فلاح المشعل
لم يحدث في هذا الكون ان يمضي نحو الف عام و شعب لم ينقطع عن شهية الدموع ، حتى بلغ مبلغاً من الرقة العاطفية ورومانسية الحس مايجعله يشبه الورد أو اكثر ليونه ، وعطرا ً وبهجة .
لاأدري كيف أصبح كالصخر يمضي بين سطور المحنة ، واستبدل تلك النظرة الغزالية بعيون تشبه الزجاج .
شعب يصرخ طالبا ً مواسم جديد للجحيم ، يتلذذ بالموت وتشابه الفصول ،وعبادة الآلهة الخشبية، شعب يحفل بذاكرة شعرية عمرها خمسة آلاف عام ، ومركز تجمع لأنبياء الوجود، ثم يفقد الأبجدية ….!
ذلك هو صراط القلق الذي جعل الوطن يتأرجح بين النار والصحراء …!
بلاد تعيش العطش وهي تطل على النهرين ويقايا ذراع ل “العباس بن علي”، تحكي عن قصة ثورة أجهضها العطش والجحود ، وثمة قطرة دم لم تزل طرية .
شعب يضحك ويبكي في لحظة واحدة .
يفنى ويولد بقرار الصدفة .
ياجرح رمضان لم يبق معنى للدمع ، ولاللعطش ، ولاللخوف ، لم يبق معنى للمعنى ، او مايبحث عنه الناس في هذا الكون المسكون بالغايات والمعنى ، غرقت حقيبة المعنى في أنهر وطني ، ولم ينهض الماء بمهامه .
ياصحراء الوطن أتسعي ..وفيضي غبارا ً يغطي روائح العفن المتراكم ،
ياوردة النار أوقدي كل مسارات الحطب ، طهري ماتبقى من نقيع الخيانة والشجر المتعفن .
دعونا نولد من جديد بلا خلفية مترهلة بأكاذيب الحضارة وأوهام السماء ، دعونا نولد من خرابنا وفسادنا واحلامنا المهزومة ، نذهب للنار بهدوء لنغسل ادران السنين ، نحرق كل الرايات وندعي أننا بشر ، عسى ان تقبلنا البشرية ضيوفا ً غير ثقلاء .
وطن أضاع البوصلة وصار يتوكأ على زمن الرهينة والتيه واللاطريق ، فمن يقود الاعمى المتباهي في وحشة هذا الضياع المترامي …..! هل كنا جاحدين فعلا في قتل أنبياء الله ام في ملوك الله ، ومن يعلن براءتنا …!؟
اي شهود تعلن براءتنا من دم يوسف .؟ من يبعد عنا اللعنة الأبدية ويعلن بأنّا لسنا الشعب المختار ، يا الله نحن الشعب المحتار مابين النار والجرداء .
وطن سيتحول للذكرى ..بشر يعاد إنتاجهم وفق قوانين السوق ، ولتحيا أمريكا الأمبريالية ، فلا وطن ولاذاكرة ولامستقبل ، يوجد سوق فقط ، ونفط مرهون للزمان ليأكل امرائنا ماتبقى من لحمنا وضميرنا ثم يشربوا ماء وجوهنا .