شناشيل : هل نصدق بيان وزارة الصحة؟

شناشيل : هل نصدق بيان وزارة الصحة؟
آخر تحديث:

 

 عدنان حسين

حدّث العاقل بما لا يُعقل فإن صدّق فلا عقل له .. والعراقيون برغم المحن الكثيرة المتوالية والرزايا الشديدة المتصلة التي مرّت بهم ونُكِبوا بها لم تزل الغالبية الساحقة منهم تحتفظ بعقولها سليمة لا تُصدّق بما لا يُعقل وتنبذ الكذب، وهو كثير.

البيان الصادر عن وزارة الصحة بشأن الحادث الذي وقع أثناء زيارة وزيرة الصحة لمستشفى الحسين في مدينة الناصرية يوم الخميس لا يمكن أن يصدقه حتى من لم يبقَ له سوى ربع عقل بسبب ما جرى ويجري في هذي البلاد مما لا يتوقعه عقل ولا يتصوره خيال.. البيان قال إن “بعض المتظاهرين المدفوعين من قبل بعض الجهات السياسية التي تتعارض سياستها مع إدارة صحة ذي قار، قاموا ببعض التصرفات الهمجية مع وزيرة الصحة عديلة حمود بشكل لا يتناسب مع حرية التعبير”.

واقع الحادث يقول ان نحو خمسين من عمال الأجور اليومية في دائرة صحة ذي قار نظموا وقفة للاحتجاج على تخفيض أجورهم وللمطالبة بتثبيتهم على الملاك الدائم، مستندين الى حقّ كفله الدستور لهم ولسواهم، ومستغلين وجود الوزيرة في مدينتهم لإيصال ظلامتهم ومطلبهم إليها بعدما اعيتهم الحيلة في حل مشكلتهم، وهي مشكلة عامة شاملة لا تخلو منها أية محافظة أو مدينة، وكان على الوزيرة ومرافقيها ومسؤولي صحة محافظة ذي قار توقع ما حدث مادامت الوزيرة ذاهبة الى هناك في زيارة تفقدية .

لا يمكن لعاقل أن يصدق ان خمسين من العمال البسطاء يمكن أن يكونوا همجيين في وجه موكب الوزيرة المدجج بالأسلحة الفتاكة والذي قد يزيد عدد عناصره على عدد المتظاهرين .. لا يمكن أن نقبل بما ذهب إليه بيان الوزارة ووضع القضية في إطار مؤامرة سياسية! .. في هذا ظلم كبير في حق عمال مساكين سعوا الى التعبير عما يعانون وإلى إقرار حقوقهم في التمتع باجور مجزية وتعيينهم على الملاك الدائم.

لا نصدق بما جاء في بيان وزارة الصحة ، ليس فقط لأن عدداً من العمال أنفسهم وأحد أعضاء مجلس محافظة ذي قار قد نفوا ما جاء في البيان، وإنما أيضا لأننا نعرف انه بات من الممارسات المألوفة لمواكب كبار المسؤولين في الدولة التعدي برعونة وهمجية على الناس العاديين السائرين على الطرق وفي الشوارع بسياراتهم وعلى أقدامهم.. وقبل أشهر قليلة وقع حادث صادم عرف به كل العراقيين عندما تعدّى مرافقو وزير حقوق الإنسان على رجال شرطة المرور الذين كانوا يطبقون القانون.

الحقيقة ان الكثير من عناصر مواكب كبار المسؤولين في الدولة يتصرفون خارج القانون على نحو م يكن مألوفاً حتى في عهد النظام السابق، وهذا أمر يحتاج إلى معالجة جذرية من رئاسة الحكومة ومجلس النواب.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *