مناقب العرب كثيرة ، والجودة والكرم احدهن ، فإذا ذكر اسم حاتم الطائي في مجلس أو محافل ، فان لحم خيله ونار خيمته عنوان لذلك ، وإذا أردت إن ترى صورة أخرى ، فان الأحزاب اليوم تضاهي الطائي في كرمه لكن لعناوين أخرى 0
في ظل ما تعاني الحكومة من ضائقة مالية خانكة ، وما خلفت من مشاكل لا تعد ولا تحصى في شتى المجالات ، وعطلت المشاريع العديدة ، وحالنا يرثى لها في مستوى الخدمات مع وجود الميزانيات الانفجارية ، لتكون النتيجة الاقتراض الخارجي مع فوائده ، وعجز بلغ المليارات في الموازنة العامة ، لنشهد مرحلة حرجة للغاية 0
وكما يعلم الجميع إن متطلبات العملية الانتخابية والدعائية لها ، تستوجب أموال ضخمة لصرفها ، وما نشاهده من الأحزاب في الباب متحقق وبدون مشاكل تذكر , لا ديوان و لا اقتراض داخلي أو خارجي ، ولم نسمع أو نشاهد هكذا أمر وهي ليست أول مرة تكون القضية على هذا النحو ، ليتم إنفاق الملايين من الأموال على الدعائية الانتخابية لكتل أو الحزب الواحدة ، ليكون المبلغ الإجمالي لكل الكتل قد يتجاوز ميزانية البلد أو أكثر 0
ولسنا هنا جهة رقابية أو منظمة مجتمع مدني لنحاسب الأحزاب ، ونسألها السؤال الذي لا مفر منه ، من أين لكم هذه ، لان ما نعرف جميعا ، إن اغلب أحزابنا الموجودة في الساحة اليوم ، ليس لها موارد اقتصادية معلومة ، لتغطي تكاليف ومصاريف حملاتها الانتخابية ، من شراء مواد ومستلزمات ضرورية ، وإقامة المؤتمرات والندوات ، وغيرها من الأنشطة الأخرى 0
وراتب كوادرها المستمر ، ومن يستوجب حضورهم كمراقبين يوم الانتخابات ، الذي يبلغ عددهم على النحو الإجمالي لكل الكتل ، مليون شخص أو أكثر ، ونفقات أخرى قد تكون غير معلومة
غاية الأحزاب المنشودة هي السلطة والنفوذ ، والبقاء في قمة الهرم الحكومي ، وما ينبغي عليها إن يكون تستعد للمعركة الانتخابية ، فيكون كرمها وجودها حاضر ، ونسال سؤالنا والذي هو غايتنا من الحديث ، ماذا لو كان هذا الكرم والجود في باب اخر
ولكي يتضح حديثنا أكثر ، المليارات التي تنفق على الدعائية الانتخابية ، لو حولت إلى مشاريع تخدم الناس ، من إنشاء مصانع أو معامل ، وغيرها من المشاريع الأخرى ، أو حتى تشغيل ما يمتلك البلد من المصانع أو المعامل ، حجم المنافع المتحقق للكل كيف ستكون ، مع عجز الحكومة وفشلها المقصود
قد يعترض علينا الكثيرين ، ويقول هذا المشاريع بحاجة أموال طائلة ، وما تملكه الأحزاب لا يكفي ، ولديها ارتباطات لا يمكن صرف كل أموالها
ليكون ردنا ولو إقامة منه ما يمكن ، مشاريع صغيره أو اكبر منها ، لان خطوة إلف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، لكن ما خفي كان أعظم ، ومنذ تسلم هذه الأحزاب السلطة ، بدء البلد يسير نحو الهاوية المجهولة ، وكل مشاريعهم ودعواتهم وخطاباتهم تخدم مصالحهم الحزبية ، ومصلحة البلد وأهله ، ليست في حساباتهم مطلقا ، ولو كانت كذلك ما كان هذا حالنا
إن لكرم الطائي وجوده بقيت مفخرة عبر التاريخ ، ومن يكرم اليوم سيبقى مدى الدهر عنوان للكرم والجود لكن في مسميات أخرى يعرفها الجميع