د. حسين القاصد
ينتظم عمل أدباء العراق نقابيا بمؤسسة عريقة اسمها اتحاد الادباء والكتاب في العراق، واذا انتبهنا لكلمة الكتاب سنضطر إلى السؤال من هو الكاتب ومن هو الاديب؟ وهل يراد بالكتاب بكتاب يمارسون كتابة لا تنتمي للاجناس الادبية ، ولقد مرت تسمية اتحادنا العريق بمراحل عدة ، فحين نعود لخصوصيتنا العراقية نسميه اتحاد الادباء العراقيين وحين تكون جزءا من كل يكون الاسم الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، وهو يتفق مع الاتحادات العربية تحت لافتة اتحاد الكتاب العرب .
نعود إلى موضوعة الكتاب وهي مراد بها من يكتب في الصحافة فكل صحافي يعد كاتبا وله الحق في عضوية اتحاد الادباء والكتاب في العراق، هكذا هو الأمر وليس العكس صحيحا فليس كل أديب يحق له أن يكون عضوا في نقابة الصحفيين لأنها نقابة صحفيين لا نقابة أدباء.
والاتحاد والنقابة تأسسا بعد قيام الجمهورية العراقية أيام الزعيم عبد الكريم قاسم ، وعلى الرغم من أن الجواهري الكبير هو الرئيس والنقيب معاً الا أن شاعرا مثل السياب الكبير مات من شدة الإهمال والعوز والأغرب من هذا انه لم ينل عضوية اتحاد الادباء ولا نقابة الصحفيين، وأغلب القراء يتذكرون حادثة القصيدة التي ارسلها السياب إلى مجلة العربي الكويتية وطالب بسرعة نشرها لظرفه الصحي لكن أسرة تحرير المجلة ارسلت له مبلغ المكافأة ووعدت بنشر القصيدة في عدد لاحق فما كان من السياب الكبير الا أن يعيد المبلغ إلى المجلة ومعه رسالة تنص على ( إن المرسل إليه قد توفي ) ، ومرت السنوات واهمل السياب ومات في عز حاضنته الجديدة بعد أن تحول من اليسار إلى القومية .
يتكرر مشهد موت الادباء ، فالأديب يسافر على نفقته الخاصة ويطبع على نفقته الخاصة ويموت على نفقة الإهمال الجمعي له .
صحيح ان الأمر يختلف في نقابة الصحفيين حيث صارت لهم امتيازات وقطع اراض ، لكن شاعرا شابا يقف بكامل ألمه سببا لهذا المقال، والشاعر بصري أيضا ، هو أكرم الأمير الذي اصيب بمرض عضال ، وليس لاصدقائه سوى المناشدات لعلاجه.
والسؤال الذي يقف شاخصا بوجه الجميع هو لماذا ننتظر أن نموت لكي تناشدوا لنا المسؤولين ؟ لماذا لا يكون لهذه الشريحة واسرها ضمان صحي يضمن لهم العلاج داخل وخارج العراق على نفقة الدولة ؟
أكرم الامير وقبله السياب وبينهما الكثير من الادباء يصنعون وجه العراق ويتآكلون كي يرسموا حياة اجمل حتى لو كانت تلك الحياة افتراضا، لكن من يعمل في الوسط الأدبي لكنز اموالا ولن يغتني، وقد يتحول إلى عبء على أهله أو يتحول أحد أفراد أسرته إلى سبب إحباط حين يعجز أن ينتشل ولده أو أي أفراد اسرته من المرض.
أما آن الأوان ومجلس النواب الجديد على الأبواب أن نطالب بضمان صحي للاديب واسرته ، فلقد مات عناد غزوان في مدينة الطب في غرفة متعبة ومات محمد علي الخفاجي ومات محمد حسين الأعرجي .. نحن أقلية على حد تعبير كاظم الحجاج فلماذا نتناقص ونحن أقلية؟