في بيتِنا نخلة إسمُها كنطارْ بقلم مثنى الطبقجلي

في بيتِنا نخلة إسمُها كنطارْ بقلم مثنى الطبقجلي
آخر تحديث:

 

في بيتِنا نخلة إسمُها كنطارْ

بقلم: مثنى الطبقجلي

تحية واكبار لروح الشهيد محسن خضير العلواني .. تلك هديته التي لا زالت تورق سعفا وتعطي ثمرا قل مثيله .. اكتب له من دفاتر الذكريات..اعتذار..    يحار المرء في وصفها وأحارُ في قطفاها في عز النهار.. لانها نخلة مدللة ليست كالنخيل في الاسفار والاشعار ..هي بقامتها ..لاتسمح لاحد ان يقترب منها  مجاملا خادشا حياؤها .. يقتطف  من ثمارها  ما يشاء ،إلا في الابكار والاسحار قبل شروق الشمس وبعد مغربها ، ومن ياتها بغير هذه الاوقات تترك نواتها في عرانيصها المتدلية ذهبا  واثمار  .. تشكوا  هذا الغدار  الذي جاءها في عز النهار على حين غفلة من اهل الدار ..!! نخلتي هذه هي هدية اخي الصحفي  الشهيد محسن خضير.. ابو رسالة رحمه الله واكرم مثواه مع الشهداء .. كان قلما وعلما كحد المنشار . هي نخلة تسمى كنطار  قصتي معها بدات قبل اربعين عام ولازالت في حديقة الدار شامخة كأعز تذكار.. .. كنا في الزمن الجميل بواع.. وكالة الانباء العراقية ننظم بيننا سفرات ترويحية .. وعرض علينا رحمه الله ابو رسالة ..محسن خضير ان نكون بضيافة قرية البو علوان حيث دارهم ودور اعمامه  وهي قرية تغفوا على مشارف الحلة الفيحاء ..  كان البو علوان قد  جاءوا اليها من الانبار ..ولبينا دعوة الاجواد وعند المغربية قدم لنا والده الحاج خضير العلواني تمرا، كان من الذ ما دخل جوفي منه من ثمار النخل قاطبة .. وبخجل سالته : ما اسم هذه النخلة التي انجبت هذا التمر العجيب في مذاقه .. قال لي رحمه الله على الفور.. ابو رسالة:  انها نخلة تعد من النوادر اليوم اسمها الكنطار وهي في القمة من فصيلة الخستاوي الذي تبهج مرآه الانظار وتخلب الافئدة والابصار .. اصله من البصرة ام النخيل في العالم ..ولكنها اليوم امست نادرة .. ويا للعار..؟   كان حديثي معه مسترسلا حول الكنطار وطعمها واصلها وعمرها الذي تقذف به بالرطب والاثمار .. ولم نكد نكمل سهرتنا واذا بالحاج الوالد يقدم لي هدية لاتقدر بثمن .. هي ثلاث فسائل من اولادها.. سبحان الواحد القهار.. كانت ممدة ومحاطة كما يحاط الطفل عند ولادته بالادثار .. تلقفتها منه شاكرا منه هذا الكرم وحسن الاختيار ..     لكنه رحمه الله ويكرم مثواهما  في دار القرار ..قالا لي ان اردت حسن النتائج وخاتمة الانتظار ،فان عليك حينما تدفنها الى حدود سعيفاتها ،ان تسمي (بسم الرحمن )عليها فهي تكثر التسبيح باسم خالقها ..لانها عمتنا النخلة كما وصفها ووسمها سيد الخلق رسول المحبة والسلام نبينا الاكرم محمد رسول الله ..صلى الله عليه وسلم..    نصائح ابو رسالة   الشهيد محسن خضير ووالده  نفذتها دون  انتظار واخذت هذه الفسيلات امكنتها في حديقة الدار وجلست اعد لايام والسنين ُامني نفسي بتمرها الذهبي .. لكنها لم تنجب لنا ما اردناه ربما لاننا استعجلنا عليها ذلك،  ولربما ان للزمن ان ياخذ منها الرأي والقرار .. ومرت السنين عشر ..وطال الانتظار واتبعتها بخمس اخريات هي كانت عليً كلسعة النار .. وانا اترقبها وهي تكبر مثل اولادي لكنها فاقتهم طولا وقامة وظفائر .. اسميت الاولى انتصار والثانية جلنار اما الثالثة فقد اهديتها لصديق مع قائمة من النصائح .. لازلت احمل معي  من اخي وصديقي وزميلي في واع الشهيدة اجمل تذكار من ابو رسالة الذي اغتالته عصابات الباطل وطلقات الزمن الغدار  بعد الغزو ،لانه ظل صوتا وطنيا ، اعاد لمجلة الف باء هيكليتها  وألقها ..بعدما غدر بها الغادرون في وضح النهار .. استشهد ابي رسالة هذا الرجل الطيب البعثي الملتزم ذو القلب الكبير الذي لم تخدعه كل الافكار وبقي صلبا جلدا يحارب بقلمه البتار  يا ويل العدو الثار من ثورة الاحرار .. ذهب ابو رسالة مع قافلة  شهداء الصحافة  الى دار حقه مكلللا بالازهار .. اسماؤهم وكلماتهم كانت تقتلهم  بعد مؤامرة تفجير مرقدي الامامين العسكري والهادي عليهما السلام .. وبقيت النخلة كنطار .. لان ابو رسالة وصحبه الاخيار ممن اختارو طريق الشهادة ورفض هذا العار .. لازالوا في الذاكرة هم صوت الحرية والاشتراكية والوحدة .. شعار  كل الاحرار ..ومرت السنون على انتصار وأختها جلنار وليس هناك من علامات  حمل  تزيل عنا تعب تلك الاسفار ..  وسالت كثيرا عما اصابهما ونصحني بعض الاخوة ان اضع لهما سمادا حيوانيا اغطيه وادثرهما  بورق الاشجار  وافتح لها كوة للشمس تلامس سعيفاتها … لكي تتنفس هواء الحرية ..وهذا شعار كل الاحرار…ولانني لا املك ذلك الوقت ولا اتقن لعبة الحفر والحفار..؟  صادف ان مر من شارعنا  فلاحا مصريا من الاخوة بتاع كلو  وما اكثرهم في ذلك الوقت ،واخبرته بما نُصحت به .. ان يحفر لها مسافة معينة من حولها لكي اضع بنفسي دوائها ومن ثم تركته يتعامل معها ظنا مني انه حريص وفلاح وليس جزار.. وبعد اقل من نصف ساعة( لعب الفار في عبي منه)؟؟  وانا اراقبه بمنظار فاذا به يهزها هزا بيده حتى كاد يقتلعها ،بعدما ازال  من حولها التراب بالاشبار.. سالته ماذا تفعل يابهيمة الاقدار هل طلبت منك ان تخلعها ام قلت لك ارأف بها عند حفرك يا حفار .. انها الكنطار ..اجابني قائلا:  يا بيه ..هذه النخلة يجب ان تخوفها بالقلع حتى تطرح الاثمار وانا فعلتها لك عن تجربة ..!! والان يبتدأ دورك في دفع الاسعار…هههه..سلمته الاياغ كاملا ..واكثر  وغطيتها  وعدنا الى دائرة جوازت الانتظار ..وكان الوقت في شهر شباط  ثمانيني حيث بدات الازهار تتفتح وقداح النارنج يملئ بشذاه الجوار ..وظللت اراقب يوميا قلبها بين الغيوم والسعف المدلى  لانتصار وجلنار ،وفي يوم لا اذكره رايت خنجرا اخضرا يخرج من غمدها يرسم النصر يا محلى النصر بعون الله ..انها انتصار وثنت عليه وثلثت وتوقفت وقبلنا  بما كتبته الاقدار .. نخلتاي الكنطار واحدة منهما دفعت بحملها لان حمادة المصري اخافها  بخرافاته..فاستجابت اما اختها جلنجار فهي لليوم باقية عذراء بلا رطب تصارع الوجود بين الاشجار ,اما انتصار فقد قذفت لنا من حملها ثلاث من الذ ما ذقته تمرا لايقف امامها تمر الا باكيا اما جمال ومذاق تمرها ،في خصافة الانتظار ..وبعدها صار الحبل على الجرار صار الامر معها عشرات العناقيد تالله ما اروعها طعما وتالله انها  سيدة الشجر ، لا اراها واتذوق تمرها  إلا وترحمت على الحاج خضير العلواني وابنه الشهيد محسن خضير ابي رسالة..وهما  صاحبي الكنطار ..ولا زلت للآن رغم البعد عنها  والمسافات اوصي بها خيرا فهي خير نخلة انجبتها العراق ام الامصار ..هذا العراق كله  لاتعجبني نخلة سواها ،كلما اتمعن سعفها اتذكر ابي رسالة  صديقنا الذي غدر به الزمن الغدار .. رسالتي له رسالة اعتذار كيف للموت ان ياخذك منا عزيز قوم  ا ونحن بعيدون عنك لم نشارك في جنازة او تدوين الاشعار.. معذرة ابو رسالة ..انك لازلت امامي بقامتك وكلماتك ومقالاتك في  الف باء وواع  الشهيدة  لانك ..تبقى  شامخا كهذه النخلة الكنطار 

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *