خالد الحمداني
الحُكم .. فن من الفنون التي لا يتقنها إلا اشخاص يتمتعون بمواصفات خاصة تمنحهم المقدرة على ادارة الدولة . أن يكون شخصاً ما حاكماً هذا لايعني انه يمتلك تلك المواصفات التي تجعل منه حاكماً ناجحاً , وهذا بالضبط ينطبق على الشخصيات ( السياسية ) العراقية التي جاءت مع او بعد دخول القوات الامريكية الى العراق لإسقاط نظام صدام حسين .. العصبة التي يطلق عليها ( شيعة السلطة ) وهم بالفعل كذلك لان الشيعة في وسط وجنوب العراق لم يجنوا من السلطة شيئاً . فبعد مضي اكثر من عشرة اعوام على سقوط النظام السابق لازالت مدنهم تعاني من انعدام للخدمات بكل اشكالها كالبنية التحتية والأمن والخدمات الصحية والتعليمية . لكون شيعة السلطة في وادي والسواد الاعظم من الشيعة البسطاء في وادِ اخر , مجموعة من الاشخاص في غفلة من غفلات الزمن وصلت الى سدة الحكم في بلد انعم الله عليه بنعمة تعدد قومياته ودياناته ولغات مكوناته الاجتماعية .وصلوا وهم لا يمتلكون في جعبتهم وعقولهم سوى احقاد وعقد تاريخية وكره دفين تدعوا كلها للانتقام من الاخر .! . بدأوا حكمهم باتهام اخوتهم في الوطن ( سنة العراق ) بأنهم من اتباع النظام السابق وبعثيين وتكفيريين ووهابية …. الخ . وهم يعلمون إن في صفوفهم إن لم يكن معظمهم من المعتدلين الذين لاعلاقة لهم بكل تلك الاتهامات التي نسبوها ظلماً لهم وقد تضرروا من النظام السابق كما تضرروا هم.. كان الاجدر بهم أن يحتضنوهم ويقربوهم اليهم ويجعلوا من المتطرفين فيهم اقلية منبوذة من السنة اولاً ثم منهم لكن الحقد الذي اعمى عيون الحكام اي (شيعة السلطة ) لم يمنحهم الحنكة والدراية السياسية التي تمكنهم من التفكير بمنطقية وبعد النظر المطلوب ليس لمصلحة الاخر وإنما لمصلحتهم هم حتى يتمكنوا من الاستمتاع بحكم البلاد والاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في وسطه وجنوبه … وبما أن ( شيعة السلطة ) قد امنوا العقاب في خضرائهم تركوا ردة فعل المتطرفين من الطرف الاخر تقع على بسطاء الشيعة الذين لا ناقة لهم ولاجمل في ذلك … ولم يكتفوا بذلك بل ازدادوا طغياناً وعنجهية وتهميش وإقصاء اضف الى ذلك ممارسات قوات الجيش من اعتقالات عشوائية وإهانات بشتى انواعها عند نقاط التفتيش في المناطق السنية دفع بالبعض لارتكاب افعال شنيعة وقاسية قابلتها ردود افعال اشد قسوة . حتى بدأت ترجح كفة المتطرفين السنة على المعتدلين منهم لشعورهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية لا شركاء بهذا الوطن مما حدى بالكثير منهم للتخلي عن اعتداله واتجاهه نحو التطرف وحمل السلاح الامر الذي ادى الى التصادم مع القوات الامنية وكل هذا يعود الى فشل وغباء المجموعة الحاكمة اي ( شيعة السلطة ) , وقد كانت فترة حكم المالكي القشة التي قصمت ظهر البعير لكونها من اسوء فترات الحكم في تاريخ العراق منذ نشأته …الحكم الذي انتشر فيه الفساد وتفككت فيه البلاد وتجذرت فيه الطائفية في اسوء صورها وترسخت وانتشرت ثقافة سرقة المال العام من قبل الحكام الجدد حيث كانت تلك السرقات تتخطى مبالغها ميزانيات بعض دول جوار العراق..!! كل هذه السياسات الرعناء من شيعة السلطة قد فجرت الاوضاع في الاخير وجعلت من اهل الموصل مرحبين بتنظيم ارهابي تكفيري والانضمام في صفوفه افواجاً افواجا لأنهم كانوا يعتبرونه اشد وطأه عليهم من شركائهم وإخوتهم في الوطن . فما هكذا تورد الابل يا شيعة السلطة … غبائكم دفع السنة الى اللجوء لأكثر التنظيمات الارهابية تطرفاً في العالم هرباً منكم … فلا تدفعوا بسطاء الشيعة للجوء الى اطراف كانت تحكمهم سابقاً وبدأوا يشعرون انهم اكثر وطنيتاً منكم , فمن علمكم الانتقام يجب أن يعلمكم التسامح والصفح عن الاخر والعفو عند المقدرة وأن يكون شعار المرحلة المقبله (عفى الله عما سلف) حتى تتمكن سفينة الوطن من الابحار والوصول الى بر الامان … هذا إن اردتم الاستمرار في حكم العراق البلد المتعدد الاطياف , وإذا اعتقدتم انكم بتقسيمكم للعراق ستنعمون بالأمان فأنتم واهمون فأول الاخطار المحدقة بكم هي انفسكم انتم … ستتصارعون فيما بينكم عاجلاً ام اجلاً وستخسرون كل شيء , واعلموا إن الدنيا يومان يوم لكم ويوم عليكم … وبقاء الحال من المحال .