شناشيل : إذا اختلفَ الحراميّة

شناشيل : إذا اختلفَ الحراميّة
آخر تحديث:

 عدنان حسين  

مثل لاعبي كرة هواة، تبادلت الحكومة ومجلس النواب الاتهامات العشوائية بشأن المسؤولية عن صياغة مشروع قانون المجلس وعرضه على المجلس تمهيداً لتشريعه.

بما يُشبه عمل المنظمات غير القانونية، وكما يحصل عادة مع كل مشاريع القوانين، وزّعت رئاسة مجلس النواب مشروع القانون على الأعضاء، ثم أدرجته في جدول إحدى الجلسات لقراءة أولى تسبق الثانية التي تمهّد لتشريع القانون. كل هذا من دون إطلاع الرأي العام على مشروع القانون، حتى إذا قُرِئ مشروع القانون القراءة الأولى وافتُضِح أمره لوسائل الإعلام ثارت ثائرة الناس ضد مشروع القانون وضد المجلس برمّته.

ثار الناس لأنهم أدركوا للمرة الألف، ربما، أنّ “نوابهم” يستغفلونهم ويعملون من وراء ظهورهم لمفاقمة امتيازاتهم ، فيما البلاد بسبب انخفاض أسعار النفط وتصاعد مستويات الفساد الإداري والمالي، تكابد الانهيار المالي الذي يُلجئها الى الاقتراض من الدول والمؤسسات المالية العالمية، وإلى وقف العمل بالكثير من المشاريع الاقتصادية والخدمية الملحّة الحاجة إليها لنقص تمويلها.

سعى مجلس النواب، بعد ثورة الناس عليه، إلى التبرّؤ من هذه الفعلة. رئيس اللجنة المالية في المجلس اتهم الحكومة بوضع مشروع القانون، وقال في بيان إن اللجنة المالية عرضت القانون على المجلس، كما جاءها من مجلس الوزراء، ليأخذ مجراه التشريعي، فإما أن يردّ القانون أو يمضي بتشريعه ، مؤكداً أن “ما ورد في القانون من امتيازات جاء من الحكومة ونحن في اللجنة المالية لا نقبل بهذه الامتيازات”!

بالطبع ليس في وسع مَنْ في رأسه عقل سليم القبول بكلام من هذا النوع، فاللجنة البرلمانية المتخصّصة ليست مجرد ساعي بريد بين الحكومة التي تقترح القوانين والبرلمان الذي يشرّع القوانين. من واجبها مراجعة مشاريع القوانين والتدقيق فيها وتقديم التوصية بشأنها إلى رئاسة المجلس. إذا كانت اللجان البرلمانية لا تعمل بهذا النسق فما لزوم وجودها؟

الحكومة من جانبها تبرّأت أيضاً من مشروع القانون، فالمتحدث باسم رئيس الحكومة قال في بيان إن” مشروع القانون المذكور لم يُرسل من مجلس الوزراء مطلقاً وان مجلس الوزراء يعترض على أية امتيازات إضافية ويعتبرها مخالفة للإصلاحات التي أُقرّت وألغت امتيازات سابقة”. بل إنه زاد بالقول إن “الدستور أوضح صلاحيات السلطات جميعاً ولم ينصّ على تشريع قانون لعمل مجلس النواب وإنما نصّ على أن يضع مجلس النواب وكذلك مجلس الوزراء نظاماً داخلياً ينظّم عمله”.

تصريحات من هذا النوع إنما تزيد النقمة على الطبقة السياسية الحاكمة ،لأنها لا تقول الحقيقة، فالثابت أن المحكمة الاتحادية كانت قد خضعت لإرادة الحكومة السابقة فسلبت مجلس النواب حقه في تشريع القوانين، مع أنه هو السلطة التشريعية، وقضت بأن السلطة التنفيذية هي التي تقترح القوانين على المجلس الذي لا يجوز له تعديل مشاريع القوانين المقترحة بما يضيف التزامات مالية لا تقبل بها الحكومة (!) وبذا جعلت المحكمة الاتحادية من مجلس النواب مجرد “بصّام” على ما تقرّره الحكومة، وبالأخصّ رئيس الحكومة.

القضية وما فيها أنه إذا اختلف الحرامية ظهرت سرقاتهم! وما يجري بين المجلس والحكومة الآن هو من هذا الجنس من الألعاب. ولوقف هذه اللعبة العبثية يتعيّن سحب هذا القانون من التداول في الحال ورميه في أقرب سلّة مهملات، وعدم التفكير إلا بقانون يجرّد أعضاء مجلس النواب وسائر أفراد الطبقة الحاكمة من أية امتيازات لا يستحقونها. والواقع إنهم لا يستحقون أية امتيازات، فالغالبية العظمى منهم لا يَعدَون كونهم حراميّة من الطراز الأول!

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *