وسائل إعلام عربية ومحلية كشفت عن مصدر مقرّب من رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن نيته تقديم استقالته إلى مجلس النوّاب , فقد أوردت صحيفة العربي الجديد عن مصدر مقرّب من رئيس الوزراء أنّ السيد عادل عبد المهدي ينوي تقديم استقالته بعد أن بات عاجزا عن إكمال كابينته الوزارية بسبب الخلافات السياسية الحادة بين داعميه الرئيسيين تحالفي الفتح وسائرون , وبحسب المصدر نفسه فإنّ الخلافات بين الفتح وسائرون أعمق مما يتصوره الشعب العراقي .. والحقيقة أنّ الخلاف بين الفتح وسائرون يتعدّى موضوع استكمال الكابينة الوزارية واختيار وزراء للداخلية والدفاع والعدل , بل أنّ الخلاف الحقيقي يدور حول من الذي يقود العملية السياسية , وهذا الخلاف ليس وليد الساعة ويمتدّ إلى ما قبل الجلسة الأولى لمجلس النوّاب , فقد ادعى كل من تحالفي البناء والنصر أنّه الكتلة الأكبر التي سترّشح رئيس الوزراء , وكان من المفروض بموجب الدستور أن تحسم المحكمة الاتحادية العليا موضوع الكتلة الأكبر قبل تكليف السيد عادل عبد المهدي وعدم تجاوز الدستور , لكنّ الإرادات السياسية التي ترى في نفسها أكبر من الدستور وأكبر من القانون , ليس مهما بالنسبة لها أن يكون توافقها منسجما مع الدستور , فهذه الإرادات تعلم جيدا أنّ الدستور أكذوبة كما هي أكذوبة الانتخابات , ولهذا كانت المصلحة تقتضي أن يتمّ تجاوز الدستور والعبور فوقه في ترشيح السيد عادل عبد المهدي .
وهكذا جيء بعبد المهدي رئيسا للوزراء ليكون أداة طيعة بيد الفريقين المتحالفين شكلا والمتخاصمين قولا وفعلا , وكان متوّقعا جدا أن يكون ضعيفا وغير قادرا على فرض إرادته على الفريقين المتحالفين والمتخاصمين في الوقت ذاته , وبالرغم من أنّ الرجل حاول أن يظهر أمام الرأي العام والشعب العراقي بمظهر القوي وصاحب القرار , إلا أنّه فشل وعجز في استكمال كابينته الوزارية وأصطدم بالحقيقة المرّة .. وموضوع بقاء واستمرار عبد المهدي في ظل هذه الخلافات الحادة بين الفتح وسائرون , بات أمرا مشكوكا به , خصوصا أنّ الخلاف بين الفريقين يترّكز حول نقطة واحدة لا غيرها هي من الذي سيفرض إرادته على السيد عبد المهدي , ولا علاقة أبدا لمصلحة الشعب العراقي بهذا الصراع من قريب أو بعيد .. والمشكلة أنّ بقاء السيد عبد المهدي بهذا الضعف هو شر ّ , لكنّ رحيله شرّ أكبر منه , فرحيل السيد عبد المهدي في ظل هذه الظروف السياسية والأمنية المعقدة التي تمرّ بها المنطقة , سيؤدي إلى تمزق البلد وتفككه , ولهذا فأنّ شرّ بقاءه أهون ألف مرة من شرّ رحيله , ولا بدّ من تجاوز هذه المرحلة الخطيرة التي يمرّ بها البلد حتى لو استوجب ذلك عدم استكمال الكابينة الوزارية , وهنالك خيار واحد أمام رئيس الوزراء هو الطلب من المرجعية الدينية العليا بدعمه بإعادة وزيري الدفاع والداخلية السابقين للوزارة مرّة أخرى للخروج من هذا المأزق , فليس هنالك أفضل من إعادة السيدين الحيالي والأعرجي للدفاع والداخلية , وأجزم أن هذا الخيار هو الخيار الأفضل المتاح في الوقت الحالي .