صالح يحذر التصادم مع مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية

صالح يحذر التصادم مع مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية
آخر تحديث:

بغداد/شبكة أخبار العراق- حذر المستشار الاقتصادي لرئاسة الوزراء، مظهر محمد صالح، في مقال نشره الاحد 19 اب 2018، من التصادم مع مصالح أمريكا الاقتصادية، فيما كشف عن كيفية حماية احتياطات العراق من العملة الصعبة.وقال صالح في مقال ، أن “حماية واستقرار الاحتياطيات الاجنبية للعراق وتنويعها وضمان سيولتها في الوقت نفسه تعد احد الاهداف الرئيسة في ادارة مخاطر محافظ البنوك المركزية ضمن معايير كفاية الاحتياطيات، اذ يتم تفضيل العائد القليل وبسيولة عالية للموجودات او الاصول التي يمكن تحويلها الى نقد حالاً بدون خسارة كسندات الخزينة القصيرة الاجل، وغيرها من ادوات الاستثمار المالي السيادية بدلاً من الاستثمار في اصول عالية العائد قليلة السيولة وبمخاطر عالية”، مبينا ان “ذلك لضمان فاعلية عمل السياسة النقدية في التصدي لمخاطر سيولة الاقتصاد وتوفير مقومات استقرار العملة الوطنية ضد تقلب موازين المدفوعات والصدمات الخارجية المفاجئة”.

وبين أن “أحد اسباب ازمة جنوب شرق اسيا في تسعينيات القرن الماضي تمثلت بقيام المصارف المركزية الاسيوية بالاستثمار في الخيارات المالية ذات النمط الامريكي والمشتقات الصعبة في اسواق المستقبليات مما زاد الطين بلة في توفير السيولة بالعملة الاجنبية حالاً لمواجهة مخاطر تقلب الحساب الجاري لموازين مدفوعاتها وقت ذاك”.وأضاف “في حين اظهرت محافظها توافر موجودات كفوءة وسائلة (من الناحية الشكلية فحسب)، ولكن في حقيقة الامر كانت موجودات محافظها ضعيفة التسييل بسبب ارتفاع درجات مخاطرها سعياً وراء العائد ومخاطر جمة في سيولتها”، مشيراً الى ان “صندوق النقد الدولي اعتمد منهج ادلة الاستثمار الرصينة والامنة كي تسترشد البنوك المركزية بها في ادارة احتياطياتها من العملة الاجنبية بيسر وكفاية عاليتين وتجنب مخاطر السيولة”.

وتابع صالح، ان “جانب من احتياطيات البنك المركزي العراقي الدولارية وجزء من روافد الموازنة العامةً من عائدات النفط يتم استثمارها بشكل آمن بموجب دليل الاستثمار المعدل والمتفق على مبادئه مع صندوق النقد الدولي قبل اكثر من اثنتي عشرة سنة ضمن سياسة تنويع المحفظة للحصول على عوائد مناسبة ومنها السندات الامريكية السيادية ذات التصنيف الائتماني العالي AAA بالغالب”.

وأشار الى انه “قدر تعلق الامر بالتاريخ المالي للعراق منذ العام 2003 فلابد من الاشارةً الى ان قرار مجلس الامن 1438 في اذار 2003 قد الزم العراق بفتح حساب مقبوضات نفطية يسمى OPRA  في البنك الاحتياطي او الفيديرالي الامريكي في نيويورك وهي الية مركزية لاستقطاع تعويضات حرب الكويت، وهي الآلية التي ظلت قائمة حتى اليوم، اذ مازال يمارس ضد العراق للأسف الشديد اجراءات الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ولو بشكل خجول او غير ظاهري الى حين اطفاء تعويضات حرب الكويت كاملة والتي لم يبق منها سوى اقل من 4.5 مليار دولار”.

وأكد ان ” ذلك تعسف لا مثيل له ضد مصالح الشعب العراقي المجروح، اما احتياطيات البنك المركزي العراقي المودعة او المستثمرة في البنك الفيديرالي وموضوع حمايتها من اجراءات الحجز القضائي او التجميد، فان من المفيد ان نذكر على سبيل المثال لا الحصر واحدة من الوقائع القضائية، اذ سبق للمحكمةً الفيديرالية في ولاية نيويورك ان رفضت دعوى حجز قضائية على اموال تعود للبنك المركزي الارجنتيني قبل سنوات مضت لكون تلك الاموال هي غير تجارية وتؤدي وظيفة الاستقرار وتعود ملكيتها لبنك مركزي يشير قانونه الى الاستقلالية”، لافتاً الى إن “الحال نفسه يفترض ان يسري في تطبيق معايره القانونية على اموال البنك المركزي العراقي طالما ان اموال البلاد مودعة في مؤسسة مصرفية تمارس وظيفة البنك المركزي ايضاً وتحمل اهداف الاستقرار ذاتها”.

وبين انه “على الرغم من ذلك يجب ان لا نغفل بل نتجنب المخاطر السياسية مع الدولة المضيفة للأموال، فمخاطر التصادم بالولايات المتحدة (من وجهة نظري الشخصية) تحمل تجربة تاريخية قاسية ومريرة في تاريخ العراق المالي. فالرئيس الامريكي الاسبق بوش وبعده الرئيس اوباما ولغاية 2013 كانا يمنحان حسابات البنك المركزي العراقي تحديدا (بما في ذلك ودائع الحكومة العراقية المفتوحة باسمه ضمناً) وطوال عقد من الزمن حصانة قانونية immunity بموجب امر رئاسي تنفيذي executive order يصدر سنوياً استناداً الى قوانين الطوارئ الامريكية”.

ولفت الى انه “على الرغم من ذلك فكل شيء جائز ما يقتضي تجنب حصول مخاطر قانونية تحت تطبيق مبدا النفس البديلة alter ego وتعريض احتياطيات البنك المركزي لمخاطر التجميد بالإنابة عن الجمهورية”، منوهاً الى ان “العراق سبق وان تعرض ابان التسعينيات لمثل هكذا ممارسات قانونية ضارة اعتمدتها المحاكم في مناطق الولاية القضائية jurisdiction  الاوروبية وغيرها، حيث كانت شديدة الضرر على الشعب العراقي”.

وختم حديثه بالقول: “لذا اجد من الحكمة والعقل تجنب الصراع او الدخول في مخاطر تصادم مع مصالح الولايات المتحدة كدولة كبيرة احتلت العراق واسقطت النظام السابق وقادرة على فعل شيء مؤذي ومن ثم يصبح من السهولةً عليها ان ترمى المشكلات على عاتق الشعب العراقي وجماهيره الفقيرة، فجروح حصار التسعينيات لم تندمل بعد والتي رافقتها اربعة عقود متتالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية الضائعة”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *