صفحة من حرب العراق بقلم احمد صبري

صفحة من حرب العراق بقلم احمد صبري
آخر تحديث:

في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات وجه الرئيس الامريكي  السابق بوش الابن انذاره الشهير للرئيس العراقي الراحل صدام حسين وولديه بترك السلطة والتخلي عن الحكم خلال 48 ساعة كخطوة اخيرة لتفادي الحرب على العراق ولم يتأخر  العراق  بالرد على هذه الدعوة الذي اعتبرها محاولة لذر الرماد في العيون وتندرج في اطار استحضارات الحرب التي بلغت ذروتها واذا استذكرنا الظروف التي كانت تخيم على العراق وتحديدا في بغداد التي استقبلت نحو الف صحفي من جميع انحاء العالم لتغطية الحدث فان معظم ممثلي وسائل الاعلام قرروا العودة من حيث اتوا بعد تلقيهم توجيهات من مؤسساتهم بضرورة المغادرة فورا استشعارا بحتمية الحرب ما اثار استغرابنا وسادت الفوضى في المركز الاعلامي الذي كان مقرا للصحفيين وحزم المئات منهم حقائبهم للسفر والبحث عن وسيلة تقلهم الى خارج الحدود وكان من بين البعثات الاعلامية التي وصلت بغداد قبل الحرب باسابيع اذاعتي فرنسا الدولية ومونتي كارلو الذي كنت مراسلا لها لعدة سنوات واستاجرنا  لهما مكانا في المركز الصحفي الا انهم قرروا المغادرة فورا استجابة لقرار مؤسستيهما وخيم على بغداد والمكان المحيط  بالمركز الصحفي الذي يقع اسفل وزارة الاعلام في منطقة الصالحية ببغداد جو مشحون بالترقب والقلق من تداعيات الحرب لاسيما وان المكان الذي نتحدث عنه تقع في دائرة استهدافات الضربة العسكرية المقبلة ولاحظنا ان سكان العمارات السكنية المقابلة والمحيطة لوزارة لاعلام بداوا بالرحيل عن المنطقة الى اماكن اكثر امنا وعند نهاية الانذار الامريكي ورفض العراق له تيقن الجميع ان الحرب باتت حتمية  وفضل من بقى من  وسائل الاعلام  العربية والغربية في تلك الساعات التي سبقت بدأ العدوان على العراق متابعة مستجدات الاحداث من داخل المركز الصحفي اعتقادا منهم انه الاكثر امنا غير ان الوقائع اثبتت ان الصواريخ الامريكية والغارات لم تستثن اي مكان في بغداد ولاسيما المركز الاعلامي ووزارة الاعلام التي نالت نصيبها من القذائف والصواريخ واضطر المسؤولون عن ما تبقى من وسائل الاعلام  العربية و الاجنبية الى الاستجابة لطلبهم بنقل مكانهم الى فندقي عشتار شيراتون وفلسطين ميرديان المطلان على ساحة الفردوس تفاديا لهجمات جديدة على المركز الصحفي غير ان نوايا هؤلاء كانت عكس ماكانوا يدعون وتعرض فندق فلسطين ميرديان هو الاخر لقصف بمدفعية دبابة امريكية كانت  مرابطة بالقرب من احد جسور بغداد وراح ضحيتها صحفية اسبانية ومصورها دخلت القذيفة الى غرفتهما ومزقت اشلائهما وخلال ايام الحرب عقد وزير الاعلام السابق محمد سعيد الصحاف نحو 15 مؤتمرا صحفيا تحدث فيه عن مجريات الاحداث وكان يثير دهشة مرافقيه ومكتبه باصراره على التواجد  في مكتبه بالطابق السابع بالوزارة حتى اضطر الى الانتقال الى فندق فلسطين ميرديان وكان اخر مؤتمر صحفي عقده الصحاف صباح الثامن من نيسان عندما دعا الصحفيين الى سطح الفندق وحاول التقليل من اهمية التواجد الامريكي في مركز بغداد بعدها غادر الفندق الى المقر البديل لوزارة الاعلام في مقر التلفزيون التربوي في منطقة الاعظمية والذي بقي فيه لغاية مساء التاسع من نيسان 2003 وعندما نستعيد ذكريات ومجريات الحرب على العراق بعد مرور عشر سنوات على وقوعها فاننا نتوقف عند نتائج الغزو الامريكي للعراق واسبابه وماذا حقق للعراقيين بعد عقد من الزمن ؟ان الاجابة على ذلك تكمن بتصدر العراق لقائمة  الدول الفاشلة التي ينخر جسدها الفساد والطائفية  ما وضع العراق على طريق الفوضى المتواصلة منذ عشر سنوات وحتى الان ولم يحقق الاحتلال للعراقيين ما روج له من امن واستقرار ولم يتحول الى واحة للحرية والديمقراطية  والازدهار وانما تصدر الدول في تنفيذ احكام الاعدام وتنتهك في سجونه حقوق الانسان  بالتعذيب القسري كما اشارت اليه منظمة العفو الدولية مؤخرا اضافة الى مقتل اكثر من مليون عراقي  وفشل المشروع الامريكي  واهدافه في العراق وقبل ذلك فان مبررات ومزاعم الحرب على العراق فندها وكذبها مقربون من دائرة صناع قرار الحرب في ادارة بوش الابن

كاتب عراقي

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *