بغداد/شبكة أخبار العراق- أعلنت رئيس منظمة صحفيات بلا حدود الدكتورة انتظار مالك في مؤتمر شاركت فيه وزارة البيئة والعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المؤسسات المعنية، اطلاق حملة كبيرة ضد ابراج الاتصالات غير المطابقة للمواصفات العالمية. وأشارت مالك إلى أننا ” نعاني اليوم من تزايد ظاهرة التلوث البصري والشعور بالإرهاق والتوتر وخفض معدلات التركيز الذهني وغيرها من التغييرات السلوكية والإحباط والرغبة بالانتحار نتيجة التلوث البيئي الذي تحدثه هذه الابراج.
ما نعرفه أن المئات من الناس كانت تتهافت على نصب ابراج الهواتف النقالة فوق سطوح منازلهم سعيا لجمع المال.
بل إن العديد من فرص النصب ما زالت متاحة حتى الآن. لكن كيف لهذه المناطق المكونة من المنازل والمحال التجارية والمدارس والمستشفيات وغيرها ان تقاوم التلوث البيئي؟ ، بل هناك مخاطر أخرى تتمثل في الامراض السرطانية.
ومن المنظور الواسع لاستخدامات الهواتف النقالة الذي تشهده البلاد، هل يمكن الحفاظ على صحتنا التي لا تقدر بثمن في ظل هذه الطفرة المحمومة الساعية الى تحصيل الربح وبأسرع وقت ممكن؟ وبخاصة بعد أن بيَّنت الآلاف من الدراسات أنها تتسبب بأضرار بيولوجية للجسم، ففضلا عن السرطان فهي تؤدي ايضا إلى اضطرابات في الدماغ والذاكرة وضعف التعلم والأرق والاختلال الهرموني والعقم والخرف ومضاعفات في القلب.
من هذا المنطلق، طالبت مالك البرلمان العراقي ورئيس الوزراء ووزارة البيئة والصحة والاتصالات والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وهيئة الاعلام والاتصالات بالعمل على وضع ضوابط علمية دقيقة والاستعانة بدراسات المنظمات العلمية وتحديدا منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للإشعاع لحماية الانسان والحيوان والنبات وغيرها من عناصر البيئة الاخرى من التأثيرات البيولوجية للإشعاع.
وتحقيق الحد الادنى من الشروط الفنية الواجب توفرها عند منح رخص انشاء او تثبيت هذه الأبراج، فضلا عن وضع ضوابط ملموسة، وفي حال عدم الاستجابة لها من هذه الشركات فيجب اللجوء إلى القانون من خلال رفع دعاوى قضائية.
ضوابط ومحددات
في المقابل قامت وزارة البيئة باستيراد اجهزة على اعلى مستويات التطور والحداثة لقياس نسب الترددات الاشعاعية، بما يخص الاشعة غير المؤينة الصادرة عن شبكات الهاتف النقال، وتم ابلاغ هذه الشركات لمرات عديدة بالمعايير والمحددات البيئية، في ما يخص تحديد مواقع تثبيت هذه الابراج وشروط الالتزام بها ومعايير الترددات الواجب ان تبث من خلالها.
الفرق الرقابية تحدد المخالفات على وجهين الاولى تتعلق بالمحددات البيئية التي تخص المواقع والثانية بالترددات البيئية التي تبثها هذه الابراج. وفي تعليق على هذه النتائج يعدُّ وكيل وزارة البيئة جاسم عبد العزيز الفلاحي ان هناك توسعا وانتشارا كبيرين لهذه الابراج بين الاحياء والأزقة وقرب المدارس والمؤسسات الصحية وغيرها، رغم وجود ضوابط ومحددات تضع في الحسبان المشاكل التي من الممكن ان تنشأ عن الاستخدام الخاطئ لشبكات الهاتف المحمول وفق قانون 27 لعام 2009.
وزارة البيئة تقول في كل مرّة أن لديها فرقا رقابية تسمّى ” الشرطة البيئة ” قامت برصد العديد من المخالفات الكبيرة، فضلا عن عدم التزام شركات الهاتف النقال والإذاعة والتلفزيون بالشروط اللازمة ضمن المؤشرات البيئية.
يرافقها تقارير منظمات الصحة العالمية والمؤسسات ذات العلاقة بازدياد نسب الاصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية ومعدلات الاجهاض في البلاد.
ورغم هذا فإن وزارة البيئة تعاني من عدم قدرتها على فرض قوانينها المتعلقة بهذا الشأن، وهو ما أكده الفلاحي في عدم تجاوب الكثير من الشركات المشاركة في خدمات الهاتف النقال، رغم انذارها ومحاولة منحها أكثر من فرصة لتعديل مسيرتها الخاطئة في عملها.
استثناءات خاصة
لكن المعطى النهائي افضى إلى تجاهل الضوابط بحجة الاستثناءات التي قال عنها وكيل الوزارة أن ” الغاية منها كانت بالأساس لتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار”. هذا الأمر جاء عن قناعة الوزارة في أن البلدان لا يمكن ان تبنى إلَّا من خلال قطاع خاص علمي متطور لغرض مواكبة التطور التكنولوجي الحاصل في العالم من منطلق أن هذه الخدمة لم تعد كمالية وإنما اساسية، من اجل كل ذلك لجأت الوزارة الى وضع استثناءات خاصة لبعض الشركات لتشجيعها.
ولكن هذا الاستثناء دفع بها إلى تجاهل الشروط والمحددات البيئية.
لكن ما العمل ؟ يتساءل العديد من افراد المجتمع العراقي وهم يتابعون ارتفاع نسب الاصابة بالأمراض السرطانية وغيرها. الحل قد لا يكون يسيراً للوزارة.
خصوصاً أن المسألة تحتاج الى دعم كبير، ويرى مطلعون أنَّه لولا هذه الاستثناءات التي ما انفكت الوزارة بالاعتماد عليها لما اصبح العراق اليوم مركزا للتلوث الاشعاعي والكيماوي .. فعلى رغم الغاء هذه الاستثناءات من وزير البيئة وما تبعها من اجراءات قانونية من الفرق الرقابية المتابعة ضد الابراج المخالفة، إلَّا أن هذا الامر لا يكفي.
الوزارة وعلى لسان وكيلها أكدت أنَّه قد تم تشكيل لجنة خاصة بهذا الشأن من وزارة البيئة والصحة والعلوم والتكنولوجيا والكهرباء والصناعة والدوائر والمؤسسات الاخرى غير المرتبطة بالوزارة كمنظمات المجتمع المدني، لافتة إلى أننا بحاجة كبيرة للتوعية البيئية.
مجلس النواب
العديد من الدراسات التي اجرتها منظمات دولية وصلت إلى استنتاج، مفاده أن إشعاع أبراج الهاتف النقال، هو مادة مسرطنة، بعض هذه الدراسات بحثت في العلاقة بين التعرض للإشعاع ومعدلات الإصابة بالسرطان.
ليكتشف أن الذين يعيشون بالقرب منها فإن زيادة خطر الإصابة يصل إلى 121 مرّة ، ولا يقتصر الامر على هذا فقط بل ان الابحاث الطبية الاخيرة أكدت أن أكثر من 80 بالمئة من أولئك الذين اصيبوا بأنواع معينة من السرطان يسكن ما يقرب الثلث منهم بالقرب من هذه الابراج، كما وقد وجدت هذه السرطانات في البروستات والثدي والرئتين والكلى والكبد.
وبحسب رأي عضو مجلس النواب العراقي ابتسام الهلالي فان 60بالمئة من نسب اصابات السرطان سببها شبكات الهاتف النقال، مشيرة إلى أن مجلس النواب يسعى الآن لوضع قانون يحدد آلية عمل هذه الشركات وكيفية نصب الشبكات بحيث تكون بعيدة عن التماس البشري.
خدمات الجيل الثالث
ويجرنا الحديث هنا ايضا إلى خدمة الجيل الثالث التي اطلقتها شركات الهواتف النقالة في البلاد مع بداية العام 2015 لغرض توفير خدمة اسرع لكل مشتركيها في كل انحاء البلاد.
ووفق المصادر فإن الجيل الثالث 3G يضم مجموعة واسعة من الخدمات ويسهم في زيادة معدل نقل المعلومات بمساحة أوسع ومدى أكثر، ويتم تحديدها كمعيار IMT-2000.
وتوفر شبكة الجيل الثالث 3G تحميل بسرعة 14.4 ميغابت في الثانية، وقد تم اطلاق اليابان هذه الخدمة بنجاح في العام 2001 وكوريا الجنوبية في العام 2002 تلتها شركة
الاتصالات البريطانية والولايات المتحدة الاميركية بحلول العام 2007 .
المتخصص بشبكات الهاتف النقال الاكاديمي الدكتور غسان أكرم أكد أنه ” بعد اطلاق خدمة الجيل الثالث من قبل شركات الهاتف النقال الثلاث العاملة في العراق صاحب هذه الخدمة حملة دعائية من قبل شركتي اسياسيل وزين بأنها اصبحت تقدم خدمة الـ3.9G ” .
مشيرا إلى أن هذا الأمر غير واقعي الى حد كبير، فالمعروف عالمياً وبشكل قاطع ان هذا المصطلح يستخدم فقط للإشارة الى شبكات ” أيل تي أي” (LTE: Long Term Evolution)
حصراً ، وهذه الخدمة هي اقرب لشبكات الجيل الرابع وتعد تمهيداً لها.
وقد تم اثبات ذلك في الدراسة التحليلية المعدة والمقدمة من قبلنا والتي أشرت بشكل علمي ان خدمات الجيل الثالث لا يمكن ان
ترتقي بأي شكل من الاشكال الى ما يمكن وصفه بــ” 3.9G ” . وان هذا المصطلح يشير بشكل حصري الى شبكات الــ”” LTE واستخدام هذا المصطلح من قبل شركتي اسياسيل وزين العراق للترويج عن خدماتهم للجيل الثالث فيه ايهام وتضليل متعمد للفرد العراقي في ان الخدمة متقدمة عمّا هو معروف في خدمات الجيل الثالث وهذا ما لا يصح مطلقاً.