آخر تحديث:
عدنان حسين
بصيغة مضلِّلة أعلنت وزارة التخطيط في بيان أمس أن وزيرها الموجود في إيران في زيارة رسمية قد وقّع على مذكرة تفاهم بين البلدين “في مجال التقييس والسيطرة النوعية”، وأن الوزير وصف هذه المذكرة بأنها “تمثل خطوة مهمة في مجال الاستيراد والتصدير بين البلدين”.
للوهلة الأولى يظنّ قارئ البيان أن الوزير المعنية وزارته قبل غيرها بمجال التقييس والسيطرة النوعية للسلع النازلة إلى الاسواق من مناشئها المحلية والخارجية، قد نجح في التوصّل إلى اتفاق مع الجانب الإيراني لوقف غزو السلع الإيرانية الخارجة عن نطاق التقييس والسيطرة النوعية لأسواقنا. الحقّ أنّ إيران ليست الوحيدة التي جعلت من أسواقنا مكبّاً لسلعها الرديئة، فالصين هي المصدر الأكبر تليها إيران ثم تركيا ثم سوريا، والسبب في ذلك انهيار نظام الرقابة على الواردات، كما على الصادرات، منذ 2003، وهو ما وفّر الفرص الذهبية للتجار معدومي الضمير، بشراكة مع الفاسدين في جهاز الدولة، لإغراق البلاد بأردأ أصناف السلع قاطبة، بما فيها الأغذية والأدوية والسيارات وسواها.
التضليل في بيان وزارة التخطيط يتمثل في أنه تضمّن معلومات مُبتسرة عن تفاصيل مذكرة التفاهم في هذا المجال، مكتفياً بالقول إنها تشمل ” عدداً كبيراً من السلع…. سيبدأ تطبيقها بعشر سلع ثم يتم توسيعها لتشمل بعد ذلك كل السلع المتفق عليها”.
والتضليل يكشفه الخبر الذي بثّته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا” عن مذكرة التفاهم هذه. جاء في الخبر أن مسؤولين من العراق وإيران وقّعوا علی مذکرة تفاهم لاستثناء عشر سلع إيرانية من إجراءات التفتيش قبل الدخول الى العراق! وأنّ المذكرة تضمّنت “عدم الرجوع إلی شرکات التفتیش الأجنبیة في إطار تبادل تلك السلع”. ولمن لا يعرف فإن شركات التفتيش الأجنبية تعمل في العراق حصراً، فبعد أن عجزت دولتنا الميمونة عن القيام بواجبها وضمان النوعية للسلع الداخلة الى البلاد (فتّش عن الفساد الإداري والمالي المار من أعلى المستويات في هذه الدولة) تعاقدتْ مع شركتين أجنبيتين، هما (أس جي أس) السويسرية و(بريو فيرتاس) الفرنسية لتتوليا إجراء عمليات التقييس والسيطرة النوعية على البضائع المستوردة قبل دخولها إلى العراق لضمان مطابقتها للمواصفات العراقية والعالمية.
الوكالة أوضحت في خبرها أنّ السلع الإيرانية العشر المُبشّرة بجنّة الوصول الى أسواقنا من دون تفتيش ومن دون تقييس وسيطرة نوعية تشمل “الإطارات الحدیدیة والدراجات الهوائیة والدراجات الناریة وإطارات الدراجات الهوائیة والطابوق والکاشي والموزائیك والسیرامیك وإطارات الشاحنات والمبردات الغازیة والبیض المجمّد ومعجون الطماطم والالبان”.
يحيا الوزير الهُمام ووفده الرسمي الكبير .. ولتذهب إلى الجحيم صحّتنا وبيئتنا ونقودنا وصناعتنا الوطنية المتروكة لمصيرها البائس … بشهادة مصدَّقة من وزارة التخطيط هذه المرّة!