شارع الرشيد

شارع الرشيد
آخر تحديث:

بغداد: شبكة اخبار العراق-  يحلو لنا أن نسميه الشارع الثقافي، لأنه ليس كمثله شارع في بغداد لمزايا عديدة، منها أنه الشارع الأول بعمره الذي يربو على المئة عام، فقد افتتح في 23تموز 1916، وقد شكل ذاكرة ثقافية وسياسية واجتماعية لأجيال متعاقبة من العراقيين عامة وليس البغداديين فقط. بعمره المئوي بات الرشيد أول شارع يعبد في بغداد. بمرور السنين ازدان  بالمحال والمقاهي والمسارح ودور السينما والمكتبات، ليس كمثله في بغداد شارع تجمل وتحضر بهذه الفعاليات الثقافية، التي يؤشر انجذاب البغداديين إليها  شغفهم بالفن والأدب. كانت المقاهي الخاصة بالأدباء عديدة تبدأ من مقهى الزهاوي، ومن ثم حسن عجمي والبلدية والبرازيلية، والسويسري والشابندر. وكانت حلقات الأدباء والفنانين على تخوتها، تدير نقاشات ساخنة بينهم في أحدث قضايا السياسة والأدب، ومنها انطلقت مرتكزات موجة الحداثة العراقية في الشعر والقصة والمسرح والتشكيل. أعداد كبيرة من أدبائنا تشكلت لهم ذاكرة ثقافية عن هذا الشارع، موثقة في كتاباتهم، مثلا، يقول الفنان الراحل جواد سليم عن مقهى البرازيلية الذي كان يرتاده (الآن عرفت اللون، الآن عرفت الرسم) (نقلا عن مجلة كاردينيا)، فضلا عن الدور السياسي الذي لعبته تلك المقاهي ومرتادوها في إعلاء صوت المعارضة والتحشيد للتظاهر ضد سياسات الانظمة المتعاقبة آنذاك. تذكرنا لعديد المقاهي للتدليل على أنه ليس كمثله شارع في بغداد احتضن تلك المقاهي، من التي يؤمها المثقفون، مثلما احتضن عديد دور السينما والمسارح، بدءا من سينما الخيام ومن ثم الزوراء وسنترال والرشيد وسينما الرافدين والوطني ورويال والحمراء، غالبيتها اندثرت الآن. كانت تشكل عامل جذب ومتعة للمواطنين والعوائل البغدادية، كلها شكلت لهذا الشارع أهميته الحضارية. ما نخلص اليه هنا ضرورة إعادة الاعتبار لهذا الشارع، نظافته ورونقه ومسارحه وسينماته، لكي تستمر دورة حياته من الصباح الباكر إلى ساعة متأخرة من الليل، وليس أن يقفر بعد الظهر. إعادة الاعتبار له، احياء لـ (شريان قلب بغداد) كما سمي. نلاحظ الآن الاستقطاب الشعبي للمتنبي في أيام الجمع، كأنما الناس يحنون لشارع الرشيد عبر رافده الثقافي الرئيس المتنبي، إن حملة تنظيف وترميم وبناء دور سينما ومسارح ومعارض فنية، كفيلة بأن تجعل هذا الشارع محط أنظار الناس في جميع الأيام صباحا ومساء، ما يصب في ازدهار الثقافة والسياحة في العاصمة الحبيبة بغداد.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *