كتابة عن الكتابة

باقر صاحب
متابعة الكاتب والمثقف لما يستجد من كتابات تصب في عالم الكتابة وحدها، كمثل فضول المحترف في معرفة ما استجد في عالم حرفته..فمن الأهمية أن نستكشف   تجارب كتاب عالميين في الكتابة، خلاصاتهم  في.. لماذا نكتب، وماذا تكتب وكيف تكتب، طقوس الكتابة، ما يمكننا من معرفة موطئ أقدامنا في عالم الكتابة، وأهمية أن تكون لنا خلاصاتنا في تلك التفاصيل المذكورة، أي كتابة عن الكتابة ذاتها بوصفها إنتاج معرفة وكلمة  مبدعة، بوصفها لذة، وحضورا ذاتيا مغايرا للمألوف. فيه إفادة للقراء وهداية لهم، حينما يجدون مرايا شخصياتهم وتفاصيل حياتهم، في نسيج روائي مثلا، اتقن الكاتب في نسجه، فيعجب القراء، وقد التقوا ذواتهم، وارتوت أذهانهم بمياه المعرفة عن أنفسهم. تصف الروائية التركية أليف شافاق الروائي بأنه كالمزارع الذي يكد في أرضه ليلا ونهارا موصولين بأشهر وسنوات، لكي يصبح ما أنبته بذرة شجرة كاملة فتقول: “عليك أن تؤمن بأن بذرة الحكاية التي زرعتها في وادي عقلك -إذا منحت الفرصة المناسبة للنمو- ستصبح في المستقبل القريب أو البعيد شجرة حاملة لفاكهة سحرية. عليك أن تؤمن بأن الحكاية التي تعمل عليها يوما بعد يوم، لشهور أو سنوات، ستصل-يومًا ما- لأشخاص لم تلتق بهم من قبل، وربما لن تلتقيهم أبدًا”.تأكيدها على الإيمان، نراه ملازما أو نظيرا لإرادة الكاتب في أن يمضي في مغامرته الخيالية إلى أبعد حد، لكن الإيمان ليس أحاديا هنا، كي يمضي الكاتب في تحقيق ما يرتجيه من دون عوائق، فتضع شافاق الشك مقابلا له:” سوف تشكك وتسأل وتتحدى نفسك مع كل خطوة تخطوها في طريق الكتابة “.وهو ما ينبغي أن  يحصل في رحلتنا في عالم الكتابة، المراجعة الدقيقة في ما أنجزنا، ووضع التصورات والآليات الجديدة لما هو قادم.أليف شافاق بوصفها كاتبة مشهورة تتحدث في مقالها “كتابة الرواية فعل إيماني” المنشور في موقع “تكوين” الذي يعنى بالكتابة الابداعية، ترجمة: آية عدنان آغا، عن آليات لا تنطبق علينا نحن الكتاب المساكين، تتحدث عن  أن رحلتها مع الكتاب تنتهي بوضع آخر عبارة فيه فتقول: “ يصبح النص جاهزًا فتسلمه لمدير أعمالك، الذي سيرسله بدوره إلى المحرر. ومن بعيد، ستشاهد قصتك وهي تشق طريقها بنفسها، سوف يكون لها رحلتها الخاصة، ولن تكون أنت المسؤول عن قدرها بعد الآن”.أما نحن هنا، فطريق مسؤوليتنا طويلة جدا، تبدأ من ألف الكتابة ولاتنتهي بياء النشر والترويج على حسابنا الخاص الذي يقتضي الدفع للناشر، حينها تقف أمامك معادلة صعبة تثير سللة تساؤلات؛ هل عليك التضحية بثمن كبير، استحصلته بعرق جبينك، من أجل نشر مخطوطتك، هل عليك التضحية  بقوتك وقوت عائلتك…؟!.