غزوة عادل الجبير لـ بغداد .. تطبيع أم توديع !؟

غزوة عادل الجبير لـ بغداد .. تطبيع أم توديع !؟
آخر تحديث:

  جبار الياسري 

كثر الحديث واللغط والقال والقيل .. وتشتت الأذهان الأفكار والخيالات في جميع الاتجاهات غرباً وشرقاً .. بين مباّرك ومؤيّد ومتفائل بعودة الدفء وتمتين العلاقات بين بغداد والرياض كعاصمتين عربيتين شقيقتين مهمتين , وبين معارض ومستاء ومستغرب ومتعجب لتوقيت ودلائل ومؤشرات هذه الزيارة المفاجئة أو ( غزوة بغداد ) كما يصفها البعض !؟, خاصة وأنها .. أي زيارة السيد عادل الجبير تأتي بعد أربعة عشر عاماً من احتلال العراق وتسليمه وتقديمه على طبق من ذهب لإيران على حد وصف وزير خارجية المملكة العربية السعودية الراحل ” الأمير سعود الفيصل ” رحمه الله , وتأتي أيضاً .. في توقيت مشوب بالحذر والترقب يسود المنطقة , وفي وقت باتت فيه أغلب شعوب المنطقة تتكهن وتتأمل خيراً بأنها قريباً ستضع أقدامها على أعتاب حقبة ومرحلة جديدة ما بعد داعش في العراق ولاحقاً في سوريا لتنعم بالأمن والاستقرار والاستثمار والاعمار .., طبعاً في حال تم الاستغناء عن خدمات داعش  أو نقلهم إلى منطقة صراع ونزاع جديدة أخرى في العالم … من يدري !؟, أيضاً زيارة مسؤول رفيع المستوى كما هو وزير الدبلوماسة السعودي جاءت بعد فترة طويلة من المد والجزر في العلاقات ليس فقط الدبلوماسية … بل في ظل سياسة التهديد والعيد والشحن الطائفي وكيل الاتهامات من قبل أغلب الزعماء والقادة المشاركين في العملية الساسية وعلى رأسهم نوري المالكي وقادة وزعماء وأمراء المليشيات الذين يدورون في الفلك الإيراني تجاه العرب السنة ونعتهم بـ ( النواصب ) ,

كما وصفهم أحد أمراء المليشيات المدعو ” أكرم الكعبي ” عندما قال : ( بأن حكومة العدل الإلهي تقاتل أكثر من 70 دولة بما فيهم أمريكا وإسرائيل ) !؟, وغيره من الذين وصلت بهم الغطرسة والتمادي والصلف بهيبة الدولة العراقية حد التهديد بالاجتياح والغزو لدولة عربية كبيرة جارة وتحرير مكة والمدينة من الاحتلال الوهابي على حد زعمهم ووصفهم في أكثر من مناسبة !؟؟؟,  ناهيك عن أنهم هددوا وتوعدوا السفير السعودي السابق ” ثامر السبهان ” بالاغتيال والتصفية في حال لم يتم طرده من العراق !؟, وفعلاً تم وتحقق لهم ذلك عندما استجابة المملكة العربية السعودية لهذا الطلب وسحبت سفيرها خوفاً على حياته !؟, ولم تحرك الحكومة العراقية ولا سيدتهم أمريكا حينها ساكناً ؟, في حين نحن نتذكر جيداً بأن وزير الخارجي السعودي الحالي السيد عادل الجبير نفسه عندما كان سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة الأمريكية اشيع واذيع آنذاك خبر مفاده محاولة إيران اغتياله في أحد مطاعم واشنطن !, وتم آنذاك تشديد الحراسة عليه وتحذير إيران من مغبة ارتكاب مثل هكذا حماقة !؟, لكن الأمر في العراق منذ 2003 بات مختلفاً تماماً , لأن أمريكا بعظمة قدرها وقوتها لم تحرك ساكناً أبداً عندما ترى وتسمع وتوثق بالصوت والصورة وتراقب عن كثب مدى التمادي والاستهتار من قبل إيران وأدواتها وأذرعها بحق العراق أرضاً وشعباً , وها هي تعيث به قتلاً وفساداً ونهباً وتهجيراً منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا . وتقوم بتفريغ العراق من سكانه العرب وتوطين الملايين محلهم لتغيير تركيبته الديموغرافية بحيث أصبح تعداد نفوسه بعد أن كانوا حوالي 24 مليون نسمة عام 2003 إلى حوالي 40 مليون مع حلول عام 2018 !؟ أي بنسبة حوالي 100% خلال 15 عشر عام  وهذا ما لم يحدث حتى في الهند أو الصين حتى لو تم تحديد النسل فيهما !؟.

هذه الأمور وغيرها مما لا يتسع الوقت لشرحها ما كان لها أن تحدث أوتتم أو تتحق أو حتى يحلم بها أو يتصورها أكبر خبير ومحلل سياسي أو اقتصادي واستراتيجي لولا الدعم والمباركة الأمريكية الغربية والسكوت والاستسلام من قبل الشعب العراقي المستغرب والمستهجن , وكذلك موقف الدول العربية الشقيقة المجاورة والبعيدة المشين تجاه العراق , الأمر الذي جعل إيران وبشكل غير مسبوق تستبيح العراق وتنشر وتكرس لغة الكراهية واثارة الأحقاد والنعرات القومية والطائفية بين جميع مكونات أبناء الشعب العراقي وحتى السوري واليمني وشعوب الدول والأمارات والمشايخ الخليجية , بالإضافة لدعم وتمويل وتدريب وتسليح أكثر من 100 مليشية عراقية وغير عراقية .الزيارة أو التسيارة كما نقول باللهجة العراقية … بحد ذاتها خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها العالم ومنطقة الشرق الأوسط والعراق وسوريا تحديداً , وما يجري على الأرض منذ احتلال العراق من مخاض عسير لولادة شرق أوسط جديد بمواصفات وتفاهمات واتفاقيات القوى المؤثرة في العالم والمنطقة وعلى رأسها أمريكا وروسيا والدول الإقليمية المؤثرة شئنا أم أبينا .. كــ ” تركيا وإيران وحتى الكيان الصهيوني ” الذي تخيف وترعب وتهدد ترسانته النووية وأسلحته التقليدية الفتاكة العرب جميعاً في عقر دارهم , والدور التقليدي الذي تقوم به الدول الخليجية الغنية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية كقوى اقتصادية داعمة ومؤيدة وممولة على طول الخط ومنذ قيامها لأي حل عسكري في المنطقة يبعد الأخطار عنها وعن أخواتها الخليجيات ويعيد التوازنات للمنطقة ويحمي العروش ولا يسمح لتفوق طرف على آخر , وشاهدنا وعشنا هذه الحالة مع العراق عندما تم استهدافه وزجه في معارك وحروب إقليمية وداخلية وفرض حصار عليه وتجويع شعبه على مدى 13 عشر عاماً وإنهاكه تماماً , وصولاً لتركيعه واحتلاله وتغييب دوره بحيث صار يدرب قواته العسكرية والأمنية في دول عربية وغير عربية درس وتدرب معظم قادتها ورؤسائها في جامعاته وكلياته العسكرية العريقة في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي .علامات استفاهم كبيرة وكثيرة نضعها أمام هذا التحرك الدبلوماسي السعودي المتأخر جداً .. لأسباب كثيرة يطول شرحها , بالرغم من أن البعض ذهب إلى أن الوزير الجبير جاء حاملا رسالة أمريكية للحكومة العراقية لإيصالها إلى إيران وغيرها من التحليلات والاستنتاجات ؟, ونحن بدورنا أيضاً نضع عدة تساؤلات عن أسباب وتوقيت هذه الزيارة كونها أول زيارة لمسؤول سعودي كبير ورفيع المستوى كما أشرنا أعلاه , وهل هي رسالة تطمين عربية للحكومة العراقية بأنكم في حال قلتم لا لإيران وأدرتم لها ظهوركم سنقف معكم وندعمكم ..؟, وهذا طبعاً ضرب من الخيال لأن الحكومة العراقية مركبة تركيبة إيرانية حوزوية طائفية معقدة جداً . أو أن الوزير جاء ليودعهم ويقول لهم ما لم تقله الإدارة الأمريكية الجديدة بعد بشكل رسمي بأننا بصدد إزالتكم وتغيركم وإعادة العراق كما كان قبل 2003 ..!؟, أي بدون نفوذ وسطوة وهيمنة إيرانية !, أو ليقول لهم الوزير السعودي بأن اللعبة شارفت على النهاية وأنكم تلعبون في الوقت الضائع مثلاً … ويذكرهم بأننا نحن من دعمكم بالمال الخليجي وفتحنا حدودنا ومطاراتنا وقواعدنا للمارد الأمريكي منذ عام 1991 وأوصلناكم لسدة الحكم وخلصناكم من عدوكم ومرعبكم صدام حسين وحزب البعث !؟, لكنكم ناكري جميل , فبمجرد وصولكم لسدة الحكم أدرتوا ظهوركم لنا وفتحتم حدود العراق وأذرعكم وأحضانكم لإيران ونفذتم كل ما أراده  الولي الفقيه وقاسم سليماني وحرسه الثوري منكم وأنتم صاغرين .

ختاماً … لا يسعنا إلا أن نقول بأن ما وراء الأكمة ما ورائها , وأن الاسابيع والأشهر القليلة القادمة ستحدد ملامح المنطقة والعراق الجديد رقم 2 , وستجيب عن هذه التحركات والمستجدات التي تلوح في الأفق بعد تحرير محافظة نينوى بالكامل آخر معاقل بعبع داعش الذي تم تدمير وحرق ما تبقى من العراق وتشريد أكثر من خمسة ملايين عراقي تحت ذريعة محاربته وطرده من العراق … وللسالفة بقيـــــــــــــــــــــة

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *