شناشيل : من يوقف هذا الهذر؟

شناشيل : من يوقف هذا الهذر؟
آخر تحديث:

 عدنان حسين

من البديهيات المعروفة حتى للمدنيين في ما خصّ الخطط العسكرية المتصلة بالعمليات الحربية، أن يمسك العسكريون ألسنتهم فلا يبوحوا بشيء يتعلق بخططهم واستعداداتهم. بل من البديهيات أيضاً أن يسعى العسكريون لتضليل العدو بمعلومات كاذبة من أجل مفاجأته، فالمفاجأة عنصر هام في الحرب وسائر العمليات العسكرية.

بالضد من هاتين البديهيتين، يمارس مسؤولونا العسكريون، ومعهم بعض المسؤولين المدنيين، إسهالاً كلامياً في الحديث عما فكّروا به وخطّطوا وأعدّوا له في الحرب الراهنة ضد داعش، بل لا يتردد الكثير منهم عن إعطاء معلومات عن ساعات الصفر للبدء بالعمليات لتحرير المناطق التي يحتلها داعش، إن في نينوى أو في صلاح الدين والأنبار.

في اللحظة التي نقرأ فيها هذا الكلام من المفترض أن تكون عملية تحرير مدينة تكريت قد بدأت، فأمس، السبت، نقلت إحدى الوكالات المحلية عمن وصفته بـ”مصدر أمني مطلع” القول إن “عملية تحرير مدينة تكريت وباقي مناطق محافظة صلاح الدين ستنطلق خلال الساعات المقبلة”. وللتأكيد على صحة معلومته تبرّع المصدر بالقول ان “قطعات عسكرية كبيرة وسرايا من الحشد الشعبي وصلت إلى قضاء سامراء” للمشاركة في العملية.

أشك في صحة المعلومة، وحتى إذا كانت صحيحة بأي مقدار، ما كان للمصدر أن يكشف عنها لأنها بذلك يكون قد كشف عن سرّ عسكري وأرسل تحذيراً مسبقاً الى داعش للتحوّط والإعداد لمواجهة الهجوم المرتقب.

لكنني أصر على الشك بالمعلومة، ففي الأشهر الماضية سمعنا وقرأنا عشرات التصريحات من هذا النوع التي لو صدقت لكانت محافظتا صلاح الدين والانبار قد تحررتا بالكامل، ولكانت قواتنا تقاتل داعش الآن على مشارف مدينة الموصل.

منذ ثلاثة أسابيع أعطى وزير الدفاع الانطباع باننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من البدء بعملية تحرير الموصل عندما صرّح بان “مستوى التخطيط لمعركة الموصل وصل الى مراحل متقدمة جداً”، والحال اننا لا نرى في الأفق إمكانية لذلك. وقبل وزير الدفاع بأكثر من شهر صرّح أحد كبار قادة الحشد الشعبي بان تحرير الموصل سيتحقق في غضون ثلاثة أشهر أو أربعة، ولا أظن ان تحرير الموصل حاصل بعد ثلاثة أشهر أو أربعة من اليوم. وقبل هذا المسؤول بثلاثة أشهر كان مستشار الأمن الوطني قد تحدث عمّا وصفه “اقتراب” معركة تحرير مدينة الموصل، وعن “خطة محكمة وُضِعت للمعركة الحاسمة ضد “داعش” التي قال انها “اقتربت، ولم يبق الا تفاصيل بسيطة ستُنجز عما قريب”!.

هذا غيض من فيض التصريحات المجانية التي يُطلقها المسؤولون العسكريون والمدنيون مما لا ينبغي النطق به، من أجل الإبقاء على الخطط والتحركات العسكرية سرية، أو في الأقل من أجل عدم تعميم المعلومات غير الصادقة وغير الدقيقة.

عجباً، ألا يستطيع هؤلاء المسؤولون ضبط أنفسهم وحركة ألسنتهم لحين البدء فعلاً بعمليات تحرير تكريت والأنبار والموصل ليهذروا ما شاء لهم الهذر وسط تصفيقنا لهم؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *