سليم الجبوري مثال للسياسي السني بعد الاحتلال

سليم الجبوري مثال للسياسي السني بعد الاحتلال
آخر تحديث:

حازم حسني البياتي 
السيد سليم الجبوري القيادي في الحزب الاسلامي و رئيس مجلس النواب , هو نائب في البرلمان عن محافظة ديالى , وهي محافظة تمثل عراقا متآخيا من حيث تنوع اصول سكانها , ففيها على سبيل المثال عرب وتركمان وكرد , وسنة وشيعة , وغيرهم عاشوا بسلام ووئام منذ تأسيس العراق حتى اليوم .
مشكلة محافظة ديالى ان لها حدودا طويلة مع الجارة ايران تتباين في طبيعتها من ارض سهلة الى جبلية , وتعتبر ديالى محافظة عربية بالنسبة الى اصول اكثرية سكانها .
تعاني محافظة ديالى منذ سقوط النظام السابق , من حوادث طائفية لم تشهدها من قبل , ويقول سكانها الذين تفاجأوا بما يحصل من تشريد وترحيل وخطف وقتل في المدن والقرى على ايدي مليشيات مسلحة غريبة , ان ما يحصل هو محاولة لفرض واقع ديموغرافي جديد في حدود المحافظة التي تجاور ايران من الشرق وتتصل بالعاصمة بغداد من الغرب . ان الغرض من خلق هذا الواقع الديموغرافي الجديد , هو فرض هيمنة شيعية داخل محافظة تقع بين العاصمة بغداد والحدود الايرانية و تعتبر عربية سنية منذ تأسيس العراق الحديث .
ان ما يحدث في ديالى منذ الاحتلال الى اليوم , هو جزء من مخطط واسع مشبوه يستهدف جعل مدن وقرى وسكان محيط بغداد تحت سيطرة المليشيات الشيعية المدعومة من ايران , وان المشرف على تنفيذ هذا المخطط الضخم الذي يستهدف تغيير المعالم السكانية لمحافظة من اكبر محافظات العراق هو السيد هادي العامري الآمين العام لمنظمة بدر , باعتباره نائبا في البرلمان عن محافظة ديالى كما هو الحال مع السيد سليم الجبوري .
السيد سليم الجبوري يقضي معظم وقته في ادارة مجلس النواب من دون ان يلتفت الى ما يجري في ديالى التي يمثلها هو في المجلس . ولما ازدادت حدة حوادث الخطف والتشريد والقتل التي اجتاحت مدن وقرى المحافظة في العام الماضي , قرر نائب ديالى السيد سليم الجبوري زيارة المحافظة تحت الحاح عشائرها و سكانها الذين انتخبوه .
استقل السيد الجبوري طائرة سمتية تعود لطيران الجيش العراقي باعتباره رئيسا للبرلمان ( كان ذلك نحو عام مضى ) واتجه شرقا نحو محافظة ديالى تمهيدا للهبوط في ناحية المقدادية التي عانى سكانها من تهديد المليشيات الغريبة وحرق بساتينها وحقولها لغرض تهجيرهم , وبينما كان الطيار العسكري يهم بالهبوط تلقى رسالة لاسلكية تطلب منه عدم الهبوط والعودة الى قاعدته في بغداد , فأجاب انه بصحبة شخصية حكومية مهمة تروم الهبوط في المقدادية , فرد عليه المصدر ان المقصود هو الشخصية المهمة بالذات والتي لا يسمح لها بالهبوط , وان من الاسلم له العودة
الى قاعدته , فما كان من السيد سليم الجبوري النائب عن ديالى ورئيس المجلس النيابي الا الانصياع والعودة من حيث أتى , وقد علم فيما بعد ان امر منعه من الهبوط في ديالى كان صادرا من السيد هادي العامري , والغريب انه منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا لم يصدر عن السيد سليم الجبوري النائب عن ديالى اي استهجان او على الاقل تعليق على ما جرى له يومذاك , ولا على ما جرى ويجري الى اليوم من قتل وتهجير وتشريد ومنع السكان من العودة الى قراهم وبيوتهم في مدن ونواحي وقرى محافظة ديالى .
بعد فضيحة البرلمان التي اثارها وزير الدفاع خالد العبيدي في الاول من تموز الجاري , وكشف من خلالها اشتراك رئيس البرلمان السيد سليم الجبوري مع اعضاء آخرين في البرلمان ذكرهم بالاسم , في حث الوزير على اتخاذ اجراءآت تعتبر فاسدة تحقق لهم ارباحا مادية غير مشروعة على حساب ميزانية وزارة الدفاع . انكر السيد الجبورى ما ذكره الوزير مما دفعه الى اقامة دعوى قضائية ضد رئيس مجلس النواب , لكن مجلس القضاء الاعلى اصدر حكما بتبرئة السيد الجبوري وغلق الدعوى بعد محاكمة لم تستمر سوى دقائق معدودة وقيل نصف ساعة ثم قيل ساعة .
لقد أدى سرعة قيام المحكمة باصدار حكم البراءة بحق السيد الجبوري , بعد تحقيق لم يستمر اكثر من نصف ساعة , من ضمنه سماع شهادات اكثرمن شاهد وتدقيق الوثائق ومناقشة المتهم , الى استغراب شخصيات وخبراء قانونيون واستفسارهم عن اسباب صدور الحكم بهذه السرعة على حساب اصول المحاكمات واجراءآت التحقيق ودراسة وتدقيق الوثائق ومناقشة الشهود والمتهم ؟
يبدو ان السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء قد شعر ( ربما بعد مشاورة مستشارين قانونيين ) ان عليه ان يبدي رأيه في هذه المحاكمة السريعة المشار اليها , وان سكوته سيعني موافقته على سابقة قانونية ستظل مثار تعليق و واستنكار يشار اليه في مجال الدراسات القانونية في المستقبل .
قال السيد حيدر العبادي بلهجته الدبلوماسية المعهودة في مؤتمر صحفي عقده في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء يوم 16 آب الجاري ان ( القضاء كان يفترض به التأني في متابعة التحقيق في الاتهامات التي وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي , كونها صادرة من قبل شخصية وزارية , ويجب ان يؤخذ بها على محمل الجد ) داعيا القضاء الى ( لعب دور اكبر وعدم اصدار الاحكام بهذه السرعة ) .
تصريح السيد رئيس الوزراء المنطقي والعقلاني لم يعجب السيد رئيس مجلس النواب , على الرغم من ان رئيس الوزراء لم يعترض على طبيعة الحكم الصادر , وانما انتقد سرعة صدوره , فاصدر الجبوري بيانا بنفس اليوم رد فيه على العبادي , قال فيه ( نظام الحكم في العراق قائم على الفصل بين السلطات وهو ما يوجب على عدم تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطات الاخرى ) ثم أبدى السيد الجبوري ( استغرابه من تدخل رئيس الوزراء في شؤون القضاء وابداء رأيه في ملف يخص الاجراءآت القضائية ) داعيا المسؤولين في السلطة التنفيذية الى ( الاهتمام بواجباتهم وعدم التدخل في شؤون المؤسستين التشريعية والقضائية ) .
لم يكتف السيد سليم الجبوري باعطاء درس في القانون لرئيس الوزراء بل ختم بيانه قائلا ( اعجب لمن يتدخل في الشأن القضائي رغم عدم خبرته في مجال الاجراءآت القضائية وافتقاده للثقافة القانونية ) .
السيد سليم الجبوري الذي اختاره السيد نوري المالكي ليجعل منه رئيسا للبرلمان بموجب الاستحقاق الطائفي , لم يخيب ظن ابي اسراء , فقد كان مثالا للنائب السني الصامت , الخامد , الذي لا يعلم ما يجري في المحافظة التي يمثلها , ولا يريد ان يعلم ماذا حل بمهجري ديالى الذين تحررت قراهم من الاحتلال الداعشي ومنعوا من العودة الى بيوتهم .
اليوم وبعد ان اغلق القضاء دعوى الفساد ضد السيد الجبوري , فانه صار بطلا واصبح بامكانه الرد على تعليقات رئيس الوزراء ولم يعد كما كان سابقا صامتا خامدا , بل صار بامكانه الذهاب الى طهران والتأكيد من هناك على دور ايران في الدفاع عن العراق ضد داعش . طريق السيد سليم الجبوري اصبح باتجاه ايران وليس باتجاه ديالى .
في الختام , اننا نتسائل امام السيد رئيس مجلس النواب ونقول له , الا تعتقد ان الوقت قد فاتك لكي تصبح بطلا ؟ ألا تعلم ياسيدي سليم الجبوري أن
(هناك فرق كبير وواضح ومعيب بين البطل الحقيقي وبين مدعي البطولة حتى ولو كان ايرانيا بالتبني ) .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *