كان التشنج غالبا في مواقف الذين إنتقدوا السيد مقتدى الصدر من الأزمة الأخيرة على خلفية التظاهرات في محافظتي الموصل والأنبار , وكان السؤال : هل تعتقد بصحة رأي طرحه أحد المحللين في مركز القرار السياسي للدراسات الإستراتيجية ،بأن السيد مقتدى الصدر وبرغم ماتعرض له من ضغوط، وماتعرضت له شعبيته من ضغط أيضا في بعض الأوساط،قد نجح بتحويل التظاهرات والإحتجاجات في المحافظات السنية من بداية لصراع طائفي ،الى مشكلة ومطالبات قابلة لتتحقق بشكل أو بآخر،ويترتب على الحكومة والجهات المختصة تلبيتها ،وبالتالي جنب البلاد صداما طائفيا كاد أن يودي بالعراق ،ويذهب به الى مجهول غير محمود ؟
كان هذا السؤال قد وجه لمجموعة كبيرة من المثقفين الذين أتيحيت لهم فرصة جيدة لقراءة متأنية للأحداث، والتحليل الموضوعي لقرارات ومواقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في أغلب المناسبات التي كانت المواجهة على أشدها في الجانب السياسي ،وعلى صعيد الإحتقان الشعبي فيما تعلق بوضع الطوائف الدينية في العراق.
من المؤكد إن حكومة السيد المالكي تعرضت لضغط شديد نتيجة التظاهرات التي إندلعت في بعض المناطق والمدن العراقية للمطالبة بإطلاق سجناء ،وتغيير المسار في سياسة الدولة العامة،وكان السؤال في حينه ،ماذا لو وقف السيد مقتدى الصدر الى جانب رئيس الحكومة العراقية، وإنتهج طريق التشدد ؟هل سيتراجع المتظاهرون أم إنهم سيلجأون الى أسلوب آخر للتصعيد ،وربما العمل الجدي مع دول كقطر وتركيا وبلدان في الخليج للحصول على دعم كبير من حكومات تلك البلدان بدعوى الإضطهاد الديني الذي يتعرض له مواطنون عراقيون ؟مواقف وبيانات السيد الصدر كانت تصب في صالح التهدئة لأنها أبقت السنة العراقيين في دائرة الإحتجاج المحلي حتى لو خرجت أصوات ضعيفة تتحدث عن التدخل التركي والكردي لدعم التظاهرات، أو للزحف الى العاصمة بغداد،وحشد الأصوات الطائفية التي تقود الى مصاعب جمة لاترحب بها الحكومة حتى وإن كانت قادرة الى حد ما في تجاوزها، والتعامل معها بطريقة تحت عنوان معين .
يقرأ البعض مواقف السيد مقتدى الصدر ،إنها نوع من التهدئة، وطريقة ذكية لن تؤذي المالكي كثيرا حتى لو أحرجته وأحرجت الشيعة نوعا ما لأنها ستجنب الشيعة ثمنا ما في حال حدث صدام طائفي لن يكون السنة في منأى عنه ،وربما كانوا خاسرين فيه أيضا ،وهي رسالة للسنة مؤداها ،إنكم تستطيعون أن تحصلوا على حقوقكم دون الحاجة لرفع شعارات تعبوية ،ودون أن تستعينوا ببلدان أخرى .فلدينا الكثير من الأساليب والطرق والمعالجات التي تجعلنا في قدرة عالية على تلبية كل المتطلبات.
ويرى آخرون إن سياسة المالكي التي إتسمت بالمناورة ،وعدم التسرع ،أو الإصطدام بالمتظاهرين ،عدا عن مواقف إمتصاص الغضب السني من قبل السيد الصدر كانت كافية لظهور بوادر تهدئة، وقيام المتظاهرين بتشكيل لجان ،وبدء حراك مختلف من نخب دينية وعشائرية تدعو للتفاوض مع الحكومة، وكذلك السعي للعمل مع اللجان الحكومية ،ولجان الحكماء لمعرفة المدى الذي يمكن أن يتحقق من تلك المطالبات ،وهو مايشير الى فرص حقيقية للحل الذي بات قريبا أكثر ..
هل علينا أن نهدأ أكثر في قراءة مواقف الصدر دون التسرع في إطلاق الأحكام ..