عدنان حسين
لقاء رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم مع عدد من الإعلاميين، السبت، دعيتُ إليه ولم أحضره لأنني كنت يومها خارج البلاد، ولو حضرتُ لكنتُ قد قلت للسيد الحكيم ان الاستنتاج الذي خلص إليه في حديثه جاء متأخراً كثيراً، وان ثمن ذلك كان ثقيلاً للغاية.
السيد الحكيم لاحظ في حديثه الى الزملاء ان العناصر العراقية كانت تشكّل أقل من 10 بالمئة من قوام تنظيم القاعدة في العراق والـ 90 بالمئة الباقية كانت تتشكل من عناصر أجنبية، فيما الآن انقلبت الآية تماماً مع تنظيم داعش.
وخلص السيد الحكيم الى أن “ذلك يشير الى خلل كبير في العملية السياسية بعد العام 2003 يجب فحصه بدقة ووعي ومسؤولية قبل أن يقودنا الى التقسيم الذي سيفتح أبواب جهنم على العراقيين من خلال حمامات دم مؤلمة”، مؤكداً أنه “لا خيار أمام العراقيين سوى خيار المصالحة”.
كلام صائب وسليم من هذا النوع، وبالذات في ما خصّ الخلل الكبير في العملية السياسية وعواقب التقسيم وضرورة المصالحة لتجنب انفتاح أبواب جهنم، كان يتعيّن قوله من شخصية مثل الحكيم وسواه من قادة التحالف الوطني (الشيعي) قبل ثلاث سنوات وخمس سنوات وحتى ثماني سنوات.. عدد غير قليل من السياسيين والكتاب الوطنيين رددوا هذه الفكرة بأعلى الأصوات وحذّروا من العواقب.. قالوها وكتبوها مئات المرات، لكن قيادات التحالف الوطني (صاحبة الأغلبية والسلطان في البرلمان والحكومة والدولة كلها) شاءت أن تعطي كل ما قيل وكتب آذاناً مختومة بالشمع الثقيل، بل انها عملت على تكريس الخلل الكبير وتعميقه في عهد الحكومة السابقة، على نحو خاص، التي هي حكومة التحالف بامتياز.
لو فكّرت قيادات التحالف الوطني منذ خمس سنوات بمثل ما أفصح عنه الآن السيد الحكيم، لكانت وفّرت على البلاد الكثير من الويلات والمحن التي كابدتها في عهد الحكومة السابقة، ولما تهيأت الفرصة لداعش لأن يكون وأن يجتاح ثلث مساحة البلاد وعدداً من اهم مدنها ومناطقها، وأن يذبح ويقتل عشرات الآلاف ويسبي الآلاف، وأن يجعل من مليوني عراقي نازحين مشردين في بلادهم وخارجها، وأن يدمّر المعالم الحضارية والدينية النفيسة.
استنتاج السيد الحكيم متأخر كثيراً.. نعم، لكن أن تأتي الأشياء متأخرة خير من ألا تأتي أبداً.. واذا كان السيد الحكيم يعني ما قاله للزملاء فإن بوسعه وقيادات التحالف الوطني، أن يفعلوا الكثير، فالمشكلة الحقيقية على هذا الصعيد ان هذه القيادات ليست جادة في موضوع المصالحة.. لا تؤمن بها ولا تريدها.
صحيح ان التحالف وقياداته قالوا كلاماً منمقاً كثيراً في المصالحة، لكن على أرض الواقع لم يحصل شيء، وكلام السيد الحكيم اعتراف صريح بهذا..