عدنان حسين
بالتأكيد لن يُمكن معالجة ضيق التنفس الذي تكابده بغداد، وحلّ مشكلة الاختناقات المرورية في شوارعها وساحاتها بمجرد رفع حظر التجوال الليلي وفتح بعض الشوارع المغلقة منذ سنوات أو رفع بعض نقاط التفتيش فيها.
في الأساس كانت العاصمة تعاني من مشكلة المرور وأزمة النقل منذ سبعينيات القرن الماضي. يومها وضعت دراسات لمشاريع مناسبة لحل المشكلة والأزمة كليهما، بيد ان مغامرات صدام الحربية لم تبق على يابس أو أخضر فاحترقت تلك المشاريع في أتون الحرب العراقية الإيرانية وحرب تحرير الكويت وبينهما حروبه الداخلية التي لم تنقطع حتى في سني الحروب الخارجية، وفي العهد الجديد أحرقت “جماعتنا” ما تبقّى لنا في حربها الطائفية المتواصلة للسنة الثانية عشرة على التوالي.
المتحدث باسم مديرية المرور العامة الذي اعلن أن فتح الشوارع المغلقة ورفع حظر التجوال لن يحلا ما تعاني منه العاصمة، رأى أن “العاصمة بحاجة إلى طرق تستوعب عدد المركبات الموجودة فيها والتي وصل عددها إلى ضعفي ما كانت عليه في السابق”، وهذا بالطبع أمر غير عملي، لذا يقترح “اللجوء إلى وسائط النقل الجماعي كحل آني للازمة”.
مشروع مترو الأنفاق الذي تحتاجه بغداد حاجة ماسة منذ دهر سيظل في ما يبدو حلماً معلقاً ومؤجلاً حتى القرن المقبل، إذا ما ظلّ حتى ذلك الوقت كيان دولة بهذا الاسم. لننسَ هذا المشروع مادامت الأمور قد انتهت بنا إلى خزينة خاوية بعد سنة من دون موازنة، والى موازنة العجز فيها بحجم موازنة أكثر من دولة جارة لنا!
النقل النهري لا يتطلّب مليارات الدولارات اللازمة لمشروع مترو الأنفاق.. بضعة ملايين فقط كفيلة بإنشاء أسطول معتبر للنقل النهري من شأنه التخفيف كثيراً من مشكلة المرور وأزمة النقل. هذا المشروع يُمكن للقطاع الخاص أن يتكفّل به.
الترام هو الآخر أقل كلفة من مترو الإنفاق، لكن هذه الكلفة مع ذلك ثقيلة على موازنة دولتنا التي سيظل العجز ملتصقاً بها إلى حين، وكخيار بديل في الإمكان تسهيل أمر تنفيذ مشروع خطوط للترام إلى القطاع المختلط.
الباص الأحمر يظل سيد الموقف في الوقت الحالي، لكن الأرتال التي استوردت في السنتين الأخيرتين ضاعت وسط زحام بغداد الشديد، وبدا كما لو أنها لم تفعل شيئاً .. بضعة أرتال أخرى يمكنها أن تُحدث فرقاً، لكن لا بديل البتة عن مترو الأنفاق على المدى البعيد وعن النقل النهري في الوقت الراهن.