شناشيل : برسم العبادي والمتحدّث باسمه

شناشيل : برسم العبادي والمتحدّث باسمه
آخر تحديث:

 بقلم:عدنان حسين

أتعجب كيف يتحدث رئيس مجلس الوزراء مباشرة أو عبر المتحدث باسم مكتبه بيقين، مُطلقاً الوعود الخلّابة والتعهّدات الثقيلة التي ليس في مقدوره تحقيقها!

منذ أسبوع أعلن السيد العبادي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي عن إطلاق الترشيح للتقديم إلى المناصب العليا في الحكومة والهيئات المستقلة، مؤكداً أن التعيينات في هذه المناصب ستكون من الآن فصاعداً خارج نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي توافقت عليه الأحزاب المتنفذة لمدة دورة نيابية واحدة فقط (أربع سنوات)، لكنّه صار قاعدة راسخة رسوخ الجبال، وتجاوز المناصب العليا إلى المتوسطة وحتى الدنيا.

العبادي لم يترك إعلانه مبهماً، فهو زاد بالقول إن الهيئات المستقلة “يجب أن تخرج من المحاصصة وأن تكون مستقلة فعلاً”، وصرّح بنبذه “تمدّد العمل الحزبي إلى مؤسسات الدولة والتعيين على أساس الولاء الحزبي والشخصي”. أكثر من هذا هو بشرّنا بأننا “على أعتاب عهد جديد، وبتحقيق العدالة نوجه ضربة قاصمة للإرهاب والفساد (….) إننا دولة مواطنة ولسنا دولة مكوّنات، والتنوّع قوة للعراق وجميع المواطنين متساوون ومن الدرجة الاولى وليسوا أتباعاً لأحد”.

كلام جميل للغاية ورائع الى أبعد الحدود، تبعه كلام مماثل للمتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء، سعد الحديثي، الذي أعلن أول من أمس عن الآلية التي وضعتها الحكومة للترشيح إلى المناصب العليا التي تحدث عنها العبادي.

الحديثي قال “هذه الآلية تتضمن إبعاد هذه المناصب عن المحاصصة والتأثيرات السياسية، واختيار عناصر كفوءة لشغلها، الأمر الذي يُبعد العمل في مؤسسات الدولة عن التدخلات السياسية، ويحقّق الارتقاء بأداء المفاصل المهمة في مختلف الإدارات الحكومية، ويتيح الفرصة كاملة أمام كل مؤهل للتنافس على شغل هذه المناصب، ويوفّر مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع الكفاءات والمتخصصين للوصول إليها”، وأوضح أنه في غضون بضعة أسابيع “ستُطرح استمارة الترشيح عبر بوابة إلكترونية مخصّصة لهذا الغرض أُعِدّت من قبل فريق مهني متخصص وبالاستعانة بخبرات دولية لاعتماد ضوابط موضوعية ومواصفات إدارية واشتراطات مهنية للمتقدمين للترشيح”، وشدد على أنه “لن يكون هناك أي حضور لعامل الانتماء الحزبي أو الولاء السياسي في حقول هذه الاستمارة أو في آلية احتساب النقاط للمرشحين”، وأن “الآلية الجديدة ستشكل انتقالة مفصلية في مسارات العمل الحكومي وتؤدي الى ترصين الأداء في منظومة الإدارة الحكومية وستمثّل نقلة نوعية في البناء المؤسساتي للدولة”.

كلام العبادي وكلام المتحدث باسم مكتبه أطول من هذه المقتطفات بكثير، وهما بالطبع من أجمل وأروع ما يكون، لكنّهما ليس لهما أي قيمة في الواقع .. قيمتهما لا تُعادل قيمة الورقتين أو الثلاث التي تستوعبهما عند طباعتهما. دليلي على هذا ما حصل في مجلس النواب في اليوم نفسه التي كان السيد الحديثي يُعلن عن الآلية. في المجلس جرت معركة كلامية حامية تطورت الى اشتباكات بالأيدي، فيما عمد رئيس المجلس إلى طرد أحد النواب من الجلسة، والسبب أن لجنة الخبراء التي اختارها البرلمان لتشكيل مفوضية الانتخابات، وهي أهم هيئة مستقلة، قد أعلن بعض أعضائها اعتراضهم على نظام المحاصصة الذي تريده الكتل المتنفذة في تشكيل المفوضية الجديدة، فهذه الكتل (التحالف الوطني، التحالف الكردستاني، واتحاد القوى)عادت لتفرض مرشّحيها مستبعدة المرشحين المستقلين، الأمر الذي حدا ببعض أعضاء لجنة الخبراء، بمن فيهم رئيسها، إلى الاستقالة احتجاجاً على ذلك.

قبل سنة أُعلِن عن أن السيد العبادي منشغل بإعادة هيكلة الهيئات المستقلة وتعيين قيادات جديدة لها، ولم يحصل شيء!

السؤال إلى رئيس الوزراء والمتحدث باسمه:عن أي إصلاحات وأي خروج عن المحاصصة وأي نقلة نوعية … إلخ، كنتما تتحدثان؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *