طقوس

طقوس
آخر تحديث:

باقر صاحب
الحديث عن طقوس الكتابة ذو شجون، ويتجدد دائما، طالما أن كل كاتب حقق شأنا في عالم الفكر والإبداع، يساءل ماهي طقوسه في الكتابة، هذه الطقوس التي تختلف من كاتب الى آخر، قد يتراءى للبعض أنها طقوس خاصة بمشاهير الكتاب، الذين يعتاشون على مواردهم من كتبهم، وخاصة في الغرب. وهذا الاعتقاد، ربما، يُعد صحيحا نسبيا، إذ أن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، تلك العناصر تصنع المكان المريح، وتتوفر فيه جميع متطلبات العيش، ما يخلق أجواء  الكتابة اليومية لساعات، تصنع  الاحتراف، والكتابة المنتجة، حينما يستغرق المحترف فيها بعض الأشهر في كتابة رواية كبيرة، حقوقها مباعة مسبقا لدار نشر بعقد ضامن لحقوق الطرفين. والسؤال الذي يتوارد للذهن: هل ممارسة طقوس خاصة بالكتابة، حكر على المحترفين، وهل الذين لا ينعمون بالاستقرار، ليست لديهم طقوس، يومهم مشتت بين العمل لأجل كسب القوت لهم ولعوائلهم، أي بين مسؤوليات العمل والوظيفة والعائلة، ومحاولة سرقة أوقات للقراءة والكتابة؟  وإصدار كتاب كل بضع سنوات، وهنا لن يستطيعوا الارتزاق من الكتابة، حينها تصبح هواية أوغواية لا يستطيعون الفكاك منها، قد تسبب لهم الخسران المادي، لأنه سينفق من ماله الخاص في سبيل نشر كتاب، ولكنه في المقابل يعد كسبا معنويا لهم. ومن ثم هل من المعقول تبسيط المسألة إلى هذا الحد: محترف بطقوس يومية، وهاو يكتب كيفما اتفق، أم إن للمسألة بعدا آخر؟. قد نعثر على الإجابة في بعض ما كتب بهذا الشأن، فالروائية والكتابة والمترجمة العراقية لطفية الدليمي، في مقالها الأسبوعي في صحيفة (المدى)، الأحد الماضي، تجيب على سؤال صديقة عربية متخصصة في التحليل النفسي لها حول سر تدفقها الإبداعي بين الرواية والترجمة من دون كلل، رغم تقدمها في العمر، فبينت الدليمي أن هناك عناصر مهمة ينبغي أن تتملك الكاتب أو الكاتبة، وهي (الشغف بالكتابة)، والإرادة والتصميم و(إيماننا بأنفسنا)، و(الانضباط السلس بلا قسوة أو تقيد روبوتي وإنما بتنظيم معقول لاستثمار الزمن).وفق تلك العناصر، يمكن لنا أن نقترب من منطقة الاحتراف، وإن لم تتوفر لدينا الأجواء المريحة، باستثمار أي وقت متاح وأي مكان نتواجد فيه لإيقاد شعلة الكتابة، الروائي الكويتي سعود السنعوسي، يتوافق في حديثه عن طقوسه، مع ماقلناه: “أكتب على ورقة، أو منديل ورقي، أو على كفِّ يدي.. أكتب إلكترونيا على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول. أكتب في غرفة المكتب.. في مقرِّ عملي الوظيفي.. في مقهى أو مطار أو بهو فندق.إذن لا اتكاء على عكاز الظروف أو الأجواء أو الفقر أو المكان الضيق، إذا ما أراد كاتب أو مبدع أن يصنع عالمه الخاص، وسير الكاتبات والكتاب وقصصهم الفريدة تهدينا السبيل إلى النقش الخاص بنا في صخرة الكتابة والإبداع.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *