يوميا ومنذ ترشيح الزرفي تأتي التصريحات النارية والتغريدات والمقابلات التلفزيونية لقادة الكتل والميليشيات باعلان وكأنه يوم الحشر قادم اذا مرر الزرفي في البرلمان، فمنهم من سيحرق العراق ، ومنهم من سيحول أعاليه الى أسفله، ومهم من يتوعد البرلمانيين ،ومنهم من يتهم رئيس الجمهورية بالخيانة، ومنهم من سيعلنها حربا شعواء على المتظاهرين الغير شرفاء من خيوط اميركا، ومثلها على البرلمانيين السنة والكرد والمسيحيين والتركمان والصابئة واليزيديين أذا ساندوه ، وتهديد بأعلان الحرب على اميركا وتلقينهم درسا، والواقع لم يبق احدا لم يسلم من تهديدهم لا الوطن ولا المواطن ولا الدولة ولا الدول ..فلماذا هذا الوعد والرعد والوعيد لو مرر الزرفي.. يبدو أنهم فعلا خائفون منه، ولماذا يخافوه ؟هل لأنه قائد شعبي وهو ليس كذلك، أم انه سوبرمان ، او انه جنرال في الجيش بدرجة الفريق الساعدي وسيقوم بانقلاب . و لماذا لايتم كسب أغلبية برلمانية ماداموا هم المسيطرون لحجب اعطاءه الثقة وتجاوزه وبالطرق الدستورية الديمقراطية ، اليس ذلك بافضل من اللجوء الى القوة وأنتهاك الدستور الذي يدعون ان صالح قد خالفه بترشيحه للزرفي ، و صالح لم يأتي بالزرفي من الفراغ او يستورده من الأرجنتين، فالزرفي هو من صلب المكون الذي يتباكون عليه ،وهم أنفسهم نهبوه وسرقوه واذلوه فقرا ( 55% من سكان المثنى والديوانية تحت خط الفقر). لو كان الزرفي ليس رجلا منكم ، لماذا أجمعت كل قوى التشيع السياسي التي تهدد و تتوعد اليوم على تسنمه منصب محافظة النجف ولمرتين، وتاريخه انه ابن رفحا وابن الدعوة المحكوم بالأعدام سابقا ، واذا ادعيتم انه امريكي الهوى، لأنه فقط ليس ايراني الولاء ، وهذا بيت القصيد ، فهو عراقي الهوى ، ، والزرفي بلاشك ليس عدوا لأيران كماهو ايضا ليس عدوا لأميركا، فهو شخصية تؤمن بالتوازن وبوطنية الدولة، وهذا بيت القصيد وهو ماتخافون منه ، ومن هنا تاتي فضيحتكم انكم تفضلون تسنم شخصية ضعيفة حتى ومن خارج صفوفكم،اساتذة جامعيين وشيخ او قاضي كي تستطيعون ركوبهم ، فهو خيرا من شخصية قوية بهذا المنصب الرئيسي لعلمكم، دون شك، أنه سيضع العراق على مسار جديد لن تلعبوا فيه دور ألأمر الناهي في الدولة كالذي انتم عليه اليوم، ولاشيئ اخر ..وأني شخصيا اتفق معكم ،ان الأمر اعظم من ذلك، اي اعظم من مصالحكم ونفوذكم التي تفرضوها اليوم ببنادق الحشد المقدسة، وبفضلكم اصبحت اليوم ايضا المدنسة، كونكم استخدمتوها لقتل مئات الثوار والمنتفضين الشباب ، وهم خرجوا لأجلكم ومستقبل اولادكم، لكنكم بالطبع تعيشون سرقات ونفوذ اليوم، والقادة يحركونكم كالبيادق المغسولة دماغها، ولأن هم نفس قادتكم الولائيين يدركون أن الأمر اعظم ،فكون الزرفي لم يخرج من تحت جببهم ، ،فهذا يعني انه أنهاء لدورهم وأنتهاء عصر سطوتهم، وأذا فقدوا هذه الحضوة ، ستذهب معها لمتحف التاريخ
شخصيات مثل الخزعلي والمالكي والعامري، فهو ليس تهديدا فقط لمصالح الثروة والسلطة التي هم عليها الأن، بل أنهاء لدورهم ودور ايران السياسي العقائدي في العراق ، وهذا معناه أنهيار واحد من أهم أعمدة نظام الجمهورية الأسلامية اليوم ( أن امتناع الشركات الصينية عن شراء النفط الأيراني قد خذل الجمهورية الأسلامية، ولم يبقى الاّ العراق متنفسا لها وعليه تم الأتفاق مع الصين على تحويل عوائد نفط عراقي لصالحها في حساب امريكي هو ماأبتكره عبد المهدي باسم العراق ، ومنه وضع الخزعلي والعامري شروطا أمام اي رئيس وزراء مقبل والأ ماعلاقة شان سياسي داخلي باتفاقية تجارية مع الصين) . ان تحجيم نفوذ أيران في العراق ليس مجرد قطع لشريان أقتصادي مهم، بل قطع لشريان معنوي سيؤدي لأنهيار نظام المرشد الأعلى في ايران مستقبلا والذي يقوم اليوم على حماية حراس الثورة ،وليس على الدعم الجماهيري الواسع . أن فقدان البريق الأيديولوجي للسلطة وشعاراتها، امام وضع اقتصادي سيئ للشعب، اصبح اليوم وصفة مالوفة لدى أميركا والغرب، فهي جربت في الأتحاد السوفياتي، ونجحت مع أعظم شعب مكافح واعظم قوة علمية وتكنولوجية في الكون ، وكذلك مع بلدان اوروبا الشرقية وكسبت الرهان، وكان اخرها أنهيار النظام الصدامي ، فالأيديولوجيا لوحدها لا تشبع الناس ، عدا ما تحمله الأنظمة الدكتاتورية معها من مصادرة لحرياتهم الأساسية، خصوصا باختيار من يحكمهم ، وكيف يحكمهم ، وهي لو وفرت بحبوحة اقتصادية ، لقبلها أغلب الناس ( عدا المثقفين والواعين منهم بالطبع ، كما حصل النظام البعثي على رضا الكثيرين عندما كانت خزائن العراق ممتلئة في السبعينات)، فكيف الحال بانظمة قمعية وهي لاتوفر لقمة العيش!
ومن هنا يمكن فهم التهديد بحرق العراق وقلب اعلاها سافلها، فالأمر لا يتعلق بالزرفي وهم من يقوم بتضخيم خطره ، وكأن جنرال امريكي، مثل الجنرال ماك ارثر الذي حكم اليابان، جاء ليحكم العراق ، فالزرفي ليس عدوا لأيران ، وحاله حال اغلبية العراقيين يعتز بالشعب الأيراني وثقافته العالية وقربه لنا ثقافيا وتاريخيا ودينيا ، وربما سيعمل الزرفي على اقامة افضل العلاقات مع ايران الجارة القائمة على المصالح المشتركة وألأرث الثقافي المشترك ، ولكن المسالة التي جرى تضخيم شخصية ودور الزرفي فيها لاعلاقة له بها اساسا ، قدر ان نتائجها كارثية على التابعيين والولائيين ‘ خصوصا على مصالحهم في السلطة والثروة والنفوذ ، والأعلى منها تحطيم عمود اخر من بناء جمهورية المرشد الأعلى، وعليه فان جاء الزرفي سيكون الهدم والحرق علي وعلى أعدائي ، رغم ان الزرفي ليس عدوا بحد ذاته، ولكن القضية التي يحملها ببناء مؤسسات دولة وبترك الولاء هي من يقلقهم.
ولكن على هؤلاء من يهدد بحرق العراق أن يفهم أن عدم تمرير الزرفي لايعني انه في امان ، حيث القضية هي اليوم قضية تصميم شعب على انهاء المحاصصة والفساد والولاء الذي يحتميان من خلفه ، نه يترتب أنهاء الفساد السياسي ، وليست قضية ايران هو جوهر الموضوع بالنسبة للثوار العراقيين ، وليست قضية شخص الزرفي ايضا هم من خرجوا لينادوا به، بل قضيتهم وعيشهم ومستقبلهم وعليه فهو اذا لم يمرر الزرفي لخوف البرلمانيين من المجيئ للبرلمان ، فللشعب جولته الكبرى بعد الكورونا ، والتي قال احدهم بحق “أنها رحمة من رب العالمين”، بالطبع عليكم لأنقاذكم من الثوار ، ولكن هذه الثورة ورائكم ولن تهربوا مادام الشعب قد قال قولته ، وثبت استعداده وفعله ، وسترونها كيف ستأتي بعد الكورونا، واقوى عما كانت قبل الكورونا.