آخر تحديث:
بقلم: فاروق يوسف
لا يجهل العراقيون أن عائدات نفطهم المالية تذهب إلى البنك الفيدرالي الأميركي الذي يقرر بعد ذلك أن يقدم منحا للحكومة العراقية من أجل تغطية نفقاتها.
حدث ذلك بدءا من عام 2003 بموجب قرار أممي نص على إيداع عائدات النفط العراقي في صندوق تنمية العراق لدى البنك المذكور. هذا الإجراء يعكس رؤية الولايات المتحدة بأن العراق ليس دولة راشدة قادرة على إدارة ثرواتها بنزاهة وحكمة. وهو ما لا يرفضه الكثيرون من المتحمسين لمسألة السيادة الوطنية بكل ما يختلط بها من سوء فهم.
العراق الذي لم يفارق حتى هذه اللحظة مشكلات الحكم، التي لا تتعلق بمن يحكم بقدر تعلقها بطريقة الحكم وآلياته، كانت الميليشيات المسلحة الموالية لإيران قد أحكمت السيطرة على دولته التي لم يُتح لها حتى هذه اللحظة أن تخرج من عنق الزجاجة. لذلك فإن ما يقوله رئيس الحكومة على سبيل المثال لا يُعد ملزما لأحد حتى رئيس الحكومة نفسه.
لقد اعتقد زعماء الأحزاب الدينية والميليشيات على حد سواء أنهم استطاعوا أن يمرروا دعاية أن الحشد الشعبي، وهو تجمع الميليشيات الشيعية، صار جزءا من الدولة بموجب قانون خاص به وهو يتبع تعليمات القائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء وأنه لا يتحرك خلافا لتلك التعليمات. وهو ما سمح للحكومة العراقية بأن تخصص جزءا لا يستهان به من ميزانية العراق لتمويل الحشد. فهل كانت تلك الدعاية تستند إلى مقاربة واقعية؟
دعاية هي أشبه بالدعابة السوداء. ذلك أن ما من شيء فيها يستند إلى أي نوع من المصداقية. هناك كذب كثير توافقت عليه الأطراف السياسية في العراق كله لكي تتحمل الدولة العراقية كلفة تمويل جيش إيراني لن تتمكن الحكومة العراقية من التعرف على خططه العسكرية وسير عملياته والأهداف التي يُراد له أن يحققها. بل إن أيا من المسؤولين العراقيين، من ضمنهم رئيس الحكومة نفسه، لا يمكنه الدخول إلى عدد من المدن العراقية التي اعتبرها الحشد جزءا من ممتلكاته. فالحشد في حقيقته هو مؤسسة عسكرية إيرانية تابعة للحرس الثوري وهي لا تنفذ عملياتها إلا بناء على تعليماته.
تلك خلفية لما شهده العراق خلال الأشهر الأخيرة وما صار يتكرر بين يوم وآخر بغية تضليل الرأي العام وإبعاده عن التفكير في الهزيمة التي تعرضت لها إيران. أولا في لبنان حين انكسر حزب الله وفقد هيمنته على القرار السياسي هناك، وثانيا حين انسحبت إيران من سوريا بطريقة متفق عليها مع قوى دولية، وثالثا حين ساندت الولايات المتحدة إسرائيل في حربها على المشروع النووي الإيراني.










































