اذا كان القانون في السياسة وعلم التشريع هو عبارة عن مجموعة قواعد التصرف التي من خلالها يتم إجازة وتحديد حدود الحقوق والعلاقات بين الناس والمؤسسات ، بالإضافة إلى العلاقة التبادلية بين الدولة والأفراد؛ وتحديد العقوبات للأشخاص الذين يخالفون تلك القواعد. فانه يعد وفق هذا المعنى من أهم وسائل الضبط الاجتماعي بل هو الوسيلة الأساسية التي تعتمد عليها اجهزة الدولة في ضبط سلوك أفراد المجتمع ، ويرى الباحث الامريكي روسكو باوند: إن القانون هو علم الهندسة الاجتماعية الذي يتحقق من خلاله تنظيم العلاقات الإنسانية في المجتمع المنظم سياسيا أو الضبط الاجتماعي عن طريق الاستخدام المنهجي المطرد لقوة المجتمع المنظم سياسيا. فالقانون إذن يقوم بدور أساسي في حفظ الاستقرار عن طريق تحقيق العدالة وتوفير الامن والحرية عبر الالتزام بالنظام والقواعد التي تصدر عن السلطات المختصة.
وما يهمنا من كل ما تقدم ، هو الفقرة الاخيرة في الغاية من القانون والتي تتمثل في تحقيق العدالة وتوفير الامن والحرية ، وما اقره مجلس النواب مؤخرا من قانون لانتخابات مجالس المحافظات لا يحقق العدالة المرجوة من القانون عامة ومن قانون الانتخابات خاصة وبالذات في وصول الفائز بأكبر عدد من الأصوات الى مجالس المحافظات القادمة… فسانت ليغو الاصلي او المعدل على قياس الكتل الكبيرة اصبح نظام غير مجدي خصوصا بعد تجربته الفاشلة لأكثر من مرة ، فكيف يقره البرلمان مرة اخرى وهو فاشل ويحمل من العيوب ما اتعب الباحثين والمحللين وحتى المرشحين؟؟.
ان الحقائق التي يجب ان لا تغيب عن الجميع ، هو تدني نسب المشاركة اولا؛ في الانتخابات الماضية الى نحو خطير ، وهو ما يحمل عدم رضا الناخب عن مجمل العملية الديمقراطية او عدم تحقيق القانون الانتخابي لتطلعات الناخب في وصول من يريد. وفشل نظام سانت ليغو المعدل ثانيا؛ في تحقيق العدالة المرجوة من القانون بالنسبة لعدد كبير من المرشحين في الانتخابات السابقة. وابتعاد البرلمان ثالثا؛ بإقراره لهذا القانون عن تطلعات ممثليه ومطالبهم والانصياع لرغبات الكتل السياسية ، مما يؤدي الى القطيعة بين النواب وجمهورهم والكتل ومؤيديها من الناخبين على حد سواء ، وبالتالي الى فقدان الثقة بالانتخابات القادمة مما يخل بمبدأ (لا ديمقراطية بدون مشاركة) ، ويؤدي الى الالتفاف على الحرية الممنوحة للناخب امام صناديق الاقتراع.
عليه فان الاستئثار بالسلطة وتطويع القانون لصالح التمسك بها لن يخدم أحدا ولن يخدم الاستقرار ويضر بالبرلمان الذي اقره وبالعلاقة بين الساسة والجمهور وبالثقة بمستقبل الديمقراطية في العراق ، وهو امر يحتاج الى الكثير من المراجعة لان اقرار قانون انتخابي وحده لا يكفي اذا لم يكن عادلا ويحقق الغاية المرجوة من تشريعه.