بغداد/شبكة اخبار العراق- يشهد إقليم كردستان هذه الأيام توجهين مختلفين أحدهما يدعو إلى العودة لبغداد، أما الثاني فيطالب بإدارة الظهر لها. وتوزع التوجهان على السليمانية وأربيل.وحدث شرخ سياسي كبير بين أربيل والسليمانية منذ ان منع الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس برلمان كردستان ووزراء حركة التغيير من العودة الى أربيل في شهر تشرين الاول/اكتوبر، فالحزب الديمقراطي متنفذ في اربيل فيما يسمع كلام حركة التغيير في السليمانية وبالتالي أصبح لدى المحافظتين المنتميتين الى حكومة واحدة وجهتا نظر مختلفتان في التعامل مع بغداد.الحزب الديمقراطي الكردستاني أعلن رسميا انه لم يعد يؤمن بالحكومة المركزية العراقية ويرى ان الفرصة لإجراء استفتاء والاستقلال سانحة، فيما ترى حركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني ان هناك فرصة ولكنهما يعتقدان ان الحزب الديمقراطي قد قضى على أساسها وبالتالي يريان ان الوقت ليس مواتيا لانفصال الإقليم عن العراق.وهناك توجهان في اقليم كردستان احدهما يريد إبعاد اربيل عن بغداد ويدعو الى الاستقلال وهو التوجه الذي يدافع عنه الحزب الديمقراطي وحلفاؤه، اما التوجه الآخر الذي يمثله الاتحاد الوطني وحركة التغيير وحلفاؤهما فيقف الى جانب حل المشكلات مع بغداد واصلاح الوضع السياسي للاقليم.واشار علي عوني العضو القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الى ان العودة الى بغداد بحجة وجود الازمة المالية “خيانة للشعب الكردي”. وقال ان “هناك فرصة كبيرة سانحة للاستقلال فلا يمكن لإقليم كردستان ان يعود مرة اخرى الى عراق لا وجود له على ارض الواقع ناهيك عن تسليم الإقليم او مدينة كالسليمانية الى بغداد”.وأضاف “هناك اطراف سياسية في الإقليم تريد اعادة السليمانية الى سيطرة دكتاتور آخر وهو بغداد، أنا متأكد من أن أهالي السليمانية لن يقبلوا من هذه الأطراف تجزئة الاقليم”.الحزب الديمقراطي حسم أمره في عدم عودة الإقليم الى بغداد ولكن صعوبة الأزمة المالية وانعدام الشفافية في واردات النفط دفعا حركة التغيير والاتحاد الوطني الى التفكير في طريقة اخرى لحل الوضع الاقتصادي.ومع ان الحزب الديمقراطي يريد ان يظهر نفسه كرائد لتيار استقلال كردستان الا ان المعارضين للامر يرون ان ما يفعله الحزب الديمقراطي هو فقط لإخفاء المشكلات الداخلية وإشغال الناس، والا فان الحزب لا يزال يحتفظ بمنصبي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية ومناصب حساسة اخرى في بغداد.وهناك رأي سائد بين بعض المواطنين في السليمانية وهو اعتقادهم بان اربيل تم تحويلها الى مركز السلطة وتمركزت فيها جميع المؤسسات الحساسة وحرمت السليمانية من الخدمات حتى ان حكومة الإقليم التي يتولى الحزب الديمقراطي السلطة الأولى فيها تريد افلاس السليمانية.ولا يقتصر هذا الاعتقاد على المواطنين العاديين فحسب بل إن اصحاب السلطة أيضا لديهم التفسير نفسه لذلك يفضلون تعامل السليمانية مع بغداد بشكل مباشر لتأمين ميزانيتها.وفي اواخر أيار/مايو الماضي طالب مجلس محافظة السليمانية حكومة الاقليم بتطبيق قانون رقم (3) لسنة 2009 الصادر عن برلمان كردستان والمتعلق بالعمل بنظام اللامركزية ولكن مجلس وزراء الإقليم رفض الطلب في الحادي عشر من حزيران/يونيو.ويرى الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني انه لا بد ان تكون الأطراف الكردية متحدة في التعامل مع بغداد وعلى الرغم من دعم الاطراف الاخرى لهذا التوجه الا انها ترى ان الوحدة لا تعني الانجرار وراء رغبات الحزب الديمقراطي.وكان نوشيروان مصطفى المنسق العام لحركة التغيير التي وقعت اتفاقا مشتركا مع الاتحاد الوطني الكردستاني والمتنفذة في محافظات السليمانية وحلبجة وكركوك قال في خطاب الى اعضاء حزبه في الخامس عشر من حزيران الماضي بث عبر القنوات الاعلامية “لقد اتخذ الحزب الديمقراطي القرار في اقليم كردستان وحده وبشكل منفرد ولم تبق الشراكة موجودة في ما تسمى بالمؤسسة السياسية لاتخاذ القرار وقد قرر بشكل منفرد الانسحاب من بغداد”.وتشير معلومات من حركة التغيير الى ان الحركة والاتحاد الوطني قررا اعادة النظر في مصادر الدخل ضمن حدود محافظتي السليمانية وحلبجة وادارة كرميان من اجل ايجاد مصادر مالية لهذه المناطق وإصلاح الوضع المعيشي للمواطنين.المعلومات تشير ايضا الى ان القيادة المشتركة لحركة التغيير والاتحاد الوطني اكدت خلال اجتماعها في الرابع عشر من حزيران الماضي ان الجانبين سيبذلان كل ما في وسعهما من اجل حل المشكلات مع الحزب الديمقراطي واذا استمر الحزب الديمقراطي في مواقفه هذه حينها ستتم محاولة التوصل الى نوع من الاتفاق مع بغداد او اصلاح الوضع الاقتصادي عن طريق واردات المنطقة.هذان التوجهان في التعامل مع بغداد خلقا خطر انقسام الاقليم وجر كل من الجانبين المتنفذين مناطق سيطرتهما في اتجاه.وقال السياسي البارز في اقليم كردستان محمود عثمان الذي امضى سنوات طويلة في العمل السياسي في العراق انه “لأمر مشين وغير لائق ان يكون هناك حزب في اربيل له توجه حول المشكلات وحزب آخر في السليمانية له توجه آخر، لا يحق استمرار هذه التفرقة وهذا التباعد”.ويرى عثمان انه لا يمكن لكل طرف ان يتصل من جهته ببغداد بل لا بد ان تجتمع الأحزاب معا وتتخذ قرارا نهائيا حول العودة الى بغداد او الانفصال عنها.وتفيد المعلومات ان احد الطرق التي فكرت فيها حركة التغيير والاتحاد الوطني هو تقريب مناطق سلطتهما من بغداد من اجل حل الوضع المالي وبالتالي ارسال بغداد ميزانية السليمانية وفي المقابل تؤدي السليمانية واجباتها الدستورية والقانونية تجاه الحكومة المركزية كمحافظة عراقية.ورفض شورش حاجي المتحدث باسم حركة التغيير جميع التكهنات التي تتحدث عن تجزئة الاقليم، مشددا على ان حزبه مصر على مواقفه السابقة ويريد حل المشكلات مع بغداد عن طريق الحوار والتفاهم.وقال حاجي انه “لابد ان تحل مشكلات الاقليم مع بغداد عبر المؤسسات الوطنية في الاقليم وليس الوفود الحزبية”.وزار وفد مشترك لحركة التغيير والاتحاد الوطني في الخامس والعشرين من حزيران الماضي الاطراف العراقية وشدد الوفد مرة اخرى خلال لقاءاته مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ونوري المالكي وعمار الحكيم واسامة النجيفي واياد علاوي على ضرورة حل المشكلات بين الاقليم وبغداد كما تعهد العبادي خلال اجتماعه بالوفد بإرسال حصة الاقليم من الميزانية شرط ان يسلم الاقليم النفط الى بغداد، حسبما قال كاوا محمد النائب عن كتلة التغيير في مجلس النواب.وضمن التعامل الذي تجريه السليمانية مع بغداد زار آسو فريدون محافظ السليمانية بغداد مرتين خلال الاشهر الاربعة الماضية واجتمع اكثر من مرة مع العبادي كان اخرها في التاسع عشر من حزيران في حين لم يزر محافظا اربيل ودهوك بغداد حتى الان.ومع ان جميع هذه الزيارات والتصريحات توحي بالتقارب بين السليمانية وبغداد بشكل واضح ولاسيما وان الجانبين يعتبران صديقين لإيران الا ان المسؤولين في الاحزاب الحاكمة في السليمانية يرفضون التعامل مع بغداد منفردين.وقال لطيف الشيخ عمر العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني نحن وحركة التغيير “نعمل من خلال مشروع وطني على حل الخلافات بين الاقليم وبغداد عبر الحوار ولا توجد خطة للتباحث معها خارج وحدة الصف الكردي”.وشدد الشيخ عمر على ان من حق محافظة السليمانية كأية محافظة عراقية أخرى ان تطالب بحقوقها من بغداد وعلى الحكومة المركزية تأمين مستلزمات السليمانية وجميع المدن العراقية الاخرى.واوضح محمود عثمان ان ما يلاحظ هو ان تعامل اربيل مع بغداد نوع وتعامل السليمانية معها نوع آخر، معتبرا ذلك امرا سيئا جدا ورأى انه يعيد الاقليم الى الادارتين وهي التجربة التي مر بها المواطنون في اقليم كردستان خلال اواسط التسعينات وحتى عام 2005 ولا يريدون المرور بها من جديد. (نقاش).