المالكي يسيطر على الاعلام العراقي

المالكي يسيطر على الاعلام العراقي
آخر تحديث:
عشر سنوات تقريباً مرت على القرار رقم “66” القاضي بإنشاء شبكة الإعلام العراقية من قبل الحاكم العسكري للعراق حينها بول بريمر، في محاولة لتدشين حقبة جديدة من الإعلام العراقي غير المسيس أو الموجه من قبل الحكومة أو النظام الحاكم.
الشبكة التي أراد لها “بريمر” أن تكون “مستقلة وغير منحازة”، عملت، طوال السنوات العشر، على  الوفاء لمبدأ “الانحياز الصريح” لمنصب رئيس الوزراء والحكومة، رغم ملكيتها للدولة وتمويلها من المال العام، غير أن هذا الانحياز تباينت درجاته تبعاً لقوة مراكز القوة أو عدمها، ومنذ عام 2006، خضعت الشبكة الى سلطة رئيس الوزراء نوري المالكي آنذاك، وتبين ذلك الخضوع بوضوح بعد عام 2010، عندما ظهر المالكي باعتباره الرجل الاقوى في العراق بعد فوزه بولاية ثانية لرئاسة الوزراء.
في بدايات انطلاقها، عملت الشبكة بمستوى معقول من التوازن، حينما كان يتولى إدارتها الصحفي جلال الماشطة، الذي شغل، لاحقاً، منصب مستشار الرئيس السابق جلال طالباني. وحين تولى إياد علاوي رئاسة الوزراء عام 2005، عيّن حبيب الصدر لإدارتها، وهو ضابط سابق في الجيش ومقرب من “المجلس الاعلى”، بزعامة عبد العزيز الحكيم حينذاك. وكان الصدر يوزع ولاءه في إدارة القناة بين جماعة الحكيم وعلاوي، ويسعى إلى إرضاء جهات سياسية أخرى.
تدير “شبكة الإعلام العراقية” خمس قنوات فضائية، هي “العراقية، العراقية2، الرياضية، الوثائقية، التركمانية”، إضافة إلى جريدة الصباح ومجلة الشبكة، إلى جانب خمس صحف يومية في المحافظات. وتدير أيضاً ثلاث محطات اذاعية، وبلغت ميزانيتها عام 2013، 140 مليار دينار عراقي (نحو 160 مليون دولار أميركي). ويعمل فيها نحو 4000 موظف بين صحفي وإداري وفني.
وعلى الرغم من وجود هيئة أمناء مكونة من تسعة اشخاص، مهمتها الاشراف ومراقبة عمل الشبكة واختيار رئيس لها، وعلى الرغم من تقاليد التمثيل النسبي للمكونات العراقية داخل الهيئة، تكرّس منصب المدير العام للهيئة من حصة المكون الشيعي، ذلك أن الأشخاص الخمسة الذي تعاقبوا على إدارتها ينتمون إلى هذه المكون، على الرغم من توجهات بعضهم العلمانية. ولعل ذلك، من الأسباب المهمة التي وقفت وراء الاتهام المتكرر للشبكة من قبل كثيرين، بميولها الطائفية.
حبيب الصدر كاد أن يحوّل “قناة العراقية”، التابعة لشبكة الإعلام، إلى ما يشبه “المسجد” الشيعي أيام العاشر من محرم ذكرى استشهاد الإمام الحسين. وفي عام 2008، قام المدير الثالث للشبكة حسن الموسوي، بنفسه، بتغطية مراسيم زيارة العاشر من محرّم، من خلال النقل المباشر للزيارة والتعليق عليها. أما حسن الياسري فقد انتقل بعد إعفائه من إدارة الشبكة إلى قناة “الأنوار2” الدينية المعروفة بمواقفها المتشددة. إلا أن هذا التوجه تراجع قليلاً مع تولي عبد الكريم السوداني إدارة الشبكة عام 2009 حتى عام 2011.
تأسست “شبكة الإعلام العراقية” تأسست كي تكون كهيئة الإعلام البريطانية، لكن ما حصل هو أن فضائية “العراقية” وصحيفة “الصباح” خضعتا منذ أواخر عام 2004 للسلطة التنفيذية، وتحولت الشبكة من شبكة للدولة العراقية إلى شبكة خاضعة للحكومة مباشرة. في الفترة اللاحقة على تولي المدير الخامس مهامه، وعضو حزب “الدعوة الاسلامية” السابق، محمد الشبوط، في عام 2011، باتت الشبكة عموماً قناة “العراقية”، وصحيفة “الصباح”، ناطقة ومنحازة بشكل كامل إلى رئيس الوزراء نوري المالكي.
مؤسسات الإعلام واحدة من النماذج التي تأسست في عهد وجود الأمريكان في العراق، لكنها رويداً رويداً تحولت من محاولة للتخلص من الطابع الحزبي والسياسي للإعلام العراقي الذي كان سائداً خلال حقب طويل من تاريخ العراق، إلى هيئة تستأثر بها النزوات الحزبية والطائفية والسياسية في كثير من الأحيان. فهيمن المالكي وحزبه على سياسة المؤسسات الإعلامية الرسمية في البلاد، وتمكن المالكي رغم خروجه من السلطة حالياً من إدارة الملفات الإعلامية التي تهتم بها شبكة الإعلام العراقية الرسمية الطابع. –

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *