د. كريم المظفر
من منا لا يعرف المثل القائل ” عرب وين وطنبورة وين !! ” وقصته قصة زوجة اسمها ” طنبورة ” وهي امرأة عراقية بسيطة لاتسمع ولاتتكلم منذ الولادة و تزوجت من رجل فقير اسمه عرب فراشه الأرض ولحافه السماء ، ومنذ ليلة الزواج الأولى عودها بعلها ( زوجها ) عادة مفادها عندما تراه يفرش عباءته على الأرض فهذا مرسوم رجولي بطلبها فتأتي ملبية النداء وتنام على العباءة ومرت السنوات وانجبت دستة اولاد ، وعند غرق القرية هب الزوج مسرعا الى خيمته كي يحث زوجته وعياله للهروب بحياتهم وبعض حاجياتهم وكل ما غلا ثمنه وخف وزنه ، وما أن دخل عرب البيت فرش عباءته ودخل لجمع بعض الأغراض وعندما جاء ليضعها في عباءته وجد طنبورة نائمة على العباءة منتظرة معتقدة ، ان زوجها يريد مطارحتها الغرام لأنها لاتستطيع سماع الصراخ والعويل الذي ألم بالناس فتأفف زوجها عند رؤيتها بهذا الوضع وقال (عرب وين وطنبورة وين ) .
هوالحال هو الحال في قبة برلماننا الفريد من نوعه و الشكل والضمون ،، ففي الوقت الذي ينشغل العراق من شماله الى جنوبه في حرب ضروس للقضاء على ” داعش ” الاجرامية ، وتلبية نداء المرجعية لتحرير حرائر العراق ومدنه من دنس ممن حسبوا على الاسلام ، ينتفض بعض من نوابه وبدون خجل أو حياء لطرح موضوع غياب احد أعضاءه عن جلسات البرلمان ونطالب بسحب عضويته !! وكأن البرلمان قد أنهى جميع قضاياه العالقة ولم تبقى إلا قضية غياب هذا النائب !! إليس هذا غريبا ، فإننا في الوقت الذي نسعد فيه كون نوابنا الاجلاء اخيرا صحوا لمثل هذا الموضوع ، إلا إننا لم نشاهد مثل هذه الوقفة البرلمانية لظاهرة تغيب غالبية أعضاء مجلس النواب عن حضور جلساته من قبل والتي باتت تلقي بظلالها على واقع عمل المجلس النيابي ، وأصبحت معظم القضايا التي تحتاج إلى تصديق البرلمان معطلة بسبب هذا الغياب الذي بدأت وتيرته في التزايد لأسباب متباينة وما يسببه ذلك من تأخير لأغلب المشاريع التي تحتاج مصادقة أعضاء المجلس ، في الوقت الذي تحتاج فيه العملية السياسية إلى قرارات سريعة في بعض الأحيان خاصة كتلك المتعلقة بالملف الأمني والتي تتطلب غطاءً شرعيا قبل تنفيذها مثل خطة أمن بغداد… بالإضافة إلى القرارات المتعلقة بالاقتصاد والخدمات وتأخير عمل اللجان المؤقتة التي شكلت لدراسة بعض المسائل الخلافية .
ووفقا لاحصائيات نشرت على صفحات الفيسبوك فان نسبة كبيرة من اعضاء مجلس النواب العراقي لا تشارك في الجلسات رغم اهميتها في هذه المرحلة التي يواجه فيها العراق الارهاب والاحتلال والتهجير والازمة الاقتصادية حيث تشير الاحصائية التي اعتمدت على المحاضر الرسمية لجلسات المجلس ان نسبة الغياب عن الجلسات في شهر كانون الثاني 2015 تراوحت بين 29 بالمائة الى 44 بالمائة وهذه نسبة كبيرة لا مثيل لها في البرلمانات العالمية وبموجب الاحصائية فإنه في (9) جلسات عقدها المجلس خلال شهر كانون الثاني 2015 لم يحصل مطلقا ان حضر اي جلسة منها كل اعضاء المجلس البالغ عددهم 328 نائبا إذ يلحظ وجود تغيب مفرط رغم كثرة عطل البرلمان الذي يعد أكثر مؤسسات الدولة تمتعاً بالعطل الرسمية حسب القوانين التي يعدها أعضاء هذه المؤسسة ، ووفقا لهذه الأرقام فان نسبة غيابات اعضاء القائمة العراقية في الدورة الماضية وصلت الى 39% من مجموع جلسات البرلمان ، يليها اعضاء ائتلاف دولة القانون بنسبة 22%، ثم الائتلاف الوطني 17% ثم الكردستانية 9%. ، ورغم ذلك لم ينتفض نوابنا الاجلاء للمطالة بمحاسبة المتغيببن !!
ان مجلس النواب العراقي للاسف اصبح رهينة الصراعات السياسية وبالتالي تحول من مجلس لخدمة المواطن الى مجلس لخدمة الاحزاب وينفذ اجندات رؤساء الكتل السياسية وتوجهاتهم في الخارج او الداخل والفشل في تمرير عدد من القوانين التي تهم المواطن ما اصاب الاخير بخيبة امل وبدأ يستهجن غياب الأعضاء المتكرر وسفرهم المستمر خارج العراق ما يعتبر تنصلا من مسؤولياتهم التي انتخبوا من أجلها.
إن جلسات البرلمان العراقي المنتخب شاهدة على غيابات العشرات بل تجاوزوا المائة بعشرات بالرغم من أن عددهم 325 برلماني فقط ، والغريب أن لا يوجد ما يوقفهم ويحاسبهم على هذا التغيب والتسيب والأستهتار، والأكثر غرابة أن يقبضوا منافعهم الخيالية وراتبهم الخيالي دون كد وعناء ومنهم من يواضب على عدم الحضور…!
انا لست مدافعا عن النائب هادي العامري ، ولم القاه يوميا ، ولا يمت لي بصلة لا من قريب او من بعيد ولكني كعراقي ، أصبحت ملزما ان اقف احتراما لهذه الشخصية والوقوف الى جانبه والشد على ايديه لمشروعية غيابه عن جلسات البرلمان ، كونه لم يترك جلسات البرلمان للسياحة والاستجمام في اوربا او في لبنان أو في عمان ، بل أنه فضل ارتداء الزي العسكري ، وتنكب السلاح ، والسير في طليعة المستجيبين لنداء المرجعية في الجهاد ، دفاعا عن الوطن ، والتواجد في الخطوط الامامية من الجبهات ، ودفاعه المستميت حاليا ، عن اهلنا في تكريت ، وليكشف عن هويته الوطنية الخالصة ، إليس حري بكم يا نوابنا الكرام الحذو ذو العامري والوقوف الى جانب شعبكم وكما قال مجلس عشائر صلاح الدين في بيانه أن أصواتكم باتت نشاز وعديمة الفائدة فمن يجد في نفسه الخير ليذهب ويقاتل و “الاقتداء بشخص هادي العامري والنزول الى ساحات القتال وتحرير مدنكم ، أفضل من البقاء في محافظات الإقليم أو مدن خارج العراق ” لطرد عناصر تعيث في ارض العراق الفساد والدمار .
وعلى ما يبدو ان برلمانينا باتوا كطنبورة لا يسمعون صراخ الاطفال وعويل النساء الاحرار ولم يشاهدوا القتل والدمار الذي يلحق يوميا بابناء العراق من شماله الى جنوبه سواء ما تفعله ” داعش ” في المحافظات والمدن المسيطر عليها من قبلهم ، أو من أذنابهم الذي يزرعون العبوات هنا وهناك لإلحاق الأذى بأكبر عدد ممكن من المدنيين ، وراحوا يطرحون مسائل لا تمت بالوضع بصلة وبات ينطبق عليهم القول !! ” عرب وين وطنبورة وين ” …. !!نأن