كما توقعنا وقبل بدء الانتخابات العراقية لعام 2018 بأيام قلائل ومن خلال ما تطرقنا اليه في مقالنا المنشور في عدة مواقع تحت عنوان ( تريد ارنب اخذ ارنب ..تريد غزال اخذ ارنب!! ) والذي تحفظ بعض القراء والمتابعين عليه بدعوى عدم تثبيط الناخب العراقي والتأثير على قراره في المشاركة بالإدلاء بصوته في تلك الانتخابات والتي ولدت ميتة سريريا بعزوف جل الشعب العراقي عنها لتيقنهم مسبقا صعوبة التغيير الا بالمقاطعة الجماهيرية العفوية التي كانت رسالة موجعة لجميع الأطراف المتآمرة على العراق وشعبه ومن كل الاطياف وكذلك لقناعة المواطن بصعوبة الخروج حاليا من عنق الزجاجة التي فصلت عليه تفصيلا ليبقى بداخلها حبيسا لحين رفع الغطاء عنه بقرار اممي ولنقل بفك الوصاية الأمريكية عليه والذي سوف لن يحدث في الوقت المنظور ولن يتحقق الخروج الا بقوة الانفجار المتوقع من داخل تلك الزجاجة والتي ستتهشم بفعل الضغط الجماهيري الممتد ولن تطول مدته وفق المعطيات ..
ان ما جرى في يوم 12 مايو/ايار تحت مسمى الانتخابات البرلمانية لهو مهزلة كبيرة لم تشهدها أي دولة في العالم الحديث ولا يكاد يقارن بما جرى مع أي خروقات مسجلة في انتخابات برلمانية في القرن الحالي وللأسف فقد جرت تلك الانتخابات الصورية والخروقات والتزوير المرافق لها تحت انظار اكبر دولة في العالم تدعي انها راع للديمقراطية وقد باركته ورضيت بنتائجه وهي تمارس اعلى درجات النفاق والكذب و تعلم يقينا حجم الدجل والخداع والتزوير وعزوف اكثر من 80% من جموع الشعب العراقي عنها والتي تعد بموجب ذلك باطلة ولايعتد بنتائجها!!
ورغما للضغوط الامريكية وسعيها وبأي طريقة بان تنجز الانتخابات في توقيتها لانها في الحقيقة هي حريصة امام العالم على عدم سقوط العملية السياسية المرفوضة برمتها من الشعب العراقي وان الكثير من دول العالم الذين يداهنون حكام المنطقة الخضراء ويقيمون العلاقات معهم ليس لانهم يمثلون دولة ذات سيادة أوانهم يتمتعون بالحد الأدنى من الحنكة واللياقة الدبلوماسية والحس الوطني بل لكون ان العراق مصدر لا ينضب من الخيرات والثروات تسيل له لعاب الدول و قبل ذلك طاعة لدهاقنة البيت الأبيض صاحبة العصى الغليظة بحتمية الاعتراف بوليدها اللقيط الذي ترعرع في بيت ولي نعمته وتنكر لاحقا ومال بولائه لمرضعته ومربيته!!
وثقوا سادتي فانه حتى لو لم يذهب الى تلك الصناديق المشبوهة سوى الطبقة السياسية الفاسدة ومقربيهم وبطانتهم لدفعت أمريكا وبأي شكل من الاشكال بتمريرها برفع سقف المشاركة كما حدث وتغيرت لغة الأرقام لتقفز خلال ساعات من نسبة المشاركة دون ال 24% الى 44% والتلاعب باصوات الخارج بشكل مفضوح لجلب نائب وازاحة آخر وقد سارعت امريكا كأول دولة وباركت الانتخابات واعطتها الصبغة الشرعية وليس ادل على ذلك من التدخل السافر في سيرها بان تفرغ السفير الأمريكي السيد دوغلاس سيليمان لها وقضى معظم أوقاته داخل مفوضية الانتخابات مشدود الاعصاب يرتب الأصوات ويعد النصاب وقاسم سليماني على الأبواب يهدد ويتوعد بمن يخرج عن عصى الطاعة لنظام الملالي وعدم الخروج عن حكم العمامة والمحراب!!
فالقول الفصل سادتي في الدول المحتلة هو ما يقوله ويقره الاسياد لا ما تقوله وتقرره الشعوب والعباد..
ولست بصدد مناقشة حجم التزوير والتلاعب وهدر مئات الملايين من الدولارات المنهوبة من الداخل والمتدفقة من الخارج وسوق الأدلة الدامغة على بطلان تلك الانتخابات فذلك امر لمسه المواطن العراقي بنفسه ولا داعي للدخول في تفاصيله..
اليوم وبعد ان تم التدليس على الشعب العراقي المبتلى بنتائج وادوار متفق عليها مسبقا وإعادة نفس الوجوه والكتل التي اذاقت الشعب العراقي الويلات ومزقت البلاد تمزيقا فلا يتوقع احد ان يتم ومن خلالهم تشكيل كتلة عابرة للمحاصصة والطائفية بعيدة الولاء عن ايران باسترضاء الامريكان وعلى النقيض من قول كبيرهم المجرب لا يجرب بل سيستعيد الجميع مواقعهم وستدور نفس النفايات ..
فالكتل التي حصدت اعلى المقاعد ليس استحقاقا بل تلاعبا واتفاقا ونفاقا فجميعهم بلا استثناء هم من أوصل العراق للحالة المأساوية التي يشهدها فولائهم مازال نافذا لاسيادهم في واشنطن وطهران ودول الجوار والدول التي يحملون جنسيتها وجوازها ولا نستثني منهم أحدا ابدا..
فهل يتوقع ممن وقف يوما حاملا لبندقيته ضد هذا الشعب او من قدم على دبابة المحتل وتآمر على بلده وأهله,, او من أسس مليشيات لذبح الأبرياء من الطائفة الأخرى ورمي بجثثهم على قارعة الطريق ,, او من سلم نصف العراق للارهاب وهو على سدة الحكم وما زال حرا طليق ,, او من دفع بنوابه و وزراءه الفاسدين من كتلته ليسوموا الناس سوء العذاب وليفرغوا ميزانية البلاد وأوقعوها في فقر وضيق ,, او من أعاق وعطل وسيس القضاء ليتستر على مقلديه وتابعيه,, او من شرع القوانين لمعاقبة الأبرياء بجريرة وزر لم يقترفوه ,,او من سمح بتزوير الشهادات وقبولها وطرد وصفى الكفاآت وبارك بتولي زمام الأمور من قبل الجهلة وأصحاب الزور من الرعاع و العمامات,,
فهل يتوقع من تلك الوجوه الكالحة خيرا او ان تتكاتف لتنقل البلاد الى ضفاف الأمان ليستعيد العراق مكانته ويغتسل من آثام وأدران المحتل واذنابه..؟؟
فما بني على باطل سيبقى باطلا ولا يفيد معه أي عمليات ترقيع وتلميع فلا ينفع معه الا القلع والشلع كما يقولون..
وخلاصة القول فان صناديق أمريكا وديمقراطيتها البائسة التي شحنتها مع عملائها وعلى ظهر دباباتها قد تتشابه شكلا مع صناديق العالم المتحضر والتي تنبض بالحياة لكن ياحسرتاه على ما ابتلينا به في اوطاننا من صناديق لا تصلح حقا الا لتدوير النفايات او حفظ الاموات…