محمد حسن الساعدي
ليس غريباً في ظل السياسة الجديدة التي وضعت جذورها رؤوس وأقطاب الحكومة السابقة ، في تسقيط أي منافس في إدارة الدولة ، وهذا لما لمسناه فعلاً في أثارة الكثير من الإشكالات على أدارة وزارة النفط العراقية ، والاتفاق الأخير بين الإقليم والمركز، بيد أن من يطرح اليوم هذه الإشكالات هي نفس الأصوات التي كانت سابقاً السبب الرئيسي في تشنج العلاقات مع الإقليم .
الاتفاق جاء بعد مشاورات مكثفة بين أطراف في الحكومة المركزية وبين ممثلي الكتل البرلمانية من جهة وبين حكومة إقليم كردستان ، والتي جاءت تنفيذاً للفقرة 17 من المنهاج الحكومي والذي يقضي بضرورة حل الخلافات بين الإقليم والمركز ومن أبرزها ملف الموازنة وتصدير النفط…الخ .
هذا الاتفاق الذي جاء بعد الصراعات والخلافات الكبيرة بين الإقليم والمركز خلال الفترة الماضية ، والذي وصل إلى حد المواجهة المسلحة ولولا تدخل العقلاء لكنا اليوم نعيش حالة الصراع بين الحكومة المركزية والأكراد ، فجاء هذا الاتفاق ليرسم الملامح الأولى لتعزيز الثقة بين الطرفين وحل الخلافات بشكل كامل وشامل ونهائي وفق الدستور ، وحل لكل الأزمات التي شكلت خطراً يهدد المصالح العليا للشعب العراقي ، وسلامة أمنه الوطني ، بل هددت وحدته في أكثر من مرة .
الاتفاق يقضي بتحويل 500 مليون دولار إلى مصارف إقليم كردستان ، فيما تقوم حكومة الإقليم بوضع 150 ألف برميل من النفط الخام تحت تصرف الحكومة المركزية يومياً .
الخلافات الكبيرة بين الإقليم والمركز أدت إلى خسارة الخزينة المركزية مبالغ إنتاج النفط الكردي ، مما أدى إلى خسارة الإقليم في استلام مستحقاته من الموازنة المالية ، إضافة إلى الخسارة الكبيرة في إنتاج النفط من حقول كركوك بدءً من آذار 2014 ، كما أن الإرهاب دمر أنابيب النفط الناقلة ، واستيلاءه على بعض الحقول والمنشآت النفطية الأمر الذي دعى الحكومة إلى تعزيز أجواء الثقة بين الطرفين والتعاون المشترك بين الطرفين بما يخدم الاقتصاد العراقي الذي أصبح يعتاش على ما يأتي إليه من الخارج ، حتى صرنا بلد يستورد الخضار ، والمناديل الورقية من دول الجوار .
الاتفاق يقضي بتسوية الإشكالات المتعلقة بعملية تصدير النفط عبر إخضاعها إلى بوابة الحكومة الاتحادية الذي لاقى ترحيبا اممياً ، والذي وصف بـ العادل والمنطقي ، ويلزم الاتفاق بدفع مبلغ 500 مليون دولار إلى اربيل، في حين يخضع 150 ألف برميل نفط مستخرج من كردستان إلى تصرف حكومة المركز يوميا إضافة إلى موازنتها التي تصل إلى 17 بالمائة من حجم الموازنة العامة للدولة ، والذي لا يشكل حلاً نهائياً للمستحقات المتبادلة بين الطرفين ،ولا للصادرات والإنتاج ،بل بداية وضع الحلول الناجعة والشاملة والدستورية لجميع الأمور العالقة .
إن النجاح في المفاوضات الحالية بين بغداد وإقليم كردستان يمكن أن يحسن المشهد العراقي في نواح كثيرة. فسوف يسمح بالموافقة على الميزانية العراقية كما سيمثل خطوة أولى نحو ضخ ما يصل إلى مليون برميل في اليوم من نفط (كردستان) إلى الأسواق. كما أنه قد ينزع فتيل التوترات والتشنجات في العلاقات بين الإقليم والمركز ، كما أن تحسن الأوضاع في العراق يمكن بدوره أن تكون له تداعيات سياسية بعيدة المدى ومنها توحيد الجهود وبشكل أكبر ضد التنظيمات الإرهابية ( داعش) التي تحاول تغيير خارطة المنطقة ، وضمان تنفيذ مخططها الاستراتيجي في شرق أوسط جديد .