في إنتظار “رحيل” البرابرة

في إنتظار “رحيل” البرابرة
آخر تحديث:

حمزة مصطفى 
لوقيض لقسطنطين كافافي الشاعر اليوناني العظيم أن يمتد عمره الى عصرنا الراهن حيث ننشغل جميعا بالحديث عن مرحلة مابعد برابرة العصر “الدواعش” .. هل يعيد كتابة قصيدته الخالدة “بإنتظار البرابرة” على وقع ما يراه اليوم؟ سؤال أفتراضي في عالم طغت عليه الإفتراضية على نطاق واسع لكنه يبقى محتمل الإجابة. وبرغم أن سلوك الدواعش فاق سلوك ومنهج وإفتراءات كل برابرة العصور لكن “الأنشغال” بأسئلة المابعد يرتب علينا مقاربة لقراءة قصيدة كافافي بطريقة معكوسة. ففي عصره جرى التحضير لمجئ البرابرة بعناية فيها قدر هائل من السخرية المرة بوصفهم كانوا “جزء من الحل”. بينما تجئ أسئلة اليوم المطروحة على نطاق واسع بيننا وفي كل دول العالم المشمولة بهذا الداء دون أية حلول لمرحلة مابعد داعش.
أسئلة كافافي تبدو مرعبة في وقتها حيث إنتظار البرابرة “الذين لن ياتون”, لكنها محرجة لنا اليوم حيث ننتظر جميعا من اوباما الى العبادي الى بوتين الى أردوغان الى بشار الأسد رحيل البرابرة لا مجيئهم. فمثلما كان مجيئهم طبقا لمقاربة كافافي نوعأ من الحل بعد تهيئة كل شئ بسبب الفشل, فإن إنتظار رحيلهم اليوم هو الحل لكن الخشية في أن لايرحلوا لأننا ببساطة لم نهئ مستلزمات ما بعد الرحيل.
ولو أعدنا صياغة القصيدة بما يتناسب مع أوضاعنا الراهنة حيث تجري الإستعدادات لمرحلة مابعد داعش بعد معركتي الموصل في العراق والرقة في سوريا فإن الأسئلة التي طرحها الشاعر قبل أكثر من مائة عام تكاد تكون هي نفسها لكن بالمقلوب تماما.. “لماذا ننتظر كلنا هنا في الميدان” يتساءل كافافي. والجواب هو ” لان البرابرة يصلون اليوم”. فـ ” البرلمان لن يسن القوانين لأن البرابرة هم من سوف يسن القوانين”. والإمبراطور صحا من نومه مبكرا “لأنه سيكون في إنتظار قائدهم”. أما كبار “القادة والحكام سيكونون في ابهى صورهم لان البرابرة ياتون اليوم ولابد من الزينة للترحبب بهم”. الخطباء المفوهون ” سوف يختفون اليوم لا لشئ الإ لأن البرابرة لايحبون الخطب وبضجرون منها”. لكن “بعد إنتظار طويل بدأت علامات الجد تظهر على وجوه الناس والميادين تقفر ويعود الجميع الى بيوتهم لان الليل قد أقبل ولم يات البرابرة “. ووصل بعض “جنود الحدود وقالوا إنه ماعاد للبرابرة من وجود” .والآن “وبدون البرابرة ماالذي سيحدث لنا؟ هؤلاء البرابرة كانوا حلا من الحلول”.
الدواعش اليوم باتوا هم المشكلة سواء في وجودهم أومابعد رحيلهم وهومابات يطرح المزيد من الأسئلة العاجزة عن إيجاد حلول واقعية. ففيما يرى الكثيرون أن نسخا جديدة من داعش ستظهر تحت مسميات جديدة فإن آخرين يرون أن داعش سترحل وتترك مشاكلنا دون حل مما يدخلنا في دوامة الحديث عن المصالحة الوطنية مرة والمجتمعية أوالتسوية التاريخية مرة أخرى. وبين هذا وذاك فإن كل من يريد تصفية حساباته مع جهة أو طرف فإن التهمة التي باتت تناسب الجميع “داعشيين ومدعوشين” هي .. الداعشية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *