صحيفة بريطانية:صعوبة تحقيق المصالحة المجتمعية في العراق
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، الثلاثاء، تقريرا أعدته إريكا سولومون حول “الانقسام المجتمعي والثارات العشائرية بين السنة والشيعة” في المناطق المحررة من سيطرة داعش، مشيرة الى ان ناحية يثرب، وعلى الرغم من إنفاق ملايين الدولارات لتحقيق السلام فيها، وصغر حجهما وكثافتها السكانية، فأن عملية المصالحة مازالت صعبة التحقق.وتقول سولومون، إنه” لا تزال الجدران الطينية والمناطق المحروقة تفصل بين السنة والشيعة في ناحية يثرب في محافظة صلاح الدين، رغم ثلاث سنوات من المصالحة التي قصد منها رأب جراح المجتمع الذي مزقه صعود تنظيم داعش”، لافتة الى ان “المسؤولين يخططون لعزل الطرق وقنوات الري ويضغطون حتى لقسم الإدارة للمنطقة الزراعية إلى قسمين”. وأضافت، أنه “ومع أن المعركة لهزيمة تنظيم اداعش، تم الإنتصار بها إلا قصة ناحية يثرب تكشف عن صعوبة عملية المصالحة، فهذه ليست مدينة كبيرة مثل الموصل أو الرمادي حيث دمرت مناطق حضرية بشكل كامل. وليست واحدة من أكثر المناطق ذات الكثافة السكانية المعقدة. ومع ذلك فقد تم إنفاق ملايين الدولارات لتحقيق السلام هنا”، مشيرة الى انه “خلال السنوات الماضية قام المسؤولون العراقيون والوسطاء والجماعات المرتبطة بالأمم المتحدة بجولات مكوكية بي قبائل يثرب”.
وتابعت بالقول: “إلا ان مزارعين مثل قاسم الساعدي لا يزال مترددين بين السلام الذي طلب منهم قبوله والرغبة العنيدة بالانتقام من جيرانهم الذين ساعدوا تنظيم الدولة الذي اجتاح مزارعهم”.ونقلت عن الساعدي قوله، :”تريد الحكومة ومشائخنا منا القبول بعودة هؤلاء وأن هذا واجبهم”، مضيفا: “لكنني لو عرفت من فجروا بيوتنا وقتلوا أعمامنا وإخوتنا وأبناء عمومتنا لشربت من دمهم”. ولفتت سولومون، الى إن “رأب جراح المجتمع العراقي الذي تهشم بالقتل والتدمير هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة العراقية المقبلة بعد انتخابات أيار(مايو)، فالمصالحة حيوية من أجل عودة 2.2 مليون نازح بسبب الحرب، بمن فيهم عائلات لديها صلات مع المتشددين”، لافتة الى انه “ولكن في يثرب كما في الأماكن الأخرى يحاول السكان المحليون منع عودة العائلات ذات الصلات بالمتشددين”.وتعترف منظمات الإغاثة والقوى الغربية، بحسب التقرير بـ”أهمية رأب الإنقسام العراقي إلا أن قلة منهم مستعدة للتنسيق مع بغداد في المشكلة، ويشعرون بالقلق من أن أساليب الحكومة، مثل عزل عائلات المتهمين بالعلاقة مع تنظيم داعش وإجبار العائلات الأخرى للعودة قد توفر الأمن، تمثل خرقا للقانون الدولي وتمثل وصفة لجولة جديدة من التشدد”، مشددة على أن “هذا الامر يترك الكثير من العمل الواجب على منظمات المجتمع المدني والقبائل والساسة الذين يتنافسون في تحقيق أجنداتهم ومصالحهم”.
ونقلت إريكا سولومون، عن دبلوماسي قوله: “هذا أمر عاجل” و “مراقبة الجماعات وهي تحاول المساعدة مثل مراقبة العمال وهم يعيدون ترتيب الكراسي على ظهر سفينة التايتنك”. وأوضحت سولومون، ان “من المعوقات التي تقف أمام تحقيق المصالحة في يثرب هي أن سكانها هم من الشيعة والسنة. كما أن معظم المجتمعات في البلدة ينحدرون من نفس القبيلة بشكل يجعل من تحقيق المصالحة امرا صعبا”.ونقلت عن مدير الناحية حارث خلف، قوله إن :”مشكلة داخل القبيلة الواحدة من الصعب حلها أكثر من لو كانت بين قبيلتين”.وأشارت، الى انه “عندما هاجم تنظيم داعش ناحية يثرب عام 2014 قررت قبائلها السنية والشيعية مواجهة مقاتليه إلا أن عددا من المتعاونين أسهموا في دخولهم إلى الناحية ومحاصرة الشيعة، وبعد أشهر قامت الفصائل الشيعية بمساعدة الشيعة لإخراج تنظيم داعش ومعهم أكثر من 60.000 سني تسامحوا طوعا أو كرها مع حكم داعش”، مبينة ان “أهل السنة في الناحية يحملون الجيش العراقي المسؤولية الذي انسحب فاتحا المجال أمام دخول داعش”، بحسبها.
وتقول العشائر السنية، بحسب التقرير:”إنهم تعرضوا للقتل والإختطاف”، “ولكن القبائل الشيعية تصر على تطبيق القانون القبلي للثأر ويعني دفع الدية عن القتلى والممتلكات ومصادرة أراضي السنة وطرد عائلات المتهمين بالتعاون مع تنظيم داعش”،. وأكملت بالقول إنه:”ومن هنا تدخلت منظمات المجتمع المدني وهيئة المصالحة الوطنية حيث خشيت من مظاهر الحنق التي سيتركها تطبيق القانون القبلي الذي يمكن استخدامه لحل الخلافات العائلية ولكن ليس من أجل تقرير مصير الألاف، لافتة الى ان “الساسة الذين يريدون نتائج سريعة تدخلوا فزادوا من تعقيد الوضع”. ففي عام 2015، تمضي الصحيفة قائلة :”حاول محافظ صلاح الدين حيث تقع ناحية يثرب حل الأزمة من خلال تخصيص 4 ملايين دينار (3.36 دولارا) للعائلات الشيعية المتضررة”، مستدركة :”ولم تحصل القبائل إلا على جزء منها حيث ذهب بعضها إلى بلدات أخرى واختفى بعضها نهائيا، حيث تقول تلك القبائل إن هذه لا تعد تعويضا وظلت تمنع عودة السنة”، بحسب سولومون.
وكشفت الصحيفة، إنه “وبعد عام من اللقاءات سيطرت عصائب (اهل) الحق على يثرب وفي نهاية عام 2017 فرضوا حلا تقوم فيه القبائل السنية بدفع مبلغ 4 ملايين دينار عراقي، كرضوة، تعاطفا وليس اعترافا بالذنب”، مبينة ان ” حوالي 30.000 من السنة عادوا إلى بيوتهم التي وجدوها مدمرة ومزارعهم المحروقة ويشعرون بالمرارة من الحل الذي فرض عليهم”. ونقلت عن شيخ عشيرة سني: “نحن ضحايا داعش مثلهم، وبعد ثلاثة أعوام من الإنتظار، دفعنا وإلا لم نكن لنعود”وختمت بالقول: “ومن الشروط المقلقة في الصفقة ذهاب العائلات السنية للمحكمة والتبرؤ من أبنائها الذين انضموا لتنظيم داعش”، لافتة الى ان “العائلات الراغبة بالعودة قد تقوم بعمل هذا بدون فهم تداعياته حيث تجعل الشخص إرهابيا عرضة للقتل من الحكومة أو الإنتقام العشائري”. ونقلت عن وسيط، قوله إن “المصالحة ليست عن القدرة على العودة و لو لم نقم بعمل هذا بشكل صحيح فإننا سنخلق مشاكل جديدة”.