على العراق السلام

على العراق السلام
آخر تحديث:

 صبحي ساله يي

مضت ثلاثة أسابيع على حادث إطلاق النار على المتظاهرين ضد قانون مفوضية الانتخابات في ساحة التحرير وسط بغداد. والجميع في إنتظار إعلان نتائج لجنة التحقيق حول الإصابات التي حصلت بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين، وملابسات الحادثة الأليمة التي تسببت في وقوع ثمانية شهداء وجرح 230 شخصاُ إختلفت حالاتهم من خطرة الى متوسطة وخفيفة. والتعرف على الذي أعطى الأوامر للقوات الأمنية لمواجهة المتظاهرين بإطلاق النار والغازات السامة والخانقة المحرمة، وعلى الذي يتحمل إراقة تلك الدماء، وكذلك قصة صواريخ الكاتيوشا التي إستهدفت المنطقة الخضراء.

المتظاهرون ومن خلفهم، والكثير من القانونيين والمراقبين والسياسيين على يقين بأن بقاء قانون ومفوضية الإنتخابات على حالهما يعني إستمرار سيطرة الشبكة السياسية الحالية على مفاصل الحكومة العراقية تحت عنوان (النظام الديمقراطي)، ويعني إستحالة التغيير نحو الأحسن وطحن كل من يفكر في التغيير، من قبل أدوات (النظام الديمقراطي) الذي يقوده التفكير التسلطي، ويعني أن نتيجة الانتخابات القادمة ومواصفاتها ومقاساتها معروفة مسبقاً، وسوف لاتختلف عن نتائج الانتخابات السابقة التي حصلت فيها التزوير وأوصلت السياسيين الحاليين الى البرلمان والحكومة.

لانستبق إعلان نتائج لجنة التحقيق، رغم تجربتنا المرة مع اللجان التحقيقية، ولا نتهم أو نبرىء أحداً، ولكننا نتحدث عن المطاليب والشعارات التي طالبت بتغير قانون الأنتخابات (الذي أوصل أحدهم إلى البرلمان وقد حصل على خمسمائة صوت فقط، وإستبعد آخر حصل على عشرين ألف صوت)، وتغيير المفوضية إلى مفوضية مستقلة حقيقية. ولكننا نؤكد على حقيقة لايمكن تجاهلها وهى: أن الجهات التي تتضرر من التغيير، لهـا مصلحة حقيقية في ضرب المتظاهرين وأفشال التظاهرات والمساعي التي تؤرقها. خاصة ونحن على ثقة بأن الحزب السياسي القائم على الطائفية والمذهبية، والذي يسعى ليصبح الحزب القائد في البلاد، سيفقد مواقعه السيادية، وسيخسر المراكز والمواقع التي حصل عليهـا بالتزوير، وسيفقد لصوصه المغانم والمباهج والعطاءات وكذلك الأموال المتكدسة التي نهبوهـا، وسيكشف عن آلاف الملفات والوثائق التي تدينه وتعريه أمـام الرأي العام، وتكشف حقيقته كونه المتسبب المباشر لمـا مر به العراق من مصائب ومأسي. وهذا يعني إنه سيحارب الجميع بشراسة لأجل بقائه في الحكم، والمحافظة على النعيم الذي هو فيه اليوم. وليفرض سلطته التي فقد شرعيتها الدستورية والاخلاقية والقانونية، وبالذات بعد أن أصبح مطلوباً للشعب بجريمة القتل العمد.

ما حدث قبل ثلاثة أسابيع يدل على أن الذين يلعبون بالنار لايستطيعون قراءة الأحداث المتلاحقة وأبعادها وتفاصيلها، وردات الفعل التي لا تحمد عقباها ولايعرفون غير لغة الدم والطريقة ألإنتقامية المباشرة ضد المواطنين، لذلك هاجموا أبناء جلدتهم بأسلحتهم المتطورة وعقليتهم المتخلفة، وجموع الأبرياء المظلومين والمحرومين والجياع الثائرين ضد الظلم ورموز الفساد والغطرسة، وأراقوا الدماء في مجزرة علنية. ويدل على إستمرار الفوضى وخلط الأوراق والتسقيط وتحويل الأنظار عن الحقيقة، وأن التهم التشهيرية والتنكيلية جاهزة للإنطلاق عبر المواقع الإلكترونية المشبوهة والقنوات الفضائية المأجورة، التي لا تكف عن التظليل والخداع وتشتيت الأذهان وتضيع الحقائق وإشعال نار الفتن، وبعض الأبواق الإعلامية المأجورة التي تبحث عن المال ولا تفكر بالحقيقة و شرف المهنة وتصب الزيوت على النيران. كما يدل على أن الحل السياسي العراقي صعب للغاية، والأفق السياسي وصل الى طريق مسدود، والعراق بمجمله مقبل على مجزرة سياسية كبيرة تذبح وتسلخ فيها الكثيرين وربما تصل الى النطيحة والمتردية على السواء، وعندها نقرأ على العراق السلام.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *