ميعاد الطائي
عندما تواجه الأمم مواقف مهمة ومفصلية فتكون بحاجة الى مثقفيها ليسهموا في ارشاد الناس وتنويرهم فنظرة المثقف للأحداث والمتغيرات تختلف عن نظرة الآخرين لها لانه ينظر اليها بتدبر وتمعن بعين التحليل والاستنتاج الدقيق ويضع إصبعه على مواطن الخطأ والصواب فيها ويستطيع ان يحولها الى معلومة مفيدة للناس عبر كتابتها في مقال او قصة او قصيدة فالمثقف يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية ليمارس دوره في الحفاظ على مستقبل الأمة لانه يحمل رسالة إنسانية لابد ان يكون امينا تجاهها فهو القدوة الناضجة التي يمكن ان ياخذ بيد الاخرين صوب تكريس المفاهيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي يؤمن بها لاسيما عندما يكون هذا المثقف ناشرا ومرسخا لمفاهيم وقيم التسامح ونابذا لكل مفاهيم الحقد والكراهية لانه يعتبر إنسانية الإنسان فوق كل اعتبار .ولذلك يجب ان لايكون المثقف أسيرا للأعراف والتقاليد الموروثة من الزمن الغابر .وليس من الضروري ان يكون المثقف حاملا للشهادات العليا بل تتمحور صفات المثقف حول عقليته التي لابد ان تتسم بالانفتاح على الآخر وعدم التعصب للرأي او الانتماء الشخصي ولقد اجمع على هذه الصفة كل من ساهم في تعريف ماهية المثقف.ففي الوقت الذي نستنير بثقافات شخصيات لم تحصل على شهادات نجد ان هناك الكثير من حملة تلك الشهادات قد وقعوا في فخ التجرد من ابسط صفات الثقافة ومقوماتها عندما يقومون بمدح أنفسهم ويعملون على الإطاحة بوجهة نظر الآخر بسبب الكراهية والحقد او الاختلاف في العرق او الدين او المذهب ,فالمثقف الحقيقي يكون حريصا على منح الآخر فرصة التعبير عن رأيه وان يكون بعيدا تماما عن مدح النفس وتبجيلها كما هو بعيد عن مهاجمة الآخرين بسبب الاختلاف في الرأي، ومن جانب آخر لابد ان يتحلى المثقف بصفات أخرى وهي الانفتاح على مناحي الحياة والتطورات التي تطرأ فيها في كل جوانبها الفنية والعلمية والسياسية والتكنولوجية وان يكون بعيدا عن التعصب والتعنت والعنف.ولابد من الإشارة هنا الى ان هناك فرقا بين المثقف والمتعلم، فالمتعلم هو نتاج عملية التعليم في المدرسة او الجامعة وهو الشخص الذي يستطيع الخوض في تفاصيل علمية وربما عملية في جانب معين من جوانب العلوم المعرفية وقد يتمكن من إثبات براعته فيها .فالمدرسة تعلّم ولا تثقّف .اما المثقّف فهو الشخص الذي يجبرك على الاستماع لأفكاره الناضجة التي يؤمن بها ولا تختلف عن سلوكياته التي يتمسك بها حتى عندما يكون على المحك.
سمات المثقف
آخر تحديث: