نعيم مرواني
منعت ثقافة القبيلة في الارض التي ولدنا عليها, منعت تطور علم النفس وحدت من ممارسة الطب النفسي وحصرته بالمجانين والممسوسين فقط, وصار ينظر الى مجرد نصيحة شخص بزيارة طبيب نفساني باعتبارها اهانة مابعدها اهانة رغم حاجة أفراد اي مجتمع يمجد العنف ويعتبره شجاعة ويرى تعنيف المرأة والطفل وسيلة تربوية وحق من حقوق الرجل الطبيعية ,كما هو المجتمع العراقي, الى مراجعة اطباء نفسيين بانتظام, لان سنوات المعاملة السيئة التي يتلقاها كثيرون أيام الطفولة وظروف قاهرة كالصراعات والفاقة والخوف والترهيب الممنهج وانعكاسات البيئة الاجتماعية ,تشكل كتل من تراكمات سلبية تكمن في اللاوعي وتسير سلوكيات وردود افعال الفرد في مراحل عمرية لاحقة.
أضف الى ان الخرف يمكن ان يضاعف المشكلة لمن يتقدم به السن, فهذا المرض اخاف حتى حكيم العرب, أكثم بن صيفي , الذي قال عنه كسرى “لو لم يكن للعرب غيره لكفى,” فطلب من اصحابه ان ينصحوه بالتوقف عن الحديث ان رأوا في كلامه دلالات خرف.
وكانت علمت حاشية الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة انه كان مصابا بالخرف عندما رفض التوقيع على قائمة بأسماء 19 محكوما بالاعدام مشترطا اضافة واحد كي يكونوا 20 لانه لايحب الارقام الفردية.
في السنوات الماضية نوقش اقتراح اخضاغ كبار السن في ولاية كاليفورنيا الامريكية لفحص الأدراك أو السلامة العقلية (Cognitive Test) كشرط لتجديد رخصهم لقيادة السيارات نتيجة حوادث تسببوا فيها.
ولان الطب النفسي متقدم في الغرب تم تشخيص اصابة بعض المسؤولين الحاليين من مزدوجي الجنسية في العراق بامراض نفسية, فاستحقوا عليها مساعدات حكومية لازالوا يتقاضونها بانتظام.
عندما يقول المسؤول العراقي ان بغداد أجمل من نيويورك ودبي وباريس, او عندما يلقي خطبة عصماء في البرلمان بمناسبة عيد المرأة ويقول ,نيابة عن المرأة طبعا, انها تتمتع عندنا بحرية اكبر من تلك التي تتمتع بها المرأة في الغرب لان الرجل الغربي , والقول له, يفرض على زوجته ان تحمل لقبه. أو عندما يقول أحدهم انه احتفظ بقلمه عندما ترك العراق كي يوقع به على اعدام صدام حسين عندما يعود رغم ان صدام كان نائبا عند هروبه من العراق. او ان يقول آخر ان أباه مات ولم يترك خلفه الا بيتا تسكنه عمته, رغم ان هباته وحملته الانتخابية كلفت عشرات الملايين.
قد تكون هذه دلائل تشير الى ان هذا النوع من المسؤولين بحاجة الى الخضوع الى فحص السلامة العقلية. أما من تجاوز السبعين منهم فيفترض احالته الى التقاعد أو التأكد من عدم اصابته بالخرف كذلك. ولابعاد من تنقصه الكفاءة او السلامة العقلية عن تسنم مناصب مهمة في الدولة مستقبلا اتمنى على مفوضية الانتخابات ان تسن قانونا لفحص السلامة العقلية لكل مرشحي الانتخابات المحلية و الوطنية.