام الاسد ، وكل هذا يجري امام مرأى ومسمع ادارة اوباما والعالم كله،فما هو موقف اوباما وإدارته من ما يجري في سوريا من تحضيرات تقول عنها روسيا انها لحماية الاسد ونظامه من السقوط ومحاربة الارهاب الدولي لتنظيم داعش ومشتقاته النصرة والجبهة والفتح وباقي الفصائل المسلحة التي تقاتل وتتقاتل في سوريا،ففي اجتماع اوباما-بوتين امس في نيويورك ،اتفق الطرفان ،على النتائج وليس على الأسباب اتفق على محاربة داعش والنصرة والفتح والجيش الحر وغيره ،واختلفا على ابقاء الاسد لفترة انتقالية مقبلة ،وبالرغم من ان اوباما كانت رؤيته واضحة ومشددة على ضرورة ازاحة الاسد كشخص وليس كنظام، إلا ان الاتفاق الاخرى كانت متطابقة في ضرورة القضاء على ارهاب داعش كما تسميه،في حين تناست ان ارهاب داعش هو نتاج ارهاب امريكا في العراق ودعمها وسكوتها على ارهاب ايران وميليشياتها الاجرامية في العراق ،وإطلاق يدها في العبث بأمن العراقيين وتهجيرهم،نعم الارهاب لا يتجزأ وداعش والميليشيات وجهان لعملة واحدة هي القتل الطائفي،بل ان داعش قتلت من (المكون السني اضعاف ما قتلت الميليشيات)،فروسيا اليوم تقود حربا قذرة في العراق وسوريا وتمهد لحرب عالمية ثالثة امس اكدها ملك الاردن وابدى تخوفه منها وخطورتها على المنطقة،وهذه الحرب بشر بها هنري كيسنجر وحدد ملامحها بدقة، وهاهي تتحق على الارض،فقال ان روسيا ستقود تحالفا يضم روسيا والصين وإيران وسوريا ضد امريكا وحلفائها،وقال ان امريكا ستدخل الحرب وستنتصر وسيندحر التحالف الروسي ،وان العرب سيكونون ضحية هذه الحرب ،وفعلا ،العرب الان (مهمشون) ، من اي تحالف واشراكهم في اية مفاوضات هم اساسيين فيها وضحيتها ،وهذا هو الانهيار الكبير الذي ينتظر ألعرب بضعفهم وتشرذمهم وتفرقهم ووحدة كلمتهم وغياب القيادة الجماعية للعرب ،فلا صوت لهم الان في كل ما يجري ولا قرار ،وهذا منتهى الاهانة والاستهانة بمقدرات العرب ودورهم المحوري في القضايا المصيرية للعرب ، روسيا تقود حربا مدمرة في المنطقة هي الحرب الاقذر في التاريخ ،من اجل عودة نفوذها وهيمنتها وسيطرتها على نفوط المنطقة وثرواتها وموقعها الاستراتيجي وتقاسمها هذا النفوذ مع الدول العظمى الأخرى ….