عندما تتقاطع المصالح والإرادات في الفضاء الإعلامي بقلم احمد صبري

آخر تحديث:

احمد صبري
لا يخفى على أحد مخاطر الضجيج الإعلامي وما أحدثه من فوضى في الفضاء الخارجي بفعل آلاف القنوات الفضائية والإذاعات ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي تدور في هذا الفلك حولته إلى سوق تقاطعت فيه المصالح والإرادات.
ومن بين المئات من القنوات الفضائية ربما نجد القليل منها تنطق بالحق المجرد من الأغراض والمصالح بدون تحريف أو تشويه، مما يخدم مقاصد وغايات خاصة بهذه الفضائية أو تلك. فالواقع الحقيقي الذي يحصل على الأرض بالفعل تنقله كل قناة طبقا لرسالتها حسبما تقتضيه المصلحة المادية أو السياسية التي لا علاقة لها بمصالح وطموحات المتلقي، ناهيك عن إخفاقها في متابعتها للأحداث والوقائع التي تعصف بالمنطقة، لا سيما بعد الربيع العربي وارتداداته على جميع الساحات العربية، بموضوعية ومسؤولية دون الانحياز إلى أي جهة أخرى.
من هنا تكمن أهمية وجود قنوات ووسائل إعلام هدفها الأول والأخير المتلقي وبث الوعي عند المشاهدين، وهذه المسؤولية الملحة تقع على عاتق المثقفين والإعلاميين العرب الواعين لأهمية ودور وسائل الإعلام في حماية المجتمعات من سموم الغزو الفضائي، وتحصين المجتمع من فيروساته.
فالمسؤولية الجمعية تتطلب أن يتنادى الحريصون على أمتهم والقلقون على نهضتها ووحدتها ووجودها لحمايتها من الضياع والحيرة التي تنتاب المواطن جراء هذا الصخب الإعلامي وتناقضاته ومصالحه المتقاطعة إلى وقف مخاطره على حاجات المتلقي وتطلعاته المشروعة.
فالقناة التي يتطلع إليها الجمهور ينبغي أن تكون مرآة للمجتمع ولخدمته وليست سوقا وساحة للإعلانات، وليست منحازة لجهة أو طرف. لتستخرج منه العبر والدروس بعقلية منفتحة. طاردة لثقافة الإقصاء والكراهية تتصدى للواقع العربي فتبرز إيجابياته وتشخص الخلل فيه بروحية متجددة. تنشر الوعي لتضع الأمة في مكانها الطبيعي الذي تستحقه بين الأمم وتعزيز أواصر وحدة المصير المشترك بين أبنائها، وإرساء دعائم التضامن والوحدة بين أقطارها، وتسليط الضوء على مبادئ المواطنة الحقة دون تمييز أو تفريق، والسعي للحفاظ على الهوية العربية بتجسيد مبدأ وحدة المصير والهدف.
والقناة ـ التي نطمح ـ ينبغي أن تستهدف الجمهور العربي حيثما كان بنشرات وبرامج إخبارية ووثائقيات منوّعة، وتوفر تغطية دقيقة للأحداث لوضع المشاهد في صورة المشهد بتوخي الدقة في نقل الأحداث بموضوعية ونزاهة عبر برامج تفاعلية تعكس الاهتمام بمشاغل وهموم المواطن العربي وتطلعاته أينما يكون، بما يثري حياة الجمهور بالمعلومات والثقافة في مختلف المجالات، لتكون مصدرا مهما للمشاهدين وللباحثين عن الحقيقة.
واستنادا إلى ما تقدم فإن اشتراطات النجاح لأي مشروع إعلامي ينبغي أن يستند إلى معطيات السرعة والدقة في صياغة الأخبار والتقارير غير المنحازة من الأحداث في العالم. والموضوعية في طرح القضايا ومناقشتها باعتماد معايير الحيادية والدقة والمهنية، فضلا عن الالتزام بإشاعة ونشر الوعي القومي بين الشباب وإبراز دور الأمة ومشروعها النهضوي التنويري كخيار لتجاوز حالة الضياع والانقسام والضعف والانكسار التي تمر بها الأمة، والابتعاد عن الخطاب التحريضي والشحن الطائفي، وإشاعة ثقافة التسامح والقبول بالآخر والتأكيد على حرية الرأي والتعبير.
وأخيرا الالتزام ببنود ميثاق الشرف الإعلامي العربي كوسيلة للتعبير عن الرسالة الإعلامية بعيدا عن التحريض والشحن الطائفي والعرقي، وإشاعة روح التسامح ومبادئ المواطنة الحقة والعيش المشترك.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *