فائق حسن.. ذاكرة لون

فائق حسن.. ذاكرة لون
آخر تحديث:

أمجد ياسين

ليس هدفي الوصول الى نيل الشهرة، لكن لاثبات وجودي كفنان فقط، هذا ما كنت قد بدأته مع جواد سليم وساستمر عليه بعد رحيله، بحثا عن الحقيقة لإيجاد فن عال اصيل يفخر به وطننا والاجيال القادمة” بهذا التواضع الجم الذي يكتنز الشهرة والابداع كانت رؤية احد اشهر فناني العراق المؤسسين للفن باعتباره اسلوب حياة فهو لا يبحث عن الشهرة بقدر بحثه  عن انسانيته ووجوده التي يستمده من الفن. معداً الفن حالا ابدية لا بد وان تستمر شرط ان يكون الفن رسالة حياة وليس وظيفة، فما كان قد بدأه مع زميله جواد سليم اصبح هدفا له للاستمرار عليه وتاكيده عبر رحلة عمره الغنية بالانجازات والمحطات المهمة على مستوى الفن العراقي والعربي( 1914 – 1992) . فمن حاول الابتعاد عن الشهرة لصالح فنه ورسالة الانسانية ، لم تدعه الشهرة حتى بعد مماته ، وابت الا وان تذكرنا به، ليبتسم الحظ للعراق بان اوقف قبل ايام بيع احدى لوحاته المهربة التي عرضت في احد مزادات امارة دبي الفنية التي كانت معروضة سابقاً في متحف الرواد للفن العراقي في بغداد. ولاثر هذا المبدع العراقي الكبير ومؤسس مدرسة الرسم في الفن العراقي المعاصر، تفرغ الفنان التشكيلي قاسم محسن بارشفة اعمال الرائد فائق حسن الكثيرة والمتعددة في 365 صفحة من القطع الكبير ، والصادر عن دار الجواهري للنشر والتوزيع ، الذي تضمن اكثر من 500 صورة ملونة لاعمال الفنان من رسم ونحت وبعض الاشتغالات الفنية الأخرى المنجزة خلال 57 سنة. الكتاب رحلة جميلة في منجز مبدع عراقي حاول فيه المؤلف الوقوف  كما كتب على : ” المرتكزات  التي ادت الى حدوث تنوع بصري عند فنان واحد تمايزت اعماله باستعارة عدد من الاساليب والاتجاهات الاوروبية في الفن الحديث، وقد يكون التعبير الادق بان هذا الفنان يحمل مزيجا متراكما من تلك التنوعات الاسلوبية التي شغلت هذه الحالة تساؤل الباحثين والكتاب والنقاد عن الفنان فائق حسن” ان متصفح الكتاب لا بد وان يقف طويلا امام هذا الجهد الكبير الذي بذله المؤلف وهو يفتتح كتابه بأول صورة فوتغرافية للفنان فائق حسن التقطها خارج العراق مرورا برسومات وتخطيطات الفنان طيلة حياته تقريباً بقلم الرصاص لنفسه ولعائلته واعماله الفنية المتنوعة التي غاصت كثيرا في المفردة الشعبية العراقية،  فارشفت البادية والريف والمدينة. كان فائق حسن في كل هذا يرسم الانسان كثيمة، ولكن في الوقت نفسه هو يؤرشف الطبيعة والبيئة العراقية وحراك المجتمع العراقي والعربي عبر تاريخه، فنراه يرسم بالوان زيتية لوحة عن تسليم مفاتيح القدس ولوحة اخرى تخطيط، عن واقعة الطف وثالثة عن معركة القادسية التاريخية، ولوحات يؤرشف فيها المهن والحرف اليدوية فضلا عن اجواء الريف  والبادية والمدينة والحياة فيها.. وليس اشهر من عمله الفني” الفسيفساء” الموجود في ساحة الطيران وسط بغداد. كتب المؤلف قاسم محسن: ” لا تقف جماليات اعمال فائق حسن الفنية عند حدود البصر فحسب ، بل تنصب في الجمال الروحي عبر تراكمها اللوني المكثف، فقد راهن بتجربته الفنية على ان لاتقف اعماله عند لحظة المشاهدة الاولى لها.. بل تعطي زمنا اكبر ومضمرة في الذاكرة الجمعية وخطوة كبيرة باتجاه معرفة الذات. فقد شكلت اعماله خطابا بصريا يستبطن الفرد ليقصد الجماعة، محققا تفردا بهذا الخطاب البصري التشكيلي.. ذاكرة لونية ذات ثراء دلالي بفرشاة ذهبية.”

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *