فلاح المشعل
تعطي العمليات الحربية المتسارعة نتائج ميدانية تؤكد ان ايام ” داعش” باتت معدودة ، كما اشار وزير الخارجية الأمريكي اخيرا ً، وعملية تحرير الرمادي وسنجار في زمن قياسي ، واشتغال طيران التحالف على قطع طريق الإمداد بين سوريا والموصل عبر البعاج ، بعد تحرير سنجار ، تؤكد بأن هزيمة ” داعش ” ونهاية وجودها في العراق باتت أمر واقع ، وربما ندخل العام الجديد في عراق بلا ” داعش ” ، لكنه مهدد بأخطر منها وأصعب .
وجود ” داعش ” كونها العدو المشترك لكل العراقيين ( شيعة، سنة، اكراد) ، جمد الكثير من الخلافات والمشاكل ووحد المصير والجهود في مواجهة خطر ” داعش ” .
زوال العدو المشترك سيفتح الكثير من الجراح المخبوءة والمتشكلة خلال سنة ونصف من الهيمنة الإجرامية ل”داعش” ومخزون الجرائم والمآسي التي حصلت ، العداوات الدينية والطائفية والمناطقية ، كما سيفتح روح التسابق للهيمنة والإستحواذ على المناطق والمدن المختلطة قوميا ً ودينيا ً وطائفيا ً ، وقد وجدنا مقدمات هذه الألغام الخطرة تتفجر في موضوع رفع علم كردستان في سنجار والإعتداء على العرب من قبل عصابات ايزيدية ومعارك (طوز خرماتو ) بين التركمان والكرد ودخول الحشد على خط المعركة .
الإختلافات والصراعات الموروثة ، وماتستبطن من إشكاليات واحقاد سوف تفجر خصومات ومعارك تهدد وجود العراق برمته ، وتطلق الشهية لمعارك مفتوحة على مستقبل غير معلوم وكوارث بلا حدود ، خصوصا ً ان إرادات ودوافع العديد من دول الجوار العراقي تشجع وتدفع بهذا الإتجاه ، كما وجدنا هذا بالخلاف الكردي – الكردي ، والعربي – العربي ، والعربي – الكردي وغيرها من محاور صراع قابلة للتشكل بسرعة .
اعتقد ان الإرادة السياسية لزعماء الأحزاب والكتل السياسية وزعماء المكونات والمرجعيات الرشيدة ، بأمكانهم قراءة مانشير اليه بجلاء تام ، ويبادروا الى وثيقة عهد واتفاق وطني تشترك به كل الجهات والمعنية ، ووضع خطة عمل وآليات بإدارة المناطق المحررة ، ومعالجة المنكوبة منها ، وعدم استخدام السلاح إلا من قبل اجهزة الدولة الأمنية ، او من تخوله .
اما عائدية المناطق والمدن وهويتها القومية فيمكن في وقت لاحق يصار الى عقد مؤتمر وطني تحضر فيه الوثائق والقواعد الدستورية وباشراف أممي لفض هذه القضايا العالقة في إطار مفهوم وطني يقدم مصلحة المواطنين والوطن المشترك .
ينبغي ان تبادر القوى السياسية لهذه الخطوة الإستباقية قبل فوات الأوان ، ولكي لانصبح صومال ثانية ، ويضيع كل شيء ، بل تعود ” داعش ” للسيطرة ومصادرة العراق بطرق أبشع مما سبق .
اللهم أني قد بلغت .
الله فاشهد .