في بلد الخيرات 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر

في بلد الخيرات 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر
آخر تحديث:

بغداد/ شبكة أخبار العراق-  تقرير …تلبية لأحد أركان الدين ..قرر الحاج ابو ابراهيم توزيع مبلغ جيد كزكاة عن عمله التجاري المربح وقرر البحث عن عوائل معدمة تستحق هذا المبلغ .كان يتصور ان مهمته ستكون شاقة فلم ير او يسمع يوما عن حالات شديدة من الفقر في بلده العراق –بلد الخير – لأن كل من حوله يعمل هو او احد افراد عائلته والعمل مهما كان بسيطا فقد يسد حاجات العائلة المعيشية البسيطة ..ربما كان عمله التجاري وسفره المستمر إلى خارج العراق حاجزا بينه وبين أبناء مجتمعه الذين لم تعد تكفيهم الإعمال البسيطة ولا الرواتب الوظيفية لمواصلة السباق اليومي اللاهث لتوفير ابسط مستلزمات العيش الكريم ..لذا تطوع معارفه للبحث عن مثل هذه العوائل ولم تكن مهمتهم شاقة مطلقا بل عثروا على عوائل يفوق عددها ما رصده من مبلغ مالي .علي او (علاوي ) كما يطلق عليه موظفو إحدى الدوائر يعمل وفق عقد مع الدائرة لقاء مبلغ قدره (150 ) الف دينار ..علاوي معاق يجر ساقيه بصعوبة وينبطح على الارض حين ينظف الحمامات في مشهد يثير الشفقة كما انه متزوج ولديه طفلين ويعيش في حجرة يدفع عنها إيجارا يبلغ (100 ) ألف دينار ..هذا يعني ان كل ما يتبقى له هو (50 ) ألف دينار وهي لاتكفي حاليا كمصرف جيب شهري لطالب جامعي .يقول علاوي انه يحتار في تقسيم راتبه على الحاجات الأساسية من ماكل ومراجعات طبية في حالة مرض احد افراد أسرته وأجور نقل ..اما الملبس وخط المولدة وكل ماعدا ذلك فهي كماليات في نظره لذا تحتمل عائلته الجوع وحر الصيف والظلام لتمشية عجلة الحياة ولولا مساعدات الموظفين الشهرية البسيطة لما تمكن من إعالة عائلته .الأرملة فاطمة بدورها تسكن في ( بيتونه ) في منزل يملكه احد الميسورين ويؤجره لإحدى شركات الأدوية لتستخدمه كمذاخر ، اما فاطمة التي فقدت زوجها في حادث إرهابي فلم تجد أحدا من أهله او أهلها كمعين لها بعد فقدانه واضطرت الى البحث عن مكان يؤويها وأطفالها فوجدت بيتونة هذا الرجل الثري الذي منحها لها بلا مقابل لتغلقها بباب خشبي على اطفالها وهاهي تعيلهم منذ سنوات من تنظيف المنازل نهارا حتى أوصلت احد أبنائها إلى الجامعة ومازالت تحاول الحصول على راتب للأرامل لأنها لم تجد جثة لزوجها وهذا يحول دون حصولها على راتب ..من جهتها أشارت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي الى انخفاض مؤشر الفقر في البلاد إلى 18 في المئة بحسب المؤشرات الأولية، ، فيما يرى مراقبون وسياسيون ان نسبة الفقر في البلاد ثابتة وسياسة الحكومة لا تسير بشكل سليم باتجاه تقليل نسب الفقر.وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، إن “المؤشرات الأولية للمسح الذي نفذته الوزارة لخارطة الفقر في العراق لعام 2013 بينت انخفاض مؤشر الفقر إلى 18 في المئة، مقارنة بـ23 في المئة لعام 2007”.وأوضح الهنداوي أن “المسح الذي شمل 311 ألف عينة يعد الأكبر من نوعه في تاريخ العراق والمنطقة ..الخبير الاقتصادي الدكتور عامر الكبيسي يرى ” ان النسبة التي اعلنت عنها الوزارة غير دقيقة فلم يتغير اي شيء منذ عام 2007 ومازال اكثر من ربع سكان العراق يعانون من العيش تحت خط الفقر بل ساءت الأحوال اكثر بزيادة نسبة الأرامل والأيتام وارتفاع نسبة البطالة فضلا عن غياب الكهرباء وتردي الأوضاع الأمنية وانفتاح الحدود العراقية وارتفاع معدلات التضخم وهجرة الفلاحين الى المدن لذا صار لزاما على الحكومة ان تنتشل العراقيين من العيش تحت خط الفقر بتوزيع الثروات عليهم بشكل عادل وتوفير الحاجات الأساسية لهم خصوصا الغذائية والعلاجية منها .”.الخبيرة المصرفية هيفاء تعلق على اعلان رئيس الوزراء ببلوغ معدل الفرد العراقي الى ستة ملايين دينار بانه مبالغة لوجود إحصائيات تدل على ان حوالي خمس العراقيين يعيشون تحت خط الفقر ومناطق السكن العشوائية او ( التجاوز) كما يطلق عليها اكبر دليل على حاجة العديد من العوائل العراقية الى سقف حتى لو كان من صفيح والى خدمات غذائية وصحية وتعليمية واجتماعية وغير ذلك ، مشككة في تصريح رئيس الوزراء بأن العراق يشغل حاليا مكانة جيدة ضمن الدول التي تتمتع بنمو اقتصادي جيد وتوعز سبب استمرار الفقر وتزايده إلى عدم توزيع الثروات العراقية بشكل عادل رغم ارتفاع معدل إنتاج النفط سنويا فضلا عن نشوء طبقة جديدة من التجار الأثرياء بسبب انفتاح الحدود وتلاشي الطبقة المتوسطة فالعراقيين الآن اما ميسورين او محدودي الدخل او معدمين ولاوجود للطبقة المتوسطة ( المستورة ) التي كانت قادرة على العيش الكريم باكتفاء .يرى بعض خبراء الاقتصاد ان وضع الفرد العراقي الاقتصادي لن يتحسن مادامت السياسة المالية خاطئة اذ مقابل الاستغلال السيء للموارد الطبيعية والمعدنية والبشرية بما يخدم العملية الاقتصادية هناك فساد مالي واداري كبير فضلا عن ذهاب مبالغ ضخمة إلى دول أخرى اما لتسديد ديون لاتنتهي بسبب حروب خاسرة وللتبرع لدول مجاورة بمليارات الدولارات .ينبغي اذن البحث عن حلول لتخفيف الفقر في العراق والقضاء عليه كما ترى الدكتورة كوثر ابراهيم معاون مدير عام دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية داعية الى تفعيل دور شبكات الامان الاجتماعي لإشباع الحاجات الأساسية ( الغذاء ، السكن ، التعليم والعمل ) لدى الفرد العراقي وتمكين الإفراد وتوسيع خياراتهم الاقتصادية والاجتماعية وتامين تكافؤ الفرص والعمل نحو عدالة اجتماعية بين الافراد بمختلف الفئات الاجتماعية فضلا عن إشراك جميع المواطنين ومؤسساتهم المدنية والقطاع الاقتصادي الخاص مع الدولة كشركاء في صياغة وتنفيذ وادارة برامج السياسات العامة . ودعت ابراهيم أيضا إلى الاهتمام بشريحة الشباب وتوفير فرص العمل لهم كونهم أهم صمامات الأمان الاجتماعي من خلال برامج العمل والتدريب المهني والعمل على ضمان حد ادنى للتعليم لكل مواطن في العراق وتعزيز قيمة العمل والانتاج ودعم الاستقلالية في التفكير والموضوعية في التصرف والاهتمام بالناحية الصحية لشرائح المجتمع الفقيرة من خلال توفير الغذاء والدواء الملائم .الخبير الاقتصادي الدكتور عامرالكبيسي يرى الحل في تطوير الزراعة في العراق لأنها يمكن ان تمتص آلاف الأيدي العاملة خاصة وان نسبة الفقر والبطالة اكبر في الريف بعد تدهور الواقع الزراعي والأمني مطالبا الحكومة باتخاذ الإجراءات التي تعيد للزراعة أهميتها في العراق وتحد من استيراد المحاصيل الزراعية من الخارج ومؤكدا على ضرورة تشريع بعض القوانين التي من شأنها ان تسهم في تنمية الاقتصاد في جميع المحافظات ولكل شرائح المجتمع .لايحتاج العراقيون إذن إلى خطة خمسية لأنها لم تعمل على تقليص الفوارق بين مناطق الحضر والريف وإنشاء البنية التحتية وتأمين الخدمات الاجتماعية والوظائف كما تنص عليه بنودها بل يحتاجون إلى إجراءات حكومية تعمل على رفع مستواهم المعيشي وتوزيع معدلات دخلهم بشكل متساوي في زمن يمتص التضخم فيه كل دخل الفرد ويقود العديد من العراقيين إلى ما تحت خط الفقر .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *