فوضى الانتخابات في العراق

فوضى الانتخابات في العراق
آخر تحديث:

  بقلم:عبد الجبار الجبوري

الإنتخابات في كل العالم ،حق شخصي لكل مواطن ، وهي ظاهرة حضارية ، وإجتماعية ، مورست منذ بدء الخليقة ، لنشر العدالة وتكريس مفهوم الديمقراطية والحرية ونبذ الفوارق الطبقية المقيتة، وإبعاد المجتمعات ،عن الاحتراب الإثني والطائفي والقومي والعرقي، وهكذا نهضت الشعوب بأهلها ، ووصلت الى أعلى مستويات الديمقراطية الحقيقية ، وما نراه في المجتمعات الاوروبية والامريكية ، مثالاً حياً لحيوّية الشعوب ونزوعها للحرية والعدالة المجتمعية ، ونسيان الماضي وتجاوز آلآمه وأهواله وكوارثه ،وإسقاطاته التاريخية البالية ، ولكن بقيَ العرب ، يخوُضون ويخوّضون بما أفرزه التاريخ من أمراض عصية على النسيان والإندثار،ومانشهده من ديمقراطية فتيّة في بعض الدول العربية، التي مازالت تحبو ،لهيَ نتاج خجول لما يعيشه العالم المتحضر، بالرغم من أن تاريخ العرب أقدم وحضاراته أعمق بإنجازاتها الحضارية ، ولنعّد الى العراق الآن ، ونسلّط الضوء على ما حلّ به ،بعد الغزو الامريكي وإحتلال ألعراق، ومن ثم تسليمه لإيران بعد الانسحاب الامريكي منه، وتشكّيل حكومات متعاقبة توزّعت تحاصصياً وطائفياً على المناصب والمواقع السيادية ، أدخلت العراق في نفق الطائفية القاتل ، والتي أوصلت الى الحرب الطائفية ، وما زالت تتفاعل وتتصاعد جرّاء النظام التحاصصي الطائفي في تقاسم السلطة ، وتكريس دستور مليء بالفخاخ الطائفية وتهميش واقصاء المكونات الاساسية للشعب العراقي، وتكريس واقع طائفي بغيض، أفرز أحزاباً طائفية تقوده ، وتابعة لأوامر الولي الفقيه الايراني ، رغم رفض مرجعية النجف لنظام الولي الفقيه في ايران وتقاطعه معها ، إلاّ أن الأحزاب التي تحكم السلطة ،مصرّة على الذهاب الى الهاوية بالشعب العراقي، في ترسيخ واقع طائفي بغيض ، في قيادة البلاد نحو أعماق الهاوية والتشرذم والإحتراب الطائفي والمجتمعي والقومي والمذهبي، وحتى داخل نفس المذهب الذي يحكم قبضته على السلطة، بقوة ايران وأذرعها وأحزابها في العراق،لذلك لانستغرب ونحن نعيش أيام إنتخابات برلمانية عراقية، أن تكون سمة هذه الانتخابات ،هي التشهيرالأخلاقي والتسقّيط السياسي ،وشراء الذمم والتزوير، وغيرها ، ولكي لا نُلقي التُهم جزافاً على الاخرين في السلطة وأحزابها ، والقوائم الكبيرة ، لابدّ من قراءة المشهد الانتخابي، وتوزيع الكتل والشخوص على القوائم الكبيرة ،لكي تبقى السلطة بيد حزب الدعوة ، وتوهم الشعب العراقي بصراعاتها مع بعضها ،وتقاتلها للإستحواذ على المناصب والمواقع السيادية ، كما نراه اليوم الصراع على أشده ،بين قائمة النصر التي يترأسها حيدر العبادي، وقائمة دولة القانون التي يترأسها نوري المالكي، وقد صرح نوري المالكي ب( زلة لسان ربما) ، (أن القائمتان ستتحالفان بعد الانتخابات)،وهذا خرق إنتخابي واضح، لايجوز فيه وجود قائمتين لحزب واحد في دخول الانتخابات ، ولكن الضحك على ذقون الناس ،هو ديدن هؤلاء ،وهكذا فعل الحزب الاسلامي بحيلة مثلها ،حين فضّل عدم دخول الحزب الاسلامي بقائمة واحدة منفردة بإسمه ، وذهب الى غش الجمهور والكذب عليه وخداعه ، بتوزيع أعضاء المكتب السياسي ،على قوائم صغيرة وكبيرة ، مثل سليم الجبوري في قائمة الوطنية، ومحمد إقبال في قائمة نينوى هويتنا، وهكذا اعضاؤه في قوائم المحافظات ، لإيمانه المطلق بأنه أفلس تماما في الشارع العراقي، وفشل في إقناع الشارع ،في حضوره المخجل وتقلبّات أعضائه وإستقالاتهم من الحزب وفشله السياسي ، لذلك بقيت القوائم الاخرى، متماسكة وواضحة الاهداف ورصيدها الجماهيري يتصاعد ، لأنها كان قرارها مستقلا عن التاثيرات والولاءات الخارجية ، إعتمدت عل الشارع العراقي، وعلى قوة إالتصاقها معه ، وإنجاز برنامجها في خدمته على الارض ، مما عزّز القناعة للشارع العراقي، بأنها ممكن أن تكون عامل تغييّرفي الانتخابات القادمة ، أو على الاقل تكون عامل توازن ،ينهي عملية الاقصاء والتهميش ، التي تمارسها السلطة والاحزاب المتنفذة الحاكمة ،منذ الغزو وللآن ، إن ما يقلق الشارع العراقي في الأنتخابات المقبلة ، أمران أساسيان ، هما التزوير والتدخل الايراني المباشر ، من خلال سطوة الميليشيات التابعة لها في المناطق المحررة ،والتي تسيطر عليها الميليشيات بحجة مسك الارض ، كما إشتكى من هكذا حالة أهل محافظة صلاح الدين ونينوى والانبار، وحصلت حالات تهديد كثيرة ، كما حصلت مثلها في المناطق المتنازع عليها وشكاوى المواطنين من تهديدات الاحزاب الكردية وتزويرها للانتخابات السابقة بالقوة ، اليوم نحن أمام فرصة كبيرة للتغيير ، وخاصة في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، ولكن خوف الشارع هناك في محله، هناك مخاوف أخرى في المخيمات التي فشلت الحكومة في إعادة النازحين منها وغلق مخيمات النزوح ، سواء في مخيمات الموصل أو اربيل أو بغداد وغيرها، وهذه المخاوف هي التهديدات والتزوير المحتمل لقناعة النازح وترغيبه ومساومته وترهيبه ، تبقى عملية حصول إنتخابات نزيهة وشفافة أمنّية لاتتحقق أبداً في ظلّ تسلّط الاحزاب وميليشيات أيران ،على مراكز الانتخاب والمخيمات والمناطق التي تقع تحت سيطرتها أمنيا وتواجدها فيها ، الفوضى التي تعم الانتخابات العراقية بأبشع صورها، تمثلت في الايام الماضية ، التشهير والتسقيط الاخلاقي، الذي لم تشهده أية إنتخابات في العالم كله على الاطلاق، فظهور أفلام لمرشحات ومرشحي الاحزاب الحاكمة ورموزها ، أمر في غاية الخطورة والسقوط الاخلاق المقابل، فلا يمكن أن تكون هناك عملية إنتخابية نزيهة وظاهرة التسقيط تنتجها، نعم الاحزاب والجيش الالكتروني التابع لاحزاب السلطة ورموزها، هو وراء مثل هكذا أفلام وفديوات لاأخلاقية ، الغرض منها ليس تسقيط الشخص ، وإنما تسقيط قائمة بذاتها ، وهذه العملية بحد ذاتها مفضوحة ويقف وراءها سياسيون لهم مصلحة، في إسقاط وتسقيط الاشخاص والقوائم جماهيريا وشعبيا ، وهذا منتهى الخسة والدناءة ،أن يستخدم الخصم مثل هكذا أفعال لاأخلاقية ضد خصومه السياسيين، تُودِي بأناس الى هاوية السقوط الاجتماعي ،وتشعل فتنة عشائرية ومجتمعية وعائلية ، نعم عملية الفوضى لم تقف عند حد الاسقاطات الاخلاقية ونشر الافلام والصور الاباحية للمرشحين والمرشحات ، بل تعّدت هذا الى القتل والتهديد والابتزازوالتهجير وغيرها، وهذه فوضى مابعدها فوضى، تقف خلفها دول لأجندتها التي ترمي من خلالها إبقاء العراق ،غارقاً في الفوضى والاقتتال والعنف الطائفي والسياسي ، وهذه هي الستراتيجية الايرانية المستوردة ، التي أغرقت العراق ليس بالفوضى وحدها ، بل في المخدرات واللاغذية القاتلة الفاسدة والادوية الفاسدة المنتهية الصلاحية واشعال الفتن بين العشائر في جنوب العراق وغيرها، نعم الفوضى تعم العراق كله، في كل شيء، بفضل الصراع السياسي، والاستحواذ عل السلطة، بين قطبي الصراع امريكا وايران، وهو ما قد يشعل حرباً بعد الانتخابات بين القطبين ، وهذا ما تؤكده التقارير والبحوث والتصريحات الامريكية ، وما تعلنه الإستراتيجية الامريكية بعد الانتخابات ، خاصة بعد العدوان الثلاثي على سوريا ، إذن وكي لانذهب بعيداً عن الانتخابات وفوضاها وإفرازاتها ونتائجها، نقول بأن الانتخابات ستكون برغم فوضاها العراقية ، حداً فاصلاً بين عصرين ، إمّا العصر العصر الامريكي أو العصر الايراني، وما نشهده من قوّة التدخل الايراني، وعمله الشيطاني في تفريخ قوائم وكتل تابعة له ،بأسماء وهمية براقة ،في المحافظات ودخولها مع قوائم وطنية للتضلّيل،في عملية خداع واضحة وتزوير للانتخابات ، تؤكد قوة التدخل الايراني في الانتخابات ، وتؤكد بشاعة الفوضى الخلاّقة وخطورتها في لانتخابات في العراق….

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *